ليس من الشطط القول بأننا قوم لا نتقن صناعة الفرح، انظر إلى مراسيم الزواج عندنا (والزواج هو قمة الفرح في مسيرة كل إنسان بل إننا نسمي حفل الزواج «الفرح»).. في معظم الدول العربية تشهد حفلاً للزواج، فتحسب أنك وقعت في كمين نصبه تنظيم «القاعدة» لبلاد الرافدين لنفر من جند العلوج: طاااخ.. طراااخ.. بوووم باااام، إطلاق نار مكثف من الجهة الجنوبية يتصدى له مقاتلون أشاوس من ناحية الشمال.. وانظر هذا فتى يافع لم يتجاوز التاسعة يحمل مسدسا ويطلق النار بكفاءة عالية!! ماذا تقول في قوم يستخدمون الذخيرة الحية للتعبير عن «الفرح»؟ ويحتفلون بمقدم الربيع بتناول أسماك محنطة منذ عصر رمسيس الثاني؟ «أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا/ من الحسن حتى كاد أن يتكلما»، بيت من الشعر يضفي المزيد من البهاء على الربيع البهي أصلا، ولكننا جعلناه: أتاني الفسيخ الزِّفر يختال ضاحكا/ من الزفت حتى كدتُ أن أتبكما! الكريسماس الذي يسميه البعض عيد ميلاد المسيح لا علاقة له البتة بالمسيح، والمسيحيون يعرفون ذلك، ولكنهم جعلوا منه يوما للم شمل العائلات والفرفشة والسمر وتبادل الهدايا.. وبالمقابل فقد صرنا تدريجيا نتخلص من المظاهر البسيطة للفرح في أعيادنا، ولم نعد نتزاور ونجتمع في بيوت معينة.. لا وقت لكل ذلك... تكتب مسجا/رسالة واحدة على الهاتف الجوال وترسلها الى كل من كان ينبغي عليك زيارتهم ومشاركتهم فرحة العيد، وتقول لنفسك «عملت الواجب» وكأن المعايدة واجب مدرسي ثقيل على النفس.