كشفنا في الحلقات الاربع من هذا الملف عن «السحرة والمشعوذين» واساليبهم في خداع الناس والايقاع بضحاياهم مستخدمين في ذلك كل ما يخطر وما
لا يخطر على البال من طرق ووسائل الدجل فمن «التيس الاحمر» الى اصطياد الموهومين بالطلاسم والمباخر الى العلاج بالانترنت. وتعرفنا خلال تلك الحلقات على
نماذج من حيل النصب والاحتيال التي يستخدمها هؤلاء للاستيلاء على احوال الناس حتى ان احدهم زوج سعودياً «جنية» ولهف مليون ريال اشترطها لمهرها. ووقفنا
على مشعوذين يصطادون ضحاياهم من مختلف فئات المجتمع وشرائحه بما في ذلك رجال اعمال وحملة دكتوراه بواسطة دماء الدجاج والزئبق الاحمر، فيما كان هناك نصاب يدعي قدرته على تأمين الوظائف وزائرة تتخصص للهوامير والمسؤولين وآخرون تخصصوا في الحياة الزوجية والانجاب والسيطرة على الازواج.ورأينا كثيراً من الخزعبلات والطلبات التعجيزية كأن يطلب الساحر من احدهم فأراً يتيماً او قرداً اعمى وقد يطلب اثراً كثوب او ملابس داخلية او مشط او اظافر او شعر او صورة وغيرها
من الخزعبلات التي ما انزل الله بها من سلطان ثم تجدهم يكتبون الطلاسم والرموز والحروف والارقام والمربعات والدوائر واعطاء الزبون الضحية «حجاباً» او اشياء
يدفنها تحت الارض او مادة يذيبها مع الزعفران ويشربها وغيرها من الاشياء الغريبة الاخرى كالبيض المكتوب عليه طلاسم او اقفال ملفوفة بالجلود
والرموز او الخواتم المنقوشة بالطلاسم.
في الحلقة الاخيرة من هذا الملف الغامض يطرح السؤال نفسه ما اذا كان السحرة يتفقون معاً على خط واحد وكيف هي علاقة بعضهم ببعض وهل يفك بعضهم عمل الآخر!؟.
كما سنتعرف في جانب من هذه الحلقة على الكيفية التي يمكن من طريقها فك السحر وكيفية الرقية الشرعية بمعرفة علماء ومشايخ ثقات مشهود لهم بالورع والتقوى والايمان بعيداً عن اولئك السحرة والدجالين والكهنة والعرافين.ولا يتفق السحرة معاً وعلاقة بعضهم ببعض علاقة كفر، فهم كالنار يأكل بعضها ولكن القوي منهم يفك عمل الضعيف.. ويتفق السحرة على شيء واحد هو إيذاء الناس وايقاع الضرر بالبشر عن طريق الشياطين والجان ومهما فعلوا سينقلب السحر عليهم ولن يستفيدوا شيئاً والله تعالى يقول (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) كما ان اعمالهم لا تدوم ولا تنفع لانهم يستعينون فيها بالشياطين والشيطان مهما كانت قدراته لا يستطيع ان يدافع عن اولياء الرحمن.
الكهانة والكرامة
وبين السحر والكهانة خيط رفيع، فالكهانة ادعاء معرفة الغيب سواء في الماضي او المستقبل والكاهن له اسماء مختلفة كالعراف والرمال والمنجم والحازر.
وقال صاحب فتح المجيد رحمه الله: الكاهن هو الذي يأخذ عن مسترق السمع وكانوا قبل المبعث كثيراً واما بعد المبعث فانهم قليل ولان الله تعالى حرس السماء بالشهب، واكثر ما يقع في هذه الامة ما يخبر به الجن اولياءهم من الانس عن الاشياء الغائبة بما يقع في الارض من الاخبار فيظنه الجاهل كشفاً وكرامة.
ويعلق على ذلك الشيخ محمد حامد الفقي بقوله: ان ذلك من تآلف روح الشيطان القريبة مع روح قرينه الانسان الخبيث فيتناجيان ويتكلم الشيطان مع قرينه بما يحب من الاخبار التي يتلقاها عن الشيطان الآخر «فلكل انسان قرين من الشيطان كما جاء في القرآن والسنة» وفي هذه الحالة نميز شيطان الانس بما اوحى اليه شيطان الجن من اخبار السائل واحواله في منزله وخصوصية نفسه مما القاه اليه الشيطان القرين فيظن الجهلة والمغفلون ان ذلك عن صلاح وتقوى وكرامات وهو في الواقع من أضل الضلال ومن اعظم الخذلان.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم انه قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً). وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد) وعن عمران بن حصين مرفوعاً «ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم». ويتعجب الدكتور احمد عبدالله الصعدى استاذ الفلسفة من هؤلاء الذين يسلمون انفسهم للسحرة والكهنة ويعتقدون انهم قادرون على وضع الدنيا كلها بين ايديهم..
ويتساءل الصعدى.. كيف يهين رجل او سيدة نفسها وتلجأ الى مشعوذ وساحر دجال كافر؟
ويقول ان الساحر رجلاً كان او امرأة لا يستطيع تحريك ذبابة فكيف نلجأ اليه ونترك كتاب الله.. واين الاعتقاد الصادق والاستقامة المرجوة؟
لقد انقلبت الموازين وتحولت الوجهة عند الناس حتى وصلوا الى الدرجة التي يعلقون فيها الاحذية على رؤوس الابقار والمواشي ظنا منهم انها تمنع العين.. ولولا لطف الله لخسف بنا كما خسف بسالف الأمم ولكن ما ارحمه يمهل ولا يهمل.
فك السحر
وعن فك السحر قال الشيخ منير عرب السحر عبارة عن عقد ورقى وتمائم ومنه حجب وأبخرة وأدخنة ومنه ما يوضع في مفارق الطرق أو يلقى في البحار أو يدفن في القبور او يدفن بالفلوت والبيوت الخربة ولكن كيف نقوم بفكه اذا عثرنا عليه؟
العقد: وهي على انواع منها ما يكون حبالاً او شعراً معقوداً أو خيوطاً رفيعة معقودة كخيوط بكرات الخياطة والطريقة في فكها ان تقرأ عليها المعوذتان وينفث عند فك كل عقدة والعقد قد تكون ثلاث عقد او سبعاً او احدى عشرة عقدة اما اذا كانت دقيقة كالشعر أو سلك البكرة فإنها تقطع عند العقدة بالموسى مع النفث والقراءة ثم تجمع جميعاً بعد الفك وتقرأ عليها آيات السحر وآية الكرسي ولو اكتفي بقراءة المعوذتين لكفى ثم يحرقها.
التمائم: وهي عبارة عن اوراق او قماش او قطعة من جلد أو قطعة من معدن كتب عليها بعض الطلاسم والرموز والحروف المقطعة والارقام والمربعات والدوائر والكلمات غير المعروفة والاستغاثات الشركية بالشياطين وشيء من القرآن فتلف بقطعة من جلد أو تحفظ في قطعة من معدن او تخاط في قطعة من قماش أو يلف عليها بلاصق بلاستيكي فإذا عثر على مثل هذه الاعمال فإنها تؤخذ وتقطع بأداة حادة مع النفث عليها اثناء القطع ثم اذا استخرجت تفك هذه الطلاسم مع النفث عليها ثم تضع في اناء ثم تذاب الكتابة بالماء مع النفث على الماء ثم يسكب الماء وبهذه الطريقة يفك السحر بإذن الله.
الأبخرة والأدخنة: كثيراً ما نسمع ان السحرة يقومون بالتبخير في اعمالهم السحرية فعند العثور عليها -لا قدر الله- لا يصح إتلافه بالحرق وينبغي الحذر في ذلك لأنه عند حرقه تتمة للعمل السحري وربما يكون بداية لوقوعه والطريقة الصحيحة في التعامل مع هذا النوع من الاعمال لا بد اولاً القيام بفكه وتتلى المعوذات وتنفث عليها ثم بعد ذلك تضع الأوراق وما حوت من الاعشاب والابخرة في ماء وتتلى عليها المعوذتان وتنفث عليها وتفرك الاوراق حتى تزال منها المواد التي يراد حرقها ثم تخرج الاوراق من الماء وينتظر حتى تجف فأما الماء الذي بقي فيه من تلك المواد فيسكب واما الاوراق فتحرق وبذلك يبطل العمل بمشيئة الله عز وجل وهذه الطريقة خاصة بهذا النوع من الاعمال.
