يخطئ من يعمم أن هناك علاقة وثيقة بين الديموقراطية والاستقرار السياسي. بل من الممكن الجدل أن الديمقراطية أحد مسببات عدم الاستقرار السياسي، حتى في المجتمعات العريقة ديمقراطيا. أولا: نبدأ بتعريف الاستقرار السياسي. الاستقرار السياسي هو: قدرة الحكومة أو النخبة الحاكمة على البقاء في الحكم المدة المحددة لها في الدستور. أما الديمقراطية فهي التداول السلمي للسلطة بين نخب سياسية متصارعة، تحتكم للإرادة العامة في بقائها وخروجها من السلطة.
في دول الديمقراطيات العريقة التي تأخذ بنظام تعدد الأحزاب، حيث تشكل الحكومة غالبا من ائتلاف حزبي يشارك بصورة تضامنية في الحكم، نادرا ما يبقى في السلطة الفترة المحددة له في الدستور. هذا الشكل من أشكال عدم الاستقرار عرفت به الكثير من الدول الأوربية التي تأخذ بالنظام البرلماني، مثل إيطاليا واليونان وقبل تحول تركيا إلى نظام الحزب الواحد المنافس في عهد حزب العدالة والتنمية منذ بداية الألفية الحالية، وإسرائيل حتى سيطرة الأحزاب اليمينية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وغير هذه من الأنظمة البرلمانية في الديمقراطيات الغربية، التي تأخذ بالنظام البرلماني. ومن هذا جرى في أدبيات علم السياسة أن الأنظمة الرئاسية، بصورة عامة، أكثر استقرارا من الأنظمة البرلمانية.
فدعك من الجزم، إذن، بأن الديمقراطية هي الترياق السياسي الذي تحتاجه دول العالم الثالث علاجا لتخلفها وعدم استقرارها واستبداد النخب الحاكمة بها. هذا لا يعني أن الديمقراطية ليست مناسبة لمجتمعات هذه الدول، بل إن التحول الديمقراطي في هذه المجتمعات يحتاج إلى عزيمة ومضاء ووعي لتحمل تكلفة التحول الديمقراطي في تلك المجتمعات التي ليس من الضروري أن يتناسب وموارد الكثير منها.
ولكن ما الذي يجعل مجتمعا مستقرا، حتى ولو لم يكن ديمقراطيا ومجتمعا آخر ديمقراطيا إلا أنه يعاني من عدم الاستقرار. أولا: المؤسساتية. كلما اقترب نظام الحكم في مجتمع ما إلى المؤسساتية، كان هذا مؤشرا للاستقرار السياسي، والعكس صحيح. المؤسساتية تعني: أن صناعة القرار السياسي في مجتمع ما تحكمه آليات مؤسساتية تأخذ بنظام الفصل بين السلطات، واحترام سلطة القانون والبعد عن شخصنة عملية صناعة القرار كلما اقترب ذلك النظام السياسي من حالة الاستقرار، حتى ولو لم يكن ديمقراطيا. ثانيا: ليس فقط المؤسساتية هنا ما يجعل النظام السياسي مستقرا، بل أيضاً: مدى فاعلية وكفاءة النظام السياسي في الاستجابة لمتطلبات البيئتين الداخلية والخارجية، عن طريق حسن استخدام موارده المتاحة لمواجهة الضغوط التي تأتيه من محيط تينك البيئتين. كلما كان النظام مرنا في استخدام موارده المتاحة سواء كانت كمية (تعليم، صحة، رعاية اجتماعية، خدمات بلدية.... إلخ) أو معيارية (حرية، عدالة، مساواة، مشاركة سياسية... إلخ) في التعامل من تلك الضغوط الداخلية والخارجية، كلما كان ذلك أدعى لاستقراره، حتى ولو لم يكن بالضرورة ديمقراطيا.
قد تكون الأنظمة الديمقراطية أقرب لأن تكون مؤسساتها السياسية أكثر كفاءة وفاعلية في القدرة على استخدام موارد النظام السياسي في ترسيخ حالة الاستقرار السياسي في مجتمع ما، لكن الديمقراطية وحدها ليست كفيلة بذلك، بدليل عدم استقرار الكثير من الأنظمة البرلمانية في دول الغرب، وسوء حالة عدم الاستقرار السياسي في كثير من مجتمعات العالم الثالث التي لجأت إلى العنف لتحقيق التحول الديمقراطي.
