كتب كثير من الباحثين والرحالة والهواة عن صحراء الربع الخالي في الماضي، وعبروا الربع الخالي عبر محافظة شرورة أو قريب منها، وبذلك أصبحت شروره جزءا لا يتجزأ من جغرافية وجيولوجية الربع الخالي، فهي تقبع في الجزء الجنوبي الغربي منه، وتضاريسه هي السائدة على هذه المحافظة، التي تعتبر إحدى محافظات منطقة نجران السبع، ومن أكبرها مساحة وكثافة سكانية حيث تتبع لها إداريا عدة مراكز وقرى وهجر، منها الوديعة والأخاشيم وسلطانه وتماني وسرداب والكناور وقلمة خجيمة و حمراء وتبعد عن العاصمة الإدارية لمنطقة نجران بحوالى 340 كيلو مترا باتجاه الجنوب الشرقي.

الربع الخالي
أوضح الباحث في تاريخ صحراء الربع الخالي علي بن مبارك العوبثاني أن مساحة صحراء الربع الخالي 598 ألف كليو متر مربع تقريبا حيث تشمل المملكة الجزء الأكبر من حدود وجغرافية الربع الخالي، كما يصفها الرحالة برنزام توماس في الفصل الرابع عشر من كتابه (العربية السعيدة) الذي نشر في لندن عام 1932م، في الرحلة التي قام بها إلى الربع الخالي عام 1349 هـ - 1930م حيث كتب ملاحظاته الجغرافية على النحو التالي: الربع الخالي هو جميع المنطقة الواقعة جنوب شرقي الجزيرة العربية، وهو صحارى ثلث مساحته في الشرق والجنوب مكون من منحدرات خالية من الزرع وتقيها بحار الرمال ممتدة إلى الشمال والغرب، وبين رمال الحدود الشمالية تقوم سلاسل جبال الجبس على شكل حدوة حصان مع وجود جبال رملية كثيرة شاهقة ومتحركة كأنها صفحات من الملح وبها نسبة عالية منه ويصفها الرحالة والزائرون بأنها أرض حصوية وبقايا براكين وصخور سوداء، فيما يصفها جون فلبي المعروف بـ « عبد الله فلبي» بهدير الرمال، بينما وصفها الرحالة ولفريد تيسفر، حينما عبر الربع الخالي وسمع الصوت بالرمال العازفة وقال شارلز ردوتي: إنها كثبان من الرمال الهدارة تنهار طبقاتها العليا تحت أقدام المارة فتخرج منها أصوات يزداد ارتفاعها كالرنين فشبهت شرورة، بأنها وردة بين الكثبان الرملية التي تحيط بها من كل الجهات.

سبب التسمية
يعود سبب تسمية شرورة بهذا الاسم كونها تقع في نهاية أطراف الكثبان الرملية وتحيط بها الرمال من كل الجهات عدا الجهة الجنوبية التي توجد بها صخور نارية (المرو)، تمتد حتى تصل جبال الأحقاف، وهذه الأحجار تصدر شررا عندما تشتد الرياح، وكذلك عند قدوم القوافل من جهة الجنوب، فأثناء سير الإبل ليلا تصطدم الأحجار الصغيرة بأخفاف الإبل وتحتك ببعضها وتتناثر مولدة شرارات مضيئة، ويقال إن هذا الاسم كان قديما مقتبسا من الشر كون هذا الموقع يكمن فيه الغزاة لقوافل الإبل، تقع فيه معارك وغزوات، وبهذا سميت بهذا الاسم (شرورة).

توطين البادية
تحدث الشيخ سرور بن مرسل بن رابعة شيخ شمل قبيلة آل خشيمة الصيعر أن شرورة كانت في الماضي منطقة صحراوية قاحلة لا توجد بها مياه، حيث تشتد حرارتها صيفا وتنخفض شتاء وتهب عليها الرياح الموسمية في الصيف وعند هطول الأمطار في أي فصل من فصول السنة تنبت المراعي وتساق لها الإبل من كل مكان وتعتبر الوديعة (بحيرة) لتجميع مياه الأمطار وفيها (حسي) يشرب منه القاطنون ويسقون الإبل ويستمر لمدة ستة أشهر، ثم ينتهي كونه مياها سطحية نتيجة تجمع مياه السيول والأمطار، وهي مكان تجمع الصيد من الغزلان والوضيحي (المها العربي) وبحكم موقعها في الربع الخالي تعتبر منطقة لعبور القوافل من وادي نجران والجوف ومأرب ووادي الدواسر ووادي حضرموت وهي محملة بالبضائع (التمر والبر والزبيب والبن والسمن) ويعتبر وادي مأرب (سبأ) ووادي نجران ووادي الدواسر مناطق زراعية لهذه الحبوب وتباع في المناطق التي لا توجد بها مزارع غنية وتباع الإبل خاصة الهجن الصيعرية مقابل حمولة القوافل الأخرى بالتمر والبر والزبيب والسمن وهذه هي التجارة الخارجية، التي تعرف عندنا وتقع مناطقها ضمن منطقة عبور القوافل بين حضرموت ومنطقة نجران ومأرب ووادي الدواسر، وعندما تهطل الأمطار تزرع الحبوب بكافة أنواعها في المناطق الزراعية أما المراعي فتكثر بهطول الأمطار وتسمن الإبل والأغنام وتباع في الأسواق المجاورة أما اليوم فقد اختلف الحال فأصبح الأمن والأمان والاستقرار وانتهى عصر التسلط الجائر والنهب والقتل وبدأ عصر الحضارة والعلم وبفضل جهود الدولة بفرض الأمن والعدل والمساواة أصبحت الحياة لا تقاس ولا تقارن بالماضي، حيث كانت البداية في هذه الصحراء لتكوين مدينة كبيرة في هذه المنطقة.
وكان محور اهتمام الدولة توطين البادية وتنمية الموارد البشرية لهذه المنطقة الخالية من الكثافة السكانية، وقد بدأت بالسماح لشركة الزيت العربية، بحفر أول بئر ماء في شرورة، ومنها بدأت تنمو الحياة في هذه المنطقة الخالية تماما من البشر، مما أعاد البادية الرحل الباحثين عن الماء والكلأ وبجهود واهتمام المسؤولين بالرحل المتواجدين في الربع الخالي تحول هذا الموقع (محافظة شرورة) إلى مجمع للبادية للحصول على الماء والمواد الغذائية، واحتياجاتهم الأخرى وهكذا تطورت وازدهرت شرورة عبر عشرات السنين.

شرورة بين الأمس والحاضر
استطرد الباحث العوبثاني أن المحافظة شهدت عملية التوطين التي ابتكرها الملك المؤسس عبد العزيز طيب الله ثراه، حيث بدأت عملية التوطين عام 1373 هـ ، وفي عام 1374 هـ تم حفر بئر إرتوازي بعمق 1050 مترا، فصارت موردا للقبائل.
وفي عام 1375 هـ أسست الدولة أول مركز إداري فأخذت شرورة تنمو ويزداد عدد سكانها فانتعشت المحافظة بالحركة والتطور التجاري والعمراني.
فيما بدأ التعليم بشرورة عام 1390هـ بمدرسة وحيدة أطلق عليها اسم «الوديعة» سابقا و «حمزة بن عبدالمطلب» حاليا وكان عدد التلاميذ فيها آنذاك 145 طالبا، وترتبط شرورة بمناطق المملكـة جوا بوجود مطار محلي من أحـدث المطارات الداخلية, وكذلـك ترتبط بطريقين معبدين بالإسفلت أحدهما يربطها بعاصمة المملكة الرياض عـن طريق السليل الأفلاج, والآخر يربطها بجدة عن طريق نجران- أبها،
كما أن محافظة شرورة كسبت شهرة بعد ترسيم الحدود السعودية مؤخرا مـع اليمن الشقيق، وافتتاح منفذ الوديعة الحدودي.
تعتبر شرورة بوابة الجزيرة العربية على البحر العربي، حيث تبعد شرورة عن منفذ الوديعة الدولي 63 كم، وبهذا يتطلــع أهالي المحافظة لنهضة اقتصادية، وحركة تجارية كبيرة بعد إنشاء المنطقة الحرة بين الدولتين الشقيقتين ونقل البضائع والتبادل التجاري، حيث يقوم رجال المال والأعمال بزيارة محافظة شرورة ومنفذ الوديعة للاستثمارات التجارية، والعمل على تنشيط الحركة التجارية بين الدولتين.

تفعيل المنطقة الاقتصادية
من جانبه تحدث مرزوق بن رابعة الصيعري من الاعيان قائلا إن المحافظة في أمس الحاجة إلى إنشاء منتزهات وحدائق خارج المحافظة لتكون متنفسا لأبنائها، وحفر عدة آبار للمياه نظرا لقلة المياه وخاصة في فصل الصيف، مع العلم أن زيادة الرقعة الخضراء تحتاج إلى زيادة إنتاج المياه، وبما أن هناك كثافة سكانية فإن المحافظة بحاجة إلى إنشاء مستشفى أطفال ونساء، للحد من العدد الكبير وتكدس المراجعين في المستشفى العام في المحافظة، ويتطلع الشباب للإسراع في افتتاح فرع للجامعة بتخصصات متعددة من أجل خدمة خريجي الثانوية في المحافظة، لإكمال تعليمهم الجامعي ويتطلع أبناء المحافظة لنهضة عمرانية وحركة اقتصادية كبيرة ويأملون بتفعيل المنطقة الاقتصادية الحرة بين الدولتين الشقيقتين، وذلك من أجل تبادل الاستثمارات والعمل على تنشيط الحركة التجارية والبدء في مشروع مدينة الإخاء الاقتصادية المشتركة، وحث رجال الأعمال والمختصين للبدء في المشاريع الاقتصادية لتنمية هذه المحافظة.

مشاريع بلدية
من جانبه أوضح رئيس بلدية محافظة شروره فوزي بن يحيى آل منصور أن شرورة والمراكز التابعة لها حظيت بمشاريع بلدية في1429 هـ 1430 هـ، بلغت قيمتها 50 مليون ريال، تتمثل في سفلتة وأرصفة وإنارة لمخططات شرورة مع الإسكان الخيري ومشروع تحسين وتجميل مدخل الوديعة – المنفذ الدولي (طريق الملك عبد العزيز) وإنشاء سوق خضار، ومسلخ بالوديعة، وسفلتة طرق وربط لقرى شرورة وإنشاء ورشة للبلدية وسفلتة وأرصفة وإنارة أخرى للقرى بالإضافة إلى مشروع درء أخطار السيول بشرورة والقرى التابعة لها.