قبل ان يعلو اذان صلاة الفجر يوم الجمعة الثامن من شهر شعبان المنصرم الموافق لأول من لغرة سبتمبر تهاتف اهالي جازان فيما بينهم وبدت رسائل الجوال تنغم في فجر هادئ «العمدة باسودان توفي»، العم احمد صالح مات.فاشرقت الشمس على اكتظاظ منزله في حي المطار باعيان جازان واهاليها مواساة لذويه لحين ان شرعوا في نقل جثمانه للمسجد والصلاة عليه عقب صلاة الجمعة ودفنه بمقبرة جازان. العمدة احمد صالح احمد باسودان عمدة في الساحل بدأت حياته في محافظة صامطة جنوب جازان فنشأ وترعرع في منزل الشيخ احمد مصلح الشعبي والد القاضي بالمحكمة المستعجلة عبدالله الشعبي وتلقى منه علوم الشريعة، وفي صباه بدأ يساعد التجار في محلاتهم وبسطاتهم ليكسب شيئاً من المهنة قاده ان يرحل من صامطة الى مدينة جازان وهناك شرع في بيع الاقمشة في دكان شعبي صغير بمحلة قرب الحافة تعرف الآن بـ «السوق الداخلي».
وفي الثامنة عشرة من عمره توفي خاله عمر صالح هاشم فورث عنه عمودية حي الساحل ليصبح اصغر عمدة في تاريخ المنطقة فتسلم الختم وبدأ يفتح دكانه لتصديق اوراق الاهالي واصدار التعاريف والتقارير والتزكيات بجانب صديقه عمدة حي الجبل هادي حيدر.
عمل العمدة باسودان في ادارة الجنسية «الاحوال المدنية» ثم انتقل للعمل في الجمارك وهو لا زال يمارس تجارته في الاقمشة وعندما ظهرت بعض الامراض والاوبئة المستعصية وكان الاهالي يبالغون في لجوئهم للطب الشعبي في المحافظات والقرى المجاورة او بعض عطاري المدينة بدر في ذهنه افتتاح صيدلية طبية فنشط فكرته وفتح اول صيدلية في البلد وهو نفس الوقت الذي فتح فيه محمد عبدالله بركات صيدلية اخرى لكن الاخير قد اغلق جميع صيدلياته قبل ثلاثة عقود واكتفى بفرع واحد في محافظة ابي عريش فيما واصل باسودان في فتح فروعه التي بلغت 12 فرعاً قبل وفاته.
وتزوج العمدة مرتين.. لم ينجب من الاولى سوى بنت واحدة سماها «عزيزة» بعد ان حال القدر دون بقاء حياة اولاده الصغار في رحم امهم فتزوج الاخرى وانجب منها اربعة اولاد وست بنات.
وعندما نصب لوحة اول فرع تحت مسمى «صيدلية عزيز» بقى سبب تسميتها مبهماً لم يجد ابناؤه له تفسيراً.
ولم يقتصر دور باسودان في مدينة جازان كعمدة بل كان الداعي للخير واصلاح ذات البين وفض الشقاق والخلافات الزوجية والاجتماعية والتجارية ايضاً وطلب العفو والصلح في القضايا المتعلقة بالمحاكم الشرعية والشرط فضلاً عن مساعدتها في تحضير الخصوم.
وكان يرافق بعض الاسر عند رغبتها في الزواج من اسر اخرى لتزكيتها وطلب موافقتها على التزويج فتؤمن بمدى صدقه عند تزكيته فلا ترد له طلباً.
وقد عرف العم احمد بتسهيل امور من يقصده، فلم يرفض في حياته معاملة اويعثر اصدار تعريف، ويذكر انه كان يستقبل مراجعيه وقت راحته في الليل كي لا يعيق سفرهم وهو يحظى بفراسة تقوده لممارسة مهنته بدقة.. وكان يردد دائماً «لا أبات ليلتي ونفس احد علي».
ويقول هاشم المهدي احد جلسائه لم اعهد في حياتي ان احداً اشتكى منه او لمس منه اساءة وكان يرفض المادة مقابل التصديق او اصدار التعريف والتزكية وهو ما خلق حباً بينه وبين اهالي جازان امتد حتى بعد رحيله.
