شعرت بالخجل وأنا أقرأ خبرا محليا عن قيام أمانة العاصمة المقدسة بصيانة نحو ثلاثين دورة مياه تُفاخر بوجودها في أنحاء متفرقة من مكة المكرمة جاء في الخبر الصحفي ذكرها، وسبب شعوري بالخجل أنني وجدت نفسي أمام عدد متواضع جدا من دورات المياه العامة، في مدينة كبرى يبلغ عدد سكانها في أيام «البصارة!» مليونا وخمسمائة ألف نسمة ويزيد عدد سكانها في شهري رمضان والحج على ثلاثة ملايين نسمة، ومع ذلك كله فإنه لا يوجد بها إلا ثلاثون دورة مياه عامة، الله عليم بأحوالها!، فهل يليق بمدينة تحتضن هذه الأعداد من السكان أو حتى عُشْر هذه الأعداد ألا يكون بها سوى هذا العدد الضئيل من دورات المياه العامة، في الوقت الذي يوجد في مدينة باريس على سبيل المثال عشرات الآلاف من دورات المياه العامة الموجودة في كل شارع رئيسي أو فرعي فلا يلتفت المار بتلك الشوارع يمنة أو يسرة إلا ويجد أمامه علامة تدل على وجود دورة مياه للنساء وللرجال –كل على حدة!، بعضها مجانا وبعضها الآخر برسوم رمزية وهي في منتهى النظافة والأناقة، وهذا الأمر ينطبق على معظم المدن المتحضرة في العالم أو الآخذة بأسباب التحضر، وهم يعتبرون دورات المياه العامة خدمة أساسية لا يمكن لهم التهاون في توفيرها مع أن فنادقهم ومطاعمهم ومقاهيهم ومتاجرهم وأسواقهم كلها يتوفر بها دورات مياه متاحة للزبائن وللمارة لكي يدخلوها ويستخدموها دون أن يقف في وجههم أحد، أما لدينا فإن دورات المياه العامة تكاد تكون معدومة أو نادرة الوجود وعددها ضئيل ومحدود، ولا يسمح بدخول دورات المياه الموجودة في الفنادق إلا لقاطنيها فقط لا غير أما المساجد فلا تفتح دورات مياهها إلا قبل الأذان بدقائق لتقفل بعد ذلك حتى موعد الأذان التالي، وليس أمام «المزنوق» سوى ارتياد إحدى «الزنقات» حسب التسمية المغربية للأزقة أو يستمر مزنوقا حتى أشعار آخر مادام موجودا في الشارع.

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة