جسر الجمرات الجديد الذي يجري العمل فيه على قدم وساق سيزيد من الطاقة الاستيعابية في رمي الجمرات وبالتالي سوف تتدفق الألوف من الحجاج إلى منطقة الحرم لإتمام المناسك وحتى لا يحدث ما لا تُحمد عقباه لا سمح الله فإن تثقيف الحاج بأداء النسك على فقه التيسير بعيداً عن الغلو والتشدّد والفتاوى القاتلة يجعل الحج أكثر سلاماً وأماناً..
إن طواف الإفاضة هو ركن من أركان الحج لا يتم الحج بدونه ولا يسقط بسهو ولا نسيان ولا خطأ ولا عمد ولا يُجبر بدم كما ذكره الحجاوي في المقنع, وابن الهمام في فتح القدير, والكاساني في البدائع, وابن حزم في المحلى (7/171) وغيرهم. بل قد تضافرت أقوال أهل العلم بالإجماع على ركنية هذا الطواف في الحج، لقوله تعالى: (وليطوّفوا بالبيت العتيق). الآية. ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام في حق زوجته أم المؤمنين صفية رضي الله عنها وقد حاضت عند الرحيل إلى المدينة في حجّة الوداع: " أحابستنا هي..؟ " ، ظناً منه عليه الصلاة والسلام أنها لم تطف طواف الإفاضة، فيؤخذ منه أن هذا الطواف ركن لا يسقط عن أحد ولا حتى عن الحائض كما أسقط عليه الصلاة والسلام طواف الوداع عنها لهذا العذر. ووقت أداء هذا الطواف يبدأ من منتصف ليلة النحر ويستمر إلى آخر العمر. قال ابن قدامة في المغني (3/441): والصحيح أن آخر وقته ـ أي وقت طواف الإفاضة ـ غير محدّد فإنه متى أتى به صح بلا خلاف.. فأما الوقوف ـ بعرفة ـ والرمي ـ للجمار ـ فإنهما لما كانا موقوتين كان لهما وقت يفوتان بفواته وليس كذلك الطواف فإنه متى أتى به صحّ. وقال ابن عابدين في حاشيته (2/467): والطواف يتأخر إلى آخر العمر. وقال النووي في المجموع شرح المهذّب (8/161) ولا آخر لوقت طواف الإفاضة. وقال أيضاً في موضع آخر (8/224) طواف الإفاضة لا آخر لوقته بل يبقى ما دام حياً ولا يلزمه دم بتأخيره.
وتوالت على هذا المنوال أقوال عامة الفقهاء. فإذا جاز تأخير طواف
الإفاضة ـ وهو من المناسك التي تمر في أدائها بعنق الزجاجة ويكتنفها التلاحم والتدافع والموت ـ إذا جاز تأخير هذا الطواف بلا كفارة ولا دم جبران ولا شيء على الحاج في ذلك أصبح لدينا أداة شرعية لدى القائمين على برامج تنظيم تدفقات الحجيج في أداء المناسك بالتفويج وما شابه ذلك حرصاً على سلامة الأرواح وهي مقصد من أكبر مقاصد الشريعة، فأقوال أهل العلم على جواز تأخير طواف الإفاضة، وهو الذي يُعتبر من المناسك التي تكتنفها مخاطر التدافع في ساعات الذروة. وبتأخير هذا الطواف يصبح بالإمكان تلافي التكدّس الرهيب الذي يقع غالباً في المطاف والمسعى خلال فترة الذروة من يوم النحر إلى السابع عشر من ذي الحجة. والحاج قبل طواف الإفاضة كما هو معلوم محظور عليه النساء. إلاّ أن فترة التأخير هذه لا تستوجب أكثر من عشرة أيام ابتداءً من يوم عرفة، وليست هذه المدة مما تحصل بها المشقة والعنت بسبب الامتناع عن النساء، لاسيما أن عامة الحجاج هذه الأيام إنما هم من كبار السن. ثم إن هذا التأجيل لطواف الإفاضة يتولّد عنه شرعاً تسهيل آخر وتيسير أكبر وهو أن طواف الوداع يسقط عن الحاج في حالة ما إذا أخّر طواف الإفاضة لحين مغادرته مكة كما ذكره النووي في المجموع شرح المهذّب (8/220) وابن قدامة في المغني (3/459)، وابن مفلح في الفروع (3/521) وفي الإقناع (1/391).

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة