أنا رجل ملتزم أصلي جميع الصلوات في المسجد، متزوج منذ ثمان وعشرين سنة، أبلغ من العمر أربعة وخمسين عاما ، زوجتي ملتزمة ومحافظة، فوجئت بمكالمة تليفونية من امرأة استدرجتني للحديث معها تلفونيا فقط. وكان للشيطان أثر كبير في تورطي في الموافقة على الحديث معها، وقد اكتشفت زوجتي ذلك، وبذلك رجعت لصوابي وكرهت ما وقعت فيه، واعتذرت لزوجتي وأقسمت لها أني لن أعود لذلك ولكنها لم تقتنع ومنذ خمسة شهور ونحن في مشاكل تصل إلى حد الطلاق وزوجتي حولت حياتنا إلى جحيم ولم تغفر لي هذه الزلة ، والحزن خيم على وجهها وأحيانا البكاء.لقد ضاقت الدنيا في وجهي ولا أريد التضحية بزوجتي والخطأ صدر مني وليس لها ذنب.
فما هو الحل وماذا ترشدونها إليه لتعود السعادة إلى منزلنا.
نأمل أن نرى إجابتكم قبل الفراق، علما بأنها تقرأ في النت وفي كتب الخيانة الزوجية فتزيدها ألما،والله يحفظكم .

الزوج المعترف بخطئه

** لن أزيد أخي الكريم على ما فعلت فقد أخطأت واعترفت بخطئك والواضح أنك صادق في هذا الاعتراف وصادق في رغبتك في عودة المياه إلى مجاريها مع زوجتك والعقبة الكأداء أمامك هو موقف الزوجة غير المتسامح مع زلتك واعتذارك.
أريد أن أذكر زوجتك بحديث للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يرويه أبو هريرة يقول : «أَتى رجلٌ رسولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: يا رسولَ الله هَلَكْتُ، قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ ما ذَاك» قالَ: إنِّي وَقَعْتُ على امْرَأَتِي وأنا صائمٌ في رمضانَ، قالَ رسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَة تُعْتِقُهَا»، قالَ: لا، قالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيْعُ أن تصومَ شهرينِ متتابعينِ»، قالَ: لا، قالَ: «فَهَلْ تَجِدُ طعامَ ستينَ مسكيناً»، قالَ: لا، فَسَكَتَ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قالَ أبو هريرةَ: فبيْنا نحنُ عَلَى ذَلِكَ إذَا أُتِيَ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فيه تَمْر فقالَ: «أَيْنَ الرجُلُ آنِفاً، خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ»، قالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنْ أَهْلِي يا رسولَ الله ما بينَ لاَبَتَيْهَا أهلُ بيتٍ أفْقَرُ مِنَّا، قالَ: فَضَحِكَ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتَّى بَدَتْ أنيابُهُ ثم قال: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».
وفي هذا الحديث جملة كبيرة من المعاني تستحق أن نقف عند بعضها على الأقل وأبرزها أن النبي عليه السلام لم يعاتب الرجل المخطئ ولم يؤنبه تدرين أختي الكريمة لماذا ؟
لأن الرجل اعترف بخطئه والاعتراف بالخطأ من الفضائل الكبرى لذا كان حديث المصطفى عليه السلام :(كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).
خير الخطائين التوابون وأنت أدرى الناس بأن التوبة لابد أن يسبقها الاعتراف بالخطأ والندم عليه والواضح من الرسالة المنشورة في هذا العدد ومن رسالة إلحاقية أخرى وصلتني من زوجك أنه نادم على ما فعل بل إنه يخشى من أن يقوى الشيطان عليه وعليك هذه المرة وتعطينه الفرصة كي يفرق بينكما.
زوجك ليس ملاكا ولكني أكبر فيه اعترافه بالخطأ وندمه عليه فكثيرون هم الرجال الذين يأتونني وهم مخطئون وكثير منهم أيضا الذين يكابرون ولا يعترفون وقليل منهم من يندم بشدة على ما فعل ولا يتهمون زوجاتهم بالتقصير ، إن في رسالة زوجك الثانية ما يشير إلى اعتراف بالخطأ وندم عليه فلا تترددي أن تغفري لزوجك وتذكري أنك بغفرانك له ستعيننه على شيطانه ولكنك بالمقابل حين تصرين على عدم مسامحته ستساعدين الشيطان عليه.
وتبقى كلمة أخيرة لابد لي أن أقولها لك من حقك أن تنزعجي ومن حقك أن تتألمي ومن حقك أن تصعب عليك نفسك كما يقولون ولكن تذكري أن لا أحد منا معصوم من الخطأ فقط تذكري لو أن الشيطان وسوس لك وضعفت وكنت أنت من تكلم مع رجل في لحظة ضعف وعلم زوجك بذلك هل مما يسرك أن يسامحك أم أن يصر على تعذيبك بكلامه وتذكيرك بما فعلته.
أولادك يحتاجون إلى ابتسامة على وجهك تشعرهم وتشعر زوجك المحب لك أنك قد سامحت وغفرت وتذكري أن مفتاح السعادة للجميع بيدك.
تذكري أن أجرك لن يعدله أجر بل إن هذا العفو هو السبيل الحقيقي لرفع مرتبتك عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فاحرصي على سلامة قلبك واغسليه من درن الحقد والغل وتذكري أن أصحاب الجنة هم الذين لا يحملون غلا في قلوبهم لأحد فكيف بزوج محب أنهكه الخطأ وأتعبه الحرص على استعادة رضاك؟