منذ أكثر من ثلاثين عاما مضت وأنا أتجرع ألم الفراق ومصاب الفقد فهذه إرادة الله ومشيئته، ولا أقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله على قضائه وقدره.
فقد فقدت والدي الغالي وأخوي الحبيبين سعيد وأحمد وأختي الشريفة شريفة، ثم فقدت والدتي الحنون التي بوفاتها أحسست باليتم لأول مرة، وكنت أقول لمن لا يعرف علاقتي بأمي إن حبي لها وصل لأسمى مراتب الحب، ثم تجرعت ألم فراق ابني الحبيب أحمد وهو فقد مختلف عما سبق فهذا ابني ثمرة فؤادي وقرة عيني، فقد كنت أرى فيه نفسي ذلك الشاب البار المليء بالحيوية والنشاط المتطلع للمستقبل بروح وثابة وطموح بلا حدود المليء قلبه بالإيمان.
وأنا هنا لم يدر بخلدي يوما أن أكتب في رثائهم رحمهم الله وليست لدي الشجاعة رغم أن لكل منهم قصة تروى وسيرة عطرة تكتب، حتى إن من يعرفني يعرف أنه منذ وفاتهم لا أستطيع النظر إلى صورهم خجلا ومحبة وعاطفة.. ناهيك أن أكتب عنهم، وقد يعتقد البعض أن في ذلك مبالغة ولكنها الحقيقة حتى إن لابني أحمد رحمه الله بعض التسجيلات لتلاوته لآيات من القرآن الكريم لم أستطع الاستماع لها.. وأنا هنا لست بصدد الكتابة عنهم رحمهم الله وإنما بصدد الكتابة عن ألمي وحزني ومصابي لفراق زوجتي الحبيبة بدرية أم محمد والتي لها من اسمها نصيب، فهي كالبدر في ليلة تمامه.
نعم أنا هنا لدي القدرة لأن أكتب عن شريكة حياتي ورفيقة دربي هذه المرأة المؤمنة الصالحة التي دخلت منزلي ولم يتجاوز عمرها الرابعة عشرة ربيعا وتربت في منزلي وكانت نعم الزوجة، وقفت معي في السراء والضراء تشد من أزري في كل الأوقات والأزمات التي مررت بها، وبفراقها أحسست باليتم للمرة الثانية. وفي مراحل زواجنا مررنا بما يمر به أي زوجين خاصة في بداية حياتهم الزوجية من مصاعب هنا وهناك. ولكن حبنا لبعضنا كان أسمى وأنبل لنتجاوز تلك الصعاب، وكانت بحق هي السباقة لاحتواء ما يعتري هذه العلاقة بصبرها وحبها لأبنائها وأسرتها وغيرتها على الجميع، وكانت تلك المرأة المتسامحة والمسامحة للجميع. ودائما ما تقول قولتها المعروفة إن لم نغفر لمن أساء لنا فالله هو الغفور الرحيم وهو حسبي ونعم الوكيل.. وأتذكر وقوفها بجانبي عند فقدنا لابننا أحمد عليه رحمة الله منذ أكثر من عام ونصف عندما قالت ما كانت تقوله والدتي عند فقدها لأحد أبنائها لماذا تبكون وأنا أمه لن أبكيه فقد اختاره الله إلى جواره وهو أرحم به منا وأنا راضية عنه فعسى الله أن يرضى عنه وأن يجمعنا به في جنات النعيم وهي في قلبها ما فيه من الحزن وألم الفراق، ولكنها تقف بشجاعة وثبات لتهون علينا مصابنا فهو حبيبها كما هو حبيبنا، ثم إنها كانت المرأة الصبورة فمنذ ابتليت بمرضها لم تجزع ولم تشتك إلا لله وكانت راضية بما كتب الله لها. وقد سعينا لعلاجها داخل المملكة وخارجها. فلم أعرفها إلا بالصوامة القوامة الصابرة المحتسبة بل كانت تقول إنه ابتلاء من الله وسوف أكون على قدر هذا الابتلاء ولم نشعر يوما أنها قصرت في واجباتها الأسرية أو تغيرت صورتها الجميلة البهية، بل كانت تتعهد الصغير والكبير والقريب والبعيد.. ولم تكن تظهر للآخرين مرضها حتى انه لم يصدق كثير ممن يعرفها بوفاتها.
ومن المفارقات العجيبة أن من اختارتها لتكون زوجة لي هي شقيقتي شريفة رحمها الله والتي تشبهها في كثير من الخصال وقد ابتليت بنفس المرض وتوفيتا في عمر لم يتجاوز الرابعة والأربعين عاما رحمهما الله رحمة الأبرار.