طالما أن النظام السياسي قادر على التعامل بفاعلية وكفاءة، من خلال مؤسساته السياسية، مع مدخلات بيئته الداخلية والخارجية، فإنه يكون أقرب لحالة الاستقرار، دون ما حاجة ليعد أيدلوجيا وحركيا، محسوبا على الأنظمة الديمقراطية، ولو بصورة مؤقتة. في المقابل: النظام السياسي الذي يعجز عن استغلال موارده المادية والكمية، في مواجهة ضغوط البيئتين الداخلية والخارجية، فإنه سيعاني من عدم الاستقرار، حتى ولو كان يعد شكليا ديمقراطيا.
في دول الديمقراطيات العريقة التي تأخذ بنظام تعدد الأحزاب، حيث تشكل الحكومة غالبا من ائتلاف حزبي يشارك بصورة تضامنية في الحكم، نادرا ما يبقى في السلطة الفترة المحددة له في الدستور. هذا الشكل من أشكال عدم الاستقرار عرفت به الكثير من الدول الأوربية التي تأخذ بالنظام البرلماني، مثل إيطاليا واليونان وقبل تحول تركيا إلى نظام الحزب الواحد المنافس في عهد حزب العدالة والتنمية منذ بداية الألفية الحالية، وإسرائيل حتى سيطرة الأحزاب اليمينية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وغير هذه من الأنظمة البرلمانية في الديمقراطيات الغربية، التي تأخذ بالنظام البرلماني. ومن هذا جرى في أدبيات علم السياسة أن الأنظمة الرئاسية، بصورة عامة، أكثر استقرارا من الأنظمة البرلمانية.
فدعك من الجزم، إذن، بأن الديمقراطية هي الترياق السياسي الذي تحتاجه دول العالم الثالث علاجا لتخلفها وعدم استقرارها واستبداد النخب الحاكمة بها. هذا لا يعني أن الديمقراطية ليست مناسبة لمجتمعات هذه الدول، بل إن التحول الديمقراطي في هذه المجتمعات يحتاج إلى عزيمة ومضاء ووعي لتحمل تكلفة التحول الديمقراطي في تلك المجتمعات التي ليس من الضروري أن يتناسب وموارد الكثير منها.
ولكن ما الذي يجعل مجتمعا مستقرا، حتى ولو لم يكن ديمقراطيا ومجتمعا آخر ديمقراطيا إلا أنه يعاني من عدم الاستقرار. أولا: المؤسساتية. كلما اقترب نظام الحكم في مجتمع ما إلى المؤسساتية، كان هذا مؤشرا للاستقرار السياسي، والعكس صحيح. المؤسساتية تعني: أن صناعة القرار السياسي في مجتمع ما تحكمه آليات مؤسساتية تأخذ بنظام الفصل بين السلطات، واحترام سلطة القانون والبعد عن شخصنة عملية صناعة القرار كلما اقترب ذلك النظام السياسي من حالة الاستقرار، حتى ولو لم يكن ديمقراطيا. ثانيا: ليس فقط المؤسساتية هنا ما يجعل النظام السياسي مستقرا، بل أيضاً: مدى فاعلية وكفاءة النظام السياسي في الاستجابة لمتطلبات البيئتين الداخلية والخارجية، عن طريق حسن استخدام موارده المتاحة لمواجهة الضغوط التي تأتيه من محيط تينك البيئتين. كلما كان النظام مرنا في استخدام موارده المتاحة سواء كانت كمية (تعليم، صحة، رعاية اجتماعية، خدمات بلدية.... إلخ) أو معيارية (حرية، عدالة، مساواة، مشاركة سياسية... إلخ) في التعامل من تلك الضغوط الداخلية والخارجية، كلما كان ذلك أدعى لاستقراره، حتى ولو لم يكن بالضرورة ديمقراطيا.
قد تكون الأنظمة الديمقراطية أقرب لأن تكون مؤسساتها السياسية أكثر كفاءة وفاعلية في القدرة على استخدام موارد النظام السياسي في ترسيخ حالة الاستقرار السياسي في مجتمع ما، لكن الديمقراطية وحدها ليست كفيلة بذلك، بدليل عدم استقرار الكثير من الأنظمة البرلمانية في دول الغرب، وسوء حالة عدم الاستقرار السياسي في كثير من مجتمعات العالم الثالث التي لجأت إلى العنف لتحقيق التحول الديمقراطي.
طالما أن النظام السياسي قادر على التعامل بفاعلية وكفاءة، من خلال مؤسساته السياسية، مع مدخلات بيئته الداخلية والخارجية، فإنه يكون أقرب لحالة الاستقرار، دون ما حاجة ليعد أيدلوجيا وحركيا، محسوبا على الأنظمة الديمقراطية، ولو بصورة مؤقتة. في المقابل: النظام السياسي الذي يعجز عن استغلال موارده المادية والكمية، في مواجهة ضغوط البيئتين الداخلية والخارجية، فإنه سيعاني من عدم الاستقرار، حتى ولو كان يعد شكليا ديمقراطيا.