سحر البيض
بالنسبة للاعمال السحرية التي تكتب على البيض فيجب ان تغسل البيضة بماء قرئ فيه سورتا الفلق والناس ثم تفرك البيضة برفق لإزالة الكتابة التي عليها واثناء ذلك تكرر عليها قراءة سورة الفلق والناس بالنفث على البيضة ولو قدر الله عز وجل وكسرت البيضة فتدق قشرتها مع تلاوة المعوذتين عليها والنفث وبهذه الطريقة يبطل العمل بأمر الله عز وجل.
ويقول الشيخ عبدالله المالكي -معالج سابقاً- ان الطرق المتبعة في فك السحر عن المسحور كثيرة ومختلفة فإذا تبين ان الشخص مصاب بالسحر فعلاجه على حالات:
- استخراج السحر اذا عرف مكانه وحله مع القراءة كما قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، من انفع علاجه بذل الجهد في معرفة موضع السحر في ارض او جبل او غير ذلك فإذا عرف واستخرج اتلف بطل السحر.
- اذا لم يكن مكان السحر معروفاً فإن انجح طريقة واسرع وأنفع هي الاكثار بالدعاء والإلحاح فيه على الله عز وجل والحرص على آداب الدعاء مثل الوضوء واستقبال القبلة وايضاً تحري اوقات الاجابة ومنها ثلث الليل الآخر حيث ينزل الله عز وجل الى السماء الدنيا فيقول: هل من داع فاستجيب له.. لأن النبي كان يكثر من الدعاء في سحره الذي سحر به فاستجيب له وقد ثبت عنه انه قال: (من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي او دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته).
- ومن العلاج النافع للسحر التوبة الى الله عز وجل من جميع المعاصي وكثرة الاستغفار وملازمته لما يروى عن النبي (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب).
- الاكثار من شرب ماء زمزم فالنبي يقول: (ماء زمزم لما شرب له)، ويقول: (ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم).
- القراءة الشرعية قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله: (ومن انفع العلاجات للسحر الادوية الإلهية) ومنها المعوذتان فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها «كان اذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث» وقال ابن القيم عن المعوذتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة اليهما وانه لا يستغني عنها احد قط وان لها تأثيراً خاصاً يدفع السحر والعين وسائر الشرور وان حاجة العبد الى الاستعاذة بهاتين السورتين اعظم من حاجته الى النفس والطعام والشراب واللباس.. فيعالج السحر بالقراءة سواء كان ذلك بقراءة المسحور على نفسه اذا كان عقله سليماً وتارة بقراءة غيره عليه فينفث عليه على صدره او على اي عضو من اعضائه ويقرأ عليه الفاتحة، آية الكرسي، قل هو الله احد، المعوذتان وآيات السحر المعروفة من سورة الاعراف وسورة يونس وسورة طه فمن سورة الاعراف قوله تعالى: {وأوحينا الى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون* فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون* فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} ومن سورة يونس قوله تعالى: {وقال فرعون أئتوني بكل ساحر عليم، فلما جاء السحرة قال لهم موسى القوا ما انتم ملقون، فلما القوا قال موسى ما جئتم به السحر ان الله سيبطله ان الله لا يصلح عمل المفسدين}.
ومن طرق العلاج في فك السحر ان يحضر ماء زمزم اذا امكن او أي ماء او زيت زيتون ويقرأ فيهما سورة البقرة كاملة والمعوذتان وقل هو الله احد والفاتحة مع النفث في الماء والزيت كلما قرئ بعض الآيات مع النفث وطريقة استخدامها بعد القراءة دهن الجسم كاملا من الرأس حتى اخمص قدميه فالنبي صلى الله عليه وسلم قال (كلوا الزيت وادهنوا به فانه من شجرة مباركة) ويستحسن ان يكون قبل النوم ثم تؤخذ كأس من الماء المقروء عليه وتذاب به ملعقة من العسل فيشرب فان العسل شفاء كما ذكر الله عز وجل وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فاذا أصبح اغتسل من الزيت ثم تؤخذ كأس من الماء المقرأ فيه ويكثر به في اناء ويغتسل به فانه نافع باذن الله.
ومن علاج السحر قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (علاج نافع اذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الاخضر فيدقها بحجر او نحوه ويجعلها في اناء ويصب عليها من الماء ما يكفيها للغسيل ويقرأ فيها: آية الكرسي من سورة البقرة (آية 255)، سورة الكافرون والاخلاص والمعوذتين (ثلاث مرات)، يقرأ قوله تعالى {وأوحينا الى موسى ان الق عصاك فاذا هي تلقف ما يأفكون} (الاعراف 117- 119)، يقرأ قوله تعالى {وقال فرعون أئتوني بكل ساحر عليم} (يونس 79- 82). ويقرأ قوله تعالى {قالوا يا موسى اما ان تلقي واما ان نكون أول من القى} (الآيات طه 65- 69).
وبعد قراءة ما ذكر فى الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء بمشيئة الله واذا دعت الحاجة الى استعماله مرتين أو اكثر فلا بأس حتى يزول وبالامكان ان تدق السبع ورقات بالهوند (النجر) او بالخلاط الكهربائي ويجب عدم تصديق الجن اذا نطق على لسان المصاب فانهم عرفوا بالكذب والتحريش والافساد بين الناس فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول «ان الشيطان يئس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب لكن في التحرش بينهم) فلا نصدقهم فيما يقولون ولا نكذبهم فاذا ابلغ الجني عن السحر بوجوده بمكان عام تحت حجر أو شجر فلا يمنع التحقق من ذلك اما اذا اخبر ان الذي عمل السحر فلان او فلانة فانه لا يصدق لما ذكرنا سابقا انهم حريصون في التحريش بين الناس.
لا يخطر على البال من طرق ووسائل الدجل فمن «التيس الاحمر» الى اصطياد الموهومين بالطلاسم والمباخر الى العلاج بالانترنت. وتعرفنا خلال تلك الحلقات على
نماذج من حيل النصب والاحتيال التي يستخدمها هؤلاء للاستيلاء على احوال الناس حتى ان احدهم زوج سعودياً «جنية» ولهف مليون ريال اشترطها لمهرها. ووقفنا
على مشعوذين يصطادون ضحاياهم من مختلف فئات المجتمع وشرائحه بما في ذلك رجال اعمال وحملة دكتوراه بواسطة دماء الدجاج والزئبق الاحمر، فيما كان هناك نصاب يدعي قدرته على تأمين الوظائف وزائرة تتخصص للهوامير والمسؤولين وآخرون تخصصوا في الحياة الزوجية والانجاب والسيطرة على الازواج.ورأينا كثيراً من الخزعبلات والطلبات التعجيزية كأن يطلب الساحر من احدهم فأراً يتيماً او قرداً اعمى وقد يطلب اثراً كثوب او ملابس داخلية او مشط او اظافر او شعر او صورة وغيرها
من الخزعبلات التي ما انزل الله بها من سلطان ثم تجدهم يكتبون الطلاسم والرموز والحروف والارقام والمربعات والدوائر واعطاء الزبون الضحية «حجاباً» او اشياء
يدفنها تحت الارض او مادة يذيبها مع الزعفران ويشربها وغيرها من الاشياء الغريبة الاخرى كالبيض المكتوب عليه طلاسم او اقفال ملفوفة بالجلود
والرموز او الخواتم المنقوشة بالطلاسم.
في الحلقة الاخيرة من هذا الملف الغامض يطرح السؤال نفسه ما اذا كان السحرة يتفقون معاً على خط واحد وكيف هي علاقة بعضهم ببعض وهل يفك بعضهم عمل الآخر!؟.