وقبل خمسة اعوام توفي عمدة حي الجبل فاسندت اليه عمودية مدينة جازان بالكامل وتقاعد عن هذه الاعمال قبل وفاته بتسعة اشهر لتبقى جازان اكثر من عشرة اشهر بلا عمدة بعد ان امضى 65 عاماً في خدمة المنطقة منذ ان تسلم مهام العمدة وهو في الثامنة عشر من عمره.. فرشح ابنه عبدالله لعمودية حي السويس والمطار والصفا فيما اوكل المعبوج للعمدة علي قرموش.
واشد ما آلم ابناء جازان اغلاق محل الاقمشة الذي كان بمثابة المكتب الذي يستقبل فيه الاوراق ويصدر منه التقارير والتعاريف وبمثابة مركاز يجتمع فيه وجهاء المدينة للجلوس وتبادل اطراف الحديث عما يستجد في المنطقة.
ونفى ابنه عبدالله «عبادي» ان يكون سبب اغلاق الدكان هو انتهاء فترة العمودية وتقاعده منها كما هو مشاع بل لقلة مرتادي السوق وتحويل مكتبه للفرع الاول من صيدلياته بالبلد.
ومن الوجهاء الذين كانوا يجتمعون بالدكان ويتجالسون معه عبدالقادر باصمد- رحمه الله- وحسن احمد راجح وهاشم المهدي وسليمان محمد خوري وسالم سعيد با سودان وسالم صالح بابقي.
ويذكر حسن راجح وهاشم المهدي ان باسودان كان ينثر حديثه من اعماق ذاكرته عن الماضي والقديم وارتباطه بالحاضر الذي طمس شيئاً من الاعراف والشكليات كالزيارات والجلسات امام الكرويتات.
ويقول عنه مدير العمليات المشتركة العميد زكي عمر ان العمدة باسودان اول من ادخل نظام الحاسب الآلي في حصر سكان الاحياء فعندما كان يعمل العميد زكي مديراً للامن الوقائي كلف بالتنسيق مع عموم العمد بالمنطقة في تسجيل بيانات السكان ومتابعتهم فبادر بشراء جهاز كمبيوتر وحصر فيه جميع السكان وعندما سألته الشرطة يوماً عن احد السكان فوجئوا انه بمجرد دقيقة افادهم باسمه الرباعي ورقم سجله المدني ومكان سكنه ورقم شقته ومقر عمله ومسماه الوظيفي ايضاً.
ويضيف العميد زكي ان ما يميز باسودان قوة ارتباطه بابناء المدينة وحسن علاقته معهم فكان المدخل الاول لتلبية طلبات الجهات الامنية في تحضير الخصوم او المطلوبين.
ووصفه مساعد مدير شرطة مدينة جازان العميد عبيد خماش بالشخصية المساندة للجهات الامنية اذا كان يدخل بسيارته او يسير بقدميه داخل ازقة الاحياء القديمة كالعشيماء وبرفقته رجال الامن ويدلهم على طلباتهم.
وينبش العميد خماش من ذاكرته ان العمدة قد حضر له صباحاً والقى بالختم على مكتبه وهو في قمة درجات الغضب وقال «انا لا اريد العمودية» فاستلطفه ليعرف ان غريباً طرق باب منزله الساعة الثانية ليلاً وكان يطلب منه تعريفاً بحجة انه سيسافر لخارج المنطقة لكنه رد عليه بعدم معرفته اياه فما كان من الآخر سوى تقديم 100 ريال له فرفضها واغلق الباب.. فاراد ان يرفض وظيفة تجعل غيره يشعر انه بلا ضمير. وبعد عدة شفاعات من الوجهاء ورجال الامن قبل العودة للعمل كعمدة.
اما برنامجه اليومي فيبدأ يومه منذ الساعة الثالثة فجراً.. يمضي ساعات في صلاة الوتر ثم يتوجه لصلاة الفجر بالمسجد وعند عودته للمنزل يخلد للراحة ساعتين فيبدأ بمراجعة الشرطة وبعض الادارات الحكومية ومن ثم لمكتبه بالبلد وعقب الظهر يقضي حوائج بيته من السوق ويمكث في بيته حتى المساء.