وأتذكر أنها كانت تقول إنها لا تخاف الموت فهي تعد العدة للقاء ربها وكنت أقول في نفسي من منا لا يخاف الموت؟ وعندما عرفت بعد وفاتها أنها كتبت وصيتها لي ولأبنائها وبناتها منذ عام وأودعتها عند أمينة سرها ابنتنا وفاء تأكدت تماما أنها فعلا كانت تعد العدة بصبر وثبات منقطع النظير.. وأنا هنا أعدك ياسيدتي بتنفيذ ما جاء في وصيتك بحوله تعالى.
وعندما كنا نسابق الزمن للانتقال لمنزلنا الذي شاركت في كل تفاصيل بنائه كانت تقول إنه قد لا يمهلها القدر لسكناه، ونحن نمني النفس بأن تكون معنا لتنوره وتباركه بنفسها الطاهرة الزكية.. فأسأله تعالى أن يبدلها خيرا منه ببيت الحمد في جنات النعيم نظير صبرها على مرضها وحمدها لربها عند فقدها لابنها.. ولازلنا نردد بيت الشعر الذي تحب أن تسمعه منا دائما وخصوصا عندما نفتقدها.
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ونحن يشهد الله أننا افتقدناك أيتها البدرية وسوف نذكرك في كل وقت وحين، وهنا أقول:
زوجتي العزيزة..
كم أنا مشتاق لك فالبيت بدونك خال، فقد كنت عمود البيت وعماده واستقراره وأمانه الأسري وأبناؤك محمد وعبدالعزيز ووفاء وهناء وحفيدنا تركي مشتاقون لك، ونعاهدك أن نبقى أوفياء وبارين بك كما كنت تبرين بنا في حياتك فقد كنت نعم الزوجة الوفية والأم الحنون والمربية الفاضلة فجزاك الله عنا خير الجزاء ورحمك الله رحمة الأبرار وأسكنك الله فسيح جناته.
وختاما أيتها الغالية..
يقول رسولنا الكريم (أيما امرأة توفيت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فأنا أشهد الله ثم أشهد خلقه بأني راض عنك كل الرضا فأسأله تعالى أن يرضى عنك، وأن يجمعك بابننا وقرة أعيننا أحمد في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يجمعنا بكما في مستقر رحمته إنه جواد كريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فقد فقدت والدي الغالي وأخوي الحبيبين سعيد وأحمد وأختي الشريفة شريفة، ثم فقدت والدتي الحنون التي بوفاتها أحسست باليتم لأول مرة، وكنت أقول لمن لا يعرف علاقتي بأمي إن حبي لها وصل لأسمى مراتب الحب، ثم تجرعت ألم فراق ابني الحبيب أحمد وهو فقد مختلف عما سبق فهذا ابني ثمرة فؤادي وقرة عيني، فقد كنت أرى فيه نفسي ذلك الشاب البار المليء بالحيوية والنشاط المتطلع للمستقبل بروح وثابة وطموح بلا حدود المليء قلبه بالإيمان.
وأنا هنا لم يدر بخلدي يوما أن أكتب في رثائهم رحمهم الله وليست لدي الشجاعة رغم أن لكل منهم قصة تروى وسيرة عطرة تكتب، حتى إن من يعرفني يعرف أنه منذ وفاتهم لا أستطيع النظر إلى صورهم خجلا ومحبة وعاطفة.. ناهيك أن أكتب عنهم، وقد يعتقد البعض أن في ذلك مبالغة ولكنها الحقيقة حتى إن لابني أحمد رحمه الله بعض التسجيلات لتلاوته لآيات من القرآن الكريم لم أستطع الاستماع لها.. وأنا هنا لست بصدد الكتابة عنهم رحمهم الله وإنما بصدد الكتابة عن ألمي وحزني ومصابي لفراق زوجتي الحبيبة بدرية أم محمد والتي لها من اسمها نصيب، فهي كالبدر في ليلة تمامه.
نعم أنا هنا لدي القدرة لأن أكتب عن شريكة حياتي ورفيقة دربي هذه المرأة المؤمنة الصالحة التي دخلت منزلي ولم يتجاوز عمرها الرابعة عشرة ربيعا وتربت في منزلي وكانت نعم الزوجة، وقفت معي في السراء والضراء تشد من أزري في كل الأوقات والأزمات التي مررت بها، وبفراقها أحسست باليتم للمرة الثانية. وفي مراحل زواجنا مررنا بما يمر به أي زوجين خاصة في بداية حياتهم الزوجية من مصاعب هنا وهناك. ولكن حبنا لبعضنا كان أسمى وأنبل لنتجاوز تلك الصعاب، وكانت بحق هي السباقة لاحتواء ما يعتري هذه العلاقة بصبرها وحبها لأبنائها وأسرتها وغيرتها على الجميع، وكانت تلك المرأة المتسامحة والمسامحة للجميع. ودائما ما تقول قولتها المعروفة إن لم نغفر لمن أساء لنا فالله هو الغفور الرحيم وهو حسبي ونعم الوكيل.. وأتذكر وقوفها بجانبي عند فقدنا لابننا أحمد عليه رحمة الله منذ أكثر من عام ونصف عندما قالت ما كانت تقوله والدتي عند فقدها لأحد أبنائها لماذا تبكون وأنا أمه لن أبكيه فقد اختاره الله إلى جواره وهو أرحم به منا وأنا راضية عنه فعسى الله أن يرضى عنه وأن يجمعنا به في جنات النعيم وهي في قلبها ما فيه من الحزن وألم الفراق، ولكنها تقف بشجاعة وثبات لتهون علينا مصابنا فهو حبيبها كما هو حبيبنا، ثم إنها كانت المرأة الصبورة فمنذ ابتليت بمرضها لم تجزع ولم تشتك إلا لله وكانت راضية بما كتب الله لها. وقد سعينا لعلاجها داخل المملكة وخارجها. فلم أعرفها إلا بالصوامة القوامة الصابرة المحتسبة بل كانت تقول إنه ابتلاء من الله وسوف أكون على قدر هذا الابتلاء ولم نشعر يوما أنها قصرت في واجباتها الأسرية أو تغيرت صورتها الجميلة البهية، بل كانت تتعهد الصغير والكبير والقريب والبعيد.. ولم تكن تظهر للآخرين مرضها حتى انه لم يصدق كثير ممن يعرفها بوفاتها.
ومن المفارقات العجيبة أن من اختارتها لتكون زوجة لي هي شقيقتي شريفة رحمها الله والتي تشبهها في كثير من الخصال وقد ابتليت بنفس المرض وتوفيتا في عمر لم يتجاوز الرابعة والأربعين عاما رحمهما الله رحمة الأبرار.
وأتذكر أنها كانت تقول إنها لا تخاف الموت فهي تعد العدة للقاء ربها وكنت أقول في نفسي من منا لا يخاف الموت؟ وعندما عرفت بعد وفاتها أنها كتبت وصيتها لي ولأبنائها وبناتها منذ عام وأودعتها عند أمينة سرها ابنتنا وفاء تأكدت تماما أنها فعلا كانت تعد العدة بصبر وثبات منقطع النظير.. وأنا هنا أعدك ياسيدتي بتنفيذ ما جاء في وصيتك بحوله تعالى.
وعندما كنا نسابق الزمن للانتقال لمنزلنا الذي شاركت في كل تفاصيل بنائه كانت تقول إنه قد لا يمهلها القدر لسكناه، ونحن نمني النفس بأن تكون معنا لتنوره وتباركه بنفسها الطاهرة الزكية.. فأسأله تعالى أن يبدلها خيرا منه ببيت الحمد في جنات النعيم نظير صبرها على مرضها وحمدها لربها عند فقدها لابنها.. ولازلنا نردد بيت الشعر الذي تحب أن تسمعه منا دائما وخصوصا عندما نفتقدها.
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ونحن يشهد الله أننا افتقدناك أيتها البدرية وسوف نذكرك في كل وقت وحين، وهنا أقول:
زوجتي العزيزة..
كم أنا مشتاق لك فالبيت بدونك خال، فقد كنت عمود البيت وعماده واستقراره وأمانه الأسري وأبناؤك محمد وعبدالعزيز ووفاء وهناء وحفيدنا تركي مشتاقون لك، ونعاهدك أن نبقى أوفياء وبارين بك كما كنت تبرين بنا في حياتك فقد كنت نعم الزوجة الوفية والأم الحنون والمربية الفاضلة فجزاك الله عنا خير الجزاء ورحمك الله رحمة الأبرار وأسكنك الله فسيح جناته.
وختاما أيتها الغالية..
يقول رسولنا الكريم (أيما امرأة توفيت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فأنا أشهد الله ثم أشهد خلقه بأني راض عنك كل الرضا فأسأله تعالى أن يرضى عنك، وأن يجمعك بابننا وقرة أعيننا أحمد في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وأن يجمعنا بكما في مستقر رحمته إنه جواد كريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.