كما سنتعرف في جانب من هذه الحلقة على الكيفية التي يمكن من طريقها فك السحر وكيفية الرقية الشرعية بمعرفة علماء ومشايخ ثقات مشهود لهم بالورع والتقوى والايمان بعيداً عن اولئك السحرة والدجالين والكهنة والعرافين.ولا يتفق السحرة معاً وعلاقة بعضهم ببعض علاقة كفر، فهم كالنار يأكل بعضها ولكن القوي منهم يفك عمل الضعيف.. ويتفق السحرة على شيء واحد هو إيذاء الناس وايقاع الضرر بالبشر عن طريق الشياطين والجان ومهما فعلوا سينقلب السحر عليهم ولن يستفيدوا شيئاً والله تعالى يقول (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) كما ان اعمالهم لا تدوم ولا تنفع لانهم يستعينون فيها بالشياطين والشيطان مهما كانت قدراته لا يستطيع ان يدافع عن اولياء الرحمن.
الكهانة والكرامة
وبين السحر والكهانة خيط رفيع، فالكهانة ادعاء معرفة الغيب سواء في الماضي او المستقبل والكاهن له اسماء مختلفة كالعراف والرمال والمنجم والحازر.
وقال صاحب فتح المجيد رحمه الله: الكاهن هو الذي يأخذ عن مسترق السمع وكانوا قبل المبعث كثيراً واما بعد المبعث فانهم قليل ولان الله تعالى حرس السماء بالشهب، واكثر ما يقع في هذه الامة ما يخبر به الجن اولياءهم من الانس عن الاشياء الغائبة بما يقع في الارض من الاخبار فيظنه الجاهل كشفاً وكرامة.
ويعلق على ذلك الشيخ محمد حامد الفقي بقوله: ان ذلك من تآلف روح الشيطان القريبة مع روح قرينه الانسان الخبيث فيتناجيان ويتكلم الشيطان مع قرينه بما يحب من الاخبار التي يتلقاها عن الشيطان الآخر «فلكل انسان قرين من الشيطان كما جاء في القرآن والسنة» وفي هذه الحالة نميز شيطان الانس بما اوحى اليه شيطان الجن من اخبار السائل واحواله في منزله وخصوصية نفسه مما القاه اليه الشيطان القرين فيظن الجهلة والمغفلون ان ذلك عن صلاح وتقوى وكرامات وهو في الواقع من أضل الضلال ومن اعظم الخذلان.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم انه قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً). وعن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد) وعن عمران بن حصين مرفوعاً «ليس منا من تطير او تطير له او تكهن او تكهن له او سحر او سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم». ويتعجب الدكتور احمد عبدالله الصعدى استاذ الفلسفة من هؤلاء الذين يسلمون انفسهم للسحرة والكهنة ويعتقدون انهم قادرون على وضع الدنيا كلها بين ايديهم..
ويتساءل الصعدى.. كيف يهين رجل او سيدة نفسها وتلجأ الى مشعوذ وساحر دجال كافر؟
ويقول ان الساحر رجلاً كان او امرأة لا يستطيع تحريك ذبابة فكيف نلجأ اليه ونترك كتاب الله.. واين الاعتقاد الصادق والاستقامة المرجوة؟
لقد انقلبت الموازين وتحولت الوجهة عند الناس حتى وصلوا الى الدرجة التي يعلقون فيها الاحذية على رؤوس الابقار والمواشي ظنا منهم انها تمنع العين.. ولولا لطف الله لخسف بنا كما خسف بسالف الأمم ولكن ما ارحمه يمهل ولا يهمل.
فك السحر
وعن فك السحر قال الشيخ منير عرب السحر عبارة عن عقد ورقى وتمائم ومنه حجب وأبخرة وأدخنة ومنه ما يوضع في مفارق الطرق أو يلقى في البحار أو يدفن في القبور او يدفن بالفلوت والبيوت الخربة ولكن كيف نقوم بفكه اذا عثرنا عليه؟
العقد: وهي على انواع منها ما يكون حبالاً او شعراً معقوداً أو خيوطاً رفيعة معقودة كخيوط بكرات الخياطة والطريقة في فكها ان تقرأ عليها المعوذتان وينفث عند فك كل عقدة والعقد قد تكون ثلاث عقد او سبعاً او احدى عشرة عقدة اما اذا كانت دقيقة كالشعر أو سلك البكرة فإنها تقطع عند العقدة بالموسى مع النفث والقراءة ثم تجمع جميعاً بعد الفك وتقرأ عليها آيات السحر وآية الكرسي ولو اكتفي بقراءة المعوذتين لكفى ثم يحرقها.