وفي رمضان يبدأ بمتابعة اموره التجارية عقب صلاة التراويح فيما يخصص فترة الصباح لقراءة القرآن ومراجعة الشرطة ان لزم.
وقبل ستة اعوام اصيب بوعكة صحية خضع على اثرها للعناية الطبية الفائقة في المستشفى ثم تكررت مرة اخرى قبل عامين الى ان خضع للنصح الطبي في البقاء بالمستشفى قبل وفاته باسبوع ففاضت روحه بمستشفى الملك فهد بجازان الساعة 3.30 فجراً.وفي اليوم التالي طالع الاهالي في الصحف نبأ وفاته كرمز امضى 65 عاماً في خدمة المنطقة.
وفي الثامنة عشرة من عمره توفي خاله عمر صالح هاشم فورث عنه عمودية حي الساحل ليصبح اصغر عمدة في تاريخ المنطقة فتسلم الختم وبدأ يفتح دكانه لتصديق اوراق الاهالي واصدار التعاريف والتقارير والتزكيات بجانب صديقه عمدة حي الجبل هادي حيدر.
عمل العمدة باسودان في ادارة الجنسية «الاحوال المدنية» ثم انتقل للعمل في الجمارك وهو لا زال يمارس تجارته في الاقمشة وعندما ظهرت بعض الامراض والاوبئة المستعصية وكان الاهالي يبالغون في لجوئهم للطب الشعبي في المحافظات والقرى المجاورة او بعض عطاري المدينة بدر في ذهنه افتتاح صيدلية طبية فنشط فكرته وفتح اول صيدلية في البلد وهو نفس الوقت الذي فتح فيه محمد عبدالله بركات صيدلية اخرى لكن الاخير قد اغلق جميع صيدلياته قبل ثلاثة عقود واكتفى بفرع واحد في محافظة ابي عريش فيما واصل باسودان في فتح فروعه التي بلغت 12 فرعاً قبل وفاته.
وتزوج العمدة مرتين.. لم ينجب من الاولى سوى بنت واحدة سماها «عزيزة» بعد ان حال القدر دون بقاء حياة اولاده الصغار في رحم امهم فتزوج الاخرى وانجب منها اربعة اولاد وست بنات.
وعندما نصب لوحة اول فرع تحت مسمى «صيدلية عزيز» بقى سبب تسميتها مبهماً لم يجد ابناؤه له تفسيراً.
ولم يقتصر دور باسودان في مدينة جازان كعمدة بل كان الداعي للخير واصلاح ذات البين وفض الشقاق والخلافات الزوجية والاجتماعية والتجارية ايضاً وطلب العفو والصلح في القضايا المتعلقة بالمحاكم الشرعية والشرط فضلاً عن مساعدتها في تحضير الخصوم.
وكان يرافق بعض الاسر عند رغبتها في الزواج من اسر اخرى لتزكيتها وطلب موافقتها على التزويج فتؤمن بمدى صدقه عند تزكيته فلا ترد له طلباً.
وقد عرف العم احمد بتسهيل امور من يقصده، فلم يرفض في حياته معاملة اويعثر اصدار تعريف، ويذكر انه كان يستقبل مراجعيه وقت راحته في الليل كي لا يعيق سفرهم وهو يحظى بفراسة تقوده لممارسة مهنته بدقة.. وكان يردد دائماً «لا أبات ليلتي ونفس احد علي».
ويقول هاشم المهدي احد جلسائه لم اعهد في حياتي ان احداً اشتكى منه او لمس منه اساءة وكان يرفض المادة مقابل التصديق او اصدار التعريف والتزكية وهو ما خلق حباً بينه وبين اهالي جازان امتد حتى بعد رحيله.
وقبل خمسة اعوام توفي عمدة حي الجبل فاسندت اليه عمودية مدينة جازان بالكامل وتقاعد عن هذه الاعمال قبل وفاته بتسعة اشهر لتبقى جازان اكثر من عشرة اشهر بلا عمدة بعد ان امضى 65 عاماً في خدمة المنطقة منذ ان تسلم مهام العمدة وهو في الثامنة عشر من عمره.. فرشح ابنه عبدالله لعمودية حي السويس والمطار والصفا فيما اوكل المعبوج للعمدة علي قرموش.
