اليوم هو يوم العيد السعيد علينا وعليكم وعلى أمة المسلمين في كل مكان، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير، وعسى الله أن يجعلنا جميعا من عواده سالمين غانمين لربنا شاكرين، وعسى الله أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين ومن ستنتهي رحلته منا قبل أن يعود عليه عيد جديد.
اليوم عيد إذا وصلنا فيه رحما قطع أو أوشك، واليوم عيد إذا ابتسمنا في وجوه أهل بيوتنا رجالا ونساء وأطفالا وتجاوزنا كافة المشاعر السلبية مهما عظمت، واليوم عيد إذا تذكرنا صديقا أو عزيزا فرقت يننا وبينه ظروف الحياة وبعد المسافات وعايدناه حتى ولو برسالة جوال، واليوم عيد إذا لبسنا الجديد واصطحبنا الصغير والكبير من أهلينا إلى المشهد وكبرنا وصلينا مع المسلمين. واليوم عيد إذا بدأناه بزيارة كبارنا الأقربين حتى وإن أغلقوا أبوابهم في وجوهنا لسبب أو لآخر، واليوم عيد إذا زرنا الجار ذي القربى والجار الجنب والجار في جامع الحي أو البلدة وفتحنا بيوتنا لهم على مصراعيها وأسمعناهم أحلى كلمات الترحيب.
اليوم عيد إذا ما تذكرنا الفقراء والأيتام واصطحبنا أبناءنا لمعايدتهم في دورهم ومراكزهم وعايدناهم بما نستطيع، واليوم عيد إذا اصطحبنا أيتاما نعرفهم أو أطفالا نعرف رقة حال أهلهم مع أطفالنا إلى الملاهي والملاعب وأماكن التجمع والفرح في العيد.
العيد مظهر ومعنى، والمظهر فيه سهل وكلنا قادرون عليه بحسب إمكاناتنا، ولكن المخبر هو المحك لاختبار مدى استفادتنا من صيامنا وقيامنا في شهر رمضان الكريم، فما لم تلن قلوبنا وترق وما لم تمتلئ قلوبنا بالعفو والتسامح، فعلينا مراجعة أنفسنا والحرص على تجديد ايماننا لأن حكمة الصوم لم تتحقق فينا.
لا تسخروا ممن زاركم أو عايدكم اليوم بعد جفوة طويلة أو خلاف مستحكم وتصدوه، فلربما يكون قد تغير للأفضل، ولكن المؤكد أن نفسه تنطوي على خير وأنه تشبع بحكمة الصوم وعلا فوق نفسه وأدرانها وانطلق بها عاليا في سماء الإيمان والخلق الرفيع.
العيد ليس مناسبة لتصفية الحسابات ولا للعتاب وكل هذا مؤجل، فالعيد للفرح والابتسام وإظهار أفضل ما لدينا من المشاعر الإنسانية النبيلة، فلربما طغت فرحة العيد على كافة الاعتبارات المعوقة لانسيابية العلاقات الإنسانية السوية واستمرت معنا لما بعد العيد، فنستعيد أحبتنا بفتح صفحة جديدة ناصعة البياض في علاقاتنا، ولا نحتاج لأي تصفيات ولا عتاب، بل نحاول أن نستمر في رحلة الحياة القصيرة بمحبة واحترام ونتبادل الحفاظ على بعضنا البعض ما حيينا.
ويبقى أن نتذكر دائما بأن يوم العيد هو يوم فرح وسرور، وللمؤمنين الحق في أن يفرحوا في الدنيا مثلما يفرحون في الآخرة، فقد قال الله ــ عز وجل: ?قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون? «‌10‏:58». فلنرسم ابتسامة دائمة على وجوهنا ونفرح ونفرح من حولنا ولا ننسى في أية لحظة أن يومنا هذا هو يوم العيد..
@alitawati