التمائم: وهي عبارة عن اوراق او قماش او قطعة من جلد أو قطعة من معدن كتب عليها بعض الطلاسم والرموز والحروف المقطعة والارقام والمربعات والدوائر والكلمات غير المعروفة والاستغاثات الشركية بالشياطين وشيء من القرآن فتلف بقطعة من جلد أو تحفظ في قطعة من معدن او تخاط في قطعة من قماش أو يلف عليها بلاصق بلاستيكي فإذا عثر على مثل هذه الاعمال فإنها تؤخذ وتقطع بأداة حادة مع النفث عليها اثناء القطع ثم اذا استخرجت تفك هذه الطلاسم مع النفث عليها ثم تضع في اناء ثم تذاب الكتابة بالماء مع النفث على الماء ثم يسكب الماء وبهذه الطريقة يفك السحر بإذن الله.
الأبخرة والأدخنة: كثيراً ما نسمع ان السحرة يقومون بالتبخير في اعمالهم السحرية فعند العثور عليها -لا قدر الله- لا يصح إتلافه بالحرق وينبغي الحذر في ذلك لأنه عند حرقه تتمة للعمل السحري وربما يكون بداية لوقوعه والطريقة الصحيحة في التعامل مع هذا النوع من الاعمال لا بد اولاً القيام بفكه وتتلى المعوذات وتنفث عليها ثم بعد ذلك تضع الأوراق وما حوت من الاعشاب والابخرة في ماء وتتلى عليها المعوذتان وتنفث عليها وتفرك الاوراق حتى تزال منها المواد التي يراد حرقها ثم تخرج الاوراق من الماء وينتظر حتى تجف فأما الماء الذي بقي فيه من تلك المواد فيسكب واما الاوراق فتحرق وبذلك يبطل العمل بمشيئة الله عز وجل وهذه الطريقة خاصة بهذا النوع من الاعمال.
سحر البيض
بالنسبة للاعمال السحرية التي تكتب على البيض فيجب ان تغسل البيضة بماء قرئ فيه سورتا الفلق والناس ثم تفرك البيضة برفق لإزالة الكتابة التي عليها واثناء ذلك تكرر عليها قراءة سورة الفلق والناس بالنفث على البيضة ولو قدر الله عز وجل وكسرت البيضة فتدق قشرتها مع تلاوة المعوذتين عليها والنفث وبهذه الطريقة يبطل العمل بأمر الله عز وجل.
ويقول الشيخ عبدالله المالكي -معالج سابقاً- ان الطرق المتبعة في فك السحر عن المسحور كثيرة ومختلفة فإذا تبين ان الشخص مصاب بالسحر فعلاجه على حالات:
- استخراج السحر اذا عرف مكانه وحله مع القراءة كما قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، من انفع علاجه بذل الجهد في معرفة موضع السحر في ارض او جبل او غير ذلك فإذا عرف واستخرج اتلف بطل السحر.
- اذا لم يكن مكان السحر معروفاً فإن انجح طريقة واسرع وأنفع هي الاكثار بالدعاء والإلحاح فيه على الله عز وجل والحرص على آداب الدعاء مثل الوضوء واستقبال القبلة وايضاً تحري اوقات الاجابة ومنها ثلث الليل الآخر حيث ينزل الله عز وجل الى السماء الدنيا فيقول: هل من داع فاستجيب له.. لأن النبي كان يكثر من الدعاء في سحره الذي سحر به فاستجيب له وقد ثبت عنه انه قال: (من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي او دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته).