واشد ما آلم ابناء جازان اغلاق محل الاقمشة الذي كان بمثابة المكتب الذي يستقبل فيه الاوراق ويصدر منه التقارير والتعاريف وبمثابة مركاز يجتمع فيه وجهاء المدينة للجلوس وتبادل اطراف الحديث عما يستجد في المنطقة.
ونفى ابنه عبدالله «عبادي» ان يكون سبب اغلاق الدكان هو انتهاء فترة العمودية وتقاعده منها كما هو مشاع بل لقلة مرتادي السوق وتحويل مكتبه للفرع الاول من صيدلياته بالبلد.
ومن الوجهاء الذين كانوا يجتمعون بالدكان ويتجالسون معه عبدالقادر باصمد- رحمه الله- وحسن احمد راجح وهاشم المهدي وسليمان محمد خوري وسالم سعيد با سودان وسالم صالح بابقي.
ويذكر حسن راجح وهاشم المهدي ان باسودان كان ينثر حديثه من اعماق ذاكرته عن الماضي والقديم وارتباطه بالحاضر الذي طمس شيئاً من الاعراف والشكليات كالزيارات والجلسات امام الكرويتات.
ويقول عنه مدير العمليات المشتركة العميد زكي عمر ان العمدة باسودان اول من ادخل نظام الحاسب الآلي في حصر سكان الاحياء فعندما كان يعمل العميد زكي مديراً للامن الوقائي كلف بالتنسيق مع عموم العمد بالمنطقة في تسجيل بيانات السكان ومتابعتهم فبادر بشراء جهاز كمبيوتر وحصر فيه جميع السكان وعندما سألته الشرطة يوماً عن احد السكان فوجئوا انه بمجرد دقيقة افادهم باسمه الرباعي ورقم سجله المدني ومكان سكنه ورقم شقته ومقر عمله ومسماه الوظيفي ايضاً.
ويضيف العميد زكي ان ما يميز باسودان قوة ارتباطه بابناء المدينة وحسن علاقته معهم فكان المدخل الاول لتلبية طلبات الجهات الامنية في تحضير الخصوم او المطلوبين.
ووصفه مساعد مدير شرطة مدينة جازان العميد عبيد خماش بالشخصية المساندة للجهات الامنية اذا كان يدخل بسيارته او يسير بقدميه داخل ازقة الاحياء القديمة كالعشيماء وبرفقته رجال الامن ويدلهم على طلباتهم.
وينبش العميد خماش من ذاكرته ان العمدة قد حضر له صباحاً والقى بالختم على مكتبه وهو في قمة درجات الغضب وقال «انا لا اريد العمودية» فاستلطفه ليعرف ان غريباً طرق باب منزله الساعة الثانية ليلاً وكان يطلب منه تعريفاً بحجة انه سيسافر لخارج المنطقة لكنه رد عليه بعدم معرفته اياه فما كان من الآخر سوى تقديم 100 ريال له فرفضها واغلق الباب.. فاراد ان يرفض وظيفة تجعل غيره يشعر انه بلا ضمير. وبعد عدة شفاعات من الوجهاء ورجال الامن قبل العودة للعمل كعمدة.
اما برنامجه اليومي فيبدأ يومه منذ الساعة الثالثة فجراً.. يمضي ساعات في صلاة الوتر ثم يتوجه لصلاة الفجر بالمسجد وعند عودته للمنزل يخلد للراحة ساعتين فيبدأ بمراجعة الشرطة وبعض الادارات الحكومية ومن ثم لمكتبه بالبلد وعقب الظهر يقضي حوائج بيته من السوق ويمكث في بيته حتى المساء.
وفي رمضان يبدأ بمتابعة اموره التجارية عقب صلاة التراويح فيما يخصص فترة الصباح لقراءة القرآن ومراجعة الشرطة ان لزم.
وقبل ستة اعوام اصيب بوعكة صحية خضع على اثرها للعناية الطبية الفائقة في المستشفى ثم تكررت مرة اخرى قبل عامين الى ان خضع للنصح الطبي في البقاء بالمستشفى قبل وفاته باسبوع ففاضت روحه بمستشفى الملك فهد بجازان الساعة 3.30 فجراً.وفي اليوم التالي طالع الاهالي في الصحف نبأ وفاته كرمز امضى 65 عاماً في خدمة المنطقة.