سألني أحد الأصدقاء عن الفرق بين الإنهاء وبين الدعوى أو الادعاء وهما كلمتان تستخدمان في المحاكم وعند نشر مراجعيها لدعاواهم وإنهاءاتهم للنظر فيها من قبل أصحاب الفضيلة القضاة، وبنى ذلك الصديق سؤاله على كلمة وردت في مقال سابق نشر في هذه الزاوية هي كلمة «المُنهي» وظنها خطأ مطبعيا ثم سأل عنها فقيل له إنها كلمة شرعية لا غبار عليها ولا خطأ فيها، فوجدت في سؤال ذلك الصديق فرصة لشرح ما أعرفه عن الفرق بين الإنهاء والادعاء، فالإنهاء حسب ما أعلم هو أن يتقدم شخص ما إلى المحكمة بطلب يخصه مثل طلب استحكام على أرض بيضاء أو طلب إثبات وراثة وغيرها من الطلبات التي تقدم للمحاكم وليس بها دعوى ضد شخص آخر أو جهة من الجهات، فيسمى ذلك الطلب إنهاء فيطلق على مقدمه مسمى «مُنهي»، أما الدعوى فهي أن يتقدم شخص ما إلى المحكمة شاكيا من شخص آخر أو جهة من الجهات مطالبا بحق من الحقوق المادية أو المعنوية لدى ذلك الشخص أو الجهة فيكون في مثل هذه المطالبة مدعيا ومدعى عليه.
وهناك في المجال نفسه من يطلق عليه لقب دعي ويجمع في أدعياء، وتطلق هذه الصفة على دعي النسب ومن يدعي على غيره بالباطل دون وجود بينة يملكها تؤكد ما له من حق يدعيه على غيره، ولكن يحلو له إشغال المحاكم وإدارات الشرطة بادعاءاته التي لا رأس لها ولا ذنب وقد ورد ذكر هذه الفئة في بيت نظمه أحد الفقهاء حيث قال فيهم:
والدعاوى إن لم يقيموا عليها
بينات أصحابها أدعياء
فقد حولهم عدم إقامة بينة على دعواهم إلى أدعياء بعد أن كانوا في بداية الأمر مدعين، وأمثال هؤلاء تكاثروا في هذا العصر واستغلوا مجانية التقاضي في إرهاق خصومهم وإشغال المحاكم في قضايا لا طائل من ورائها، أما دعي النسب فقد وردت صفته وطرائق التعامل معه في القرآن الكريم وأنه لا يجوز نسبتهم إلى الذين ربوهم لأنه نسب ليس لهم صلة به وبذلك حرم التبني في الإسلام، واقتصار الأمر على الأدعياء الآخرين الذين يطلق على الفرد منهم مسمى دعي لأنه يدعي على غيره بحقوق ليس لديه بينة عليها فيكون لدينا عدة مصطلحات هي منهي ومدعي ومدعى عليه ودعي، وكل مصطلح يختلف عن الآخر مبنى ومعنى، وهذا الشرح والتعريف مفيد لعامة الناس، أما القضاة والمحامون وأصحاب الخبرة والدراية والفهم من موظفي المحاكم فهم يعرفون تلك المصطلحات ويستخدمونها في عملهم يوميا بحكم التخصص والمعايشة والخبرة والعلم أو هذا ما يجب أن يكون!.