- ومن العلاج النافع للسحر التوبة الى الله عز وجل من جميع المعاصي وكثرة الاستغفار وملازمته لما يروى عن النبي (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب).
- الاكثار من شرب ماء زمزم فالنبي يقول: (ماء زمزم لما شرب له)، ويقول: (ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم).
- القراءة الشرعية قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله: (ومن انفع العلاجات للسحر الادوية الإلهية) ومنها المعوذتان فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها «كان اذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث» وقال ابن القيم عن المعوذتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة اليهما وانه لا يستغني عنها احد قط وان لها تأثيراً خاصاً يدفع السحر والعين وسائر الشرور وان حاجة العبد الى الاستعاذة بهاتين السورتين اعظم من حاجته الى النفس والطعام والشراب واللباس.. فيعالج السحر بالقراءة سواء كان ذلك بقراءة المسحور على نفسه اذا كان عقله سليماً وتارة بقراءة غيره عليه فينفث عليه على صدره او على اي عضو من اعضائه ويقرأ عليه الفاتحة، آية الكرسي، قل هو الله احد، المعوذتان وآيات السحر المعروفة من سورة الاعراف وسورة يونس وسورة طه فمن سورة الاعراف قوله تعالى: {وأوحينا الى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون* فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون* فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} ومن سورة يونس قوله تعالى: {وقال فرعون أئتوني بكل ساحر عليم، فلما جاء السحرة قال لهم موسى القوا ما انتم ملقون، فلما القوا قال موسى ما جئتم به السحر ان الله سيبطله ان الله لا يصلح عمل المفسدين}.
ومن طرق العلاج في فك السحر ان يحضر ماء زمزم اذا امكن او أي ماء او زيت زيتون ويقرأ فيهما سورة البقرة كاملة والمعوذتان وقل هو الله احد والفاتحة مع النفث في الماء والزيت كلما قرئ بعض الآيات مع النفث وطريقة استخدامها بعد القراءة دهن الجسم كاملا من الرأس حتى اخمص قدميه فالنبي صلى الله عليه وسلم قال (كلوا الزيت وادهنوا به فانه من شجرة مباركة) ويستحسن ان يكون قبل النوم ثم تؤخذ كأس من الماء المقروء عليه وتذاب به ملعقة من العسل فيشرب فان العسل شفاء كما ذكر الله عز وجل وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فاذا أصبح اغتسل من الزيت ثم تؤخذ كأس من الماء المقرأ فيه ويكثر به في اناء ويغتسل به فانه نافع باذن الله.
ومن علاج السحر قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (علاج نافع اذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الاخضر فيدقها بحجر او نحوه ويجعلها في اناء ويصب عليها من الماء ما يكفيها للغسيل ويقرأ فيها: آية الكرسي من سورة البقرة (آية 255)، سورة الكافرون والاخلاص والمعوذتين (ثلاث مرات)، يقرأ قوله تعالى {وأوحينا الى موسى ان الق عصاك فاذا هي تلقف ما يأفكون} (الاعراف 117- 119)، يقرأ قوله تعالى {وقال فرعون أئتوني بكل ساحر عليم} (يونس 79- 82). ويقرأ قوله تعالى {قالوا يا موسى اما ان تلقي واما ان نكون أول من القى} (الآيات طه 65- 69).
وبعد قراءة ما ذكر فى الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء بمشيئة الله واذا دعت الحاجة الى استعماله مرتين أو اكثر فلا بأس حتى يزول وبالامكان ان تدق السبع ورقات بالهوند (النجر) او بالخلاط الكهربائي ويجب عدم تصديق الجن اذا نطق على لسان المصاب فانهم عرفوا بالكذب والتحريش والافساد بين الناس فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول «ان الشيطان يئس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب لكن في التحرش بينهم) فلا نصدقهم فيما يقولون ولا نكذبهم فاذا ابلغ الجني عن السحر بوجوده بمكان عام تحت حجر أو شجر فلا يمنع التحقق من ذلك اما اذا اخبر ان الذي عمل السحر فلان او فلانة فانه لا يصدق لما ذكرنا سابقا انهم حريصون في التحريش بين الناس.