عبدالرحمن الأهدل شاعر يمني مثقف ومشاكس ومرح وغيور على اللغة العربية، التقيناه وهو متذمر من البرنامج الذي أوصله للشهرة وعرف الناس به بعد ان كان مغمورا. وقال لعكاظ اذا حضر الشعر الفصيح «بطل» الشعر النبطي، واعتبر ان لجنة برنامج شاعر المليون غير مؤهلة، وأضاف: ان واقع المثقف العربي صعب ومعقد وعويص ويدمي القلوب ويحرق الأفئدة ويلوع المهج. ورغم تحفظه على الإدلاء بالكثير من الأسرار إلا اننا استطعنا ان نخرجه من صمته وعزلته الإعلامية، وفيما يلي تفاصيل الحوار:
الشاعر الأهدل ماذا بعد شاعر المليون؟
شاعر المليون كان محطة عبور او نزهة او استراحة او تأشيرة السفر للعالم الآخر.
الم يكن جوازا للعبور الى الشهرة؟
بكل تأكيد، وهو سبب في إبرازي ودخولي الى دائرة الضوء ومنحني مساحة للتعبير والإنشاد والشهرة.
شاركت ولم تكن مصنفا ضمن الشعراء الشعبيين؟ كيف تم قبولك؟
نعم لست كذلك، ولست موغلا او مدلآ في الشعبي او النبطي بباع او ذراع ولكن لي أنفاس وانا أنتمي للشعر الفصيح. وهذا لا يقلل من قيمة الشعر النبطي وشخوصه، لكن اذا حضر الماء بطل التيمم، وبما ان عوامل الماء وأقصد الشعر الفصيح بدأت تضعف لذا حل بديلا له التيمم وأقصد بذلك الشعر النبطي او العامي.
هل كنت محقا ام قاسيا عندما وصفت نفسك بالشاعر الفاضي؟
قد يكون الواقع هو الذي يكذب هذه الآمال ويصادم هذه الطموحات لأن المجريات على الساحة تؤكد ما أقوله وتسير في هذا المجرى وتدور في هذا الفلك. اما وصفي لنفسي بالفاضي فقد اتى في سياق قصيدة طريفة.
"سألتني ..
هل انت رياضي
او مطرب في دار القاضي
او نت ممثل او لاعب
سرك استعراضي
قلي يا حبي الازلي
هل انت على وضعك راضي
فأجبت بهمس في خجل
انا شاعر.. لكن عالفاضي
والشهرة تسكن الفاضي
لم تكن ضمن الشعراء الذين حصلوا على المراكز الأولى في شاعر المليون لماذا ؟
شاعر المليون ليس هو البرنامج او الجهة التي تحدد الشاعر الأول من الأخير، ويحدد هذا أهل الأدب والنقد والاختصاص في هذا الفن.
هل معنى هذا ان لجنة شاعر المليون غير مؤهلة لتقييم الأهدل؟
نعم بالضبط ، جميعهم غير مؤهلين باستثناء شخص واحد د. غسان الحسن وأنا شخصيا لا اعترف بناقد واحد في اللجنة سوى الحسن ومع هذا قد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر وقد يغلب التلميذ شيخه.
قصيدتك التي شاركت بها في شاعر المليون لم تكن شعبية ولم تكن مرضية للكثير من المتابعين؟
هي كانت مزيجا او خليطا من الفصيح والنبطي وبها صور وملامح. وقد وجدت قبولا مذهلا وهذا بحد ذاته نجاح يسجل لي.
-ولكن هناك من أرجع شهرتك كما تقول الى مقاطعتك للجنة البرنامج في الكثير من الردود ؟ رغم انها لا تخدم شاعريتك؟
عندما اتتداخل او ارد على اللجنة فهذا من حقي فلست ببغاء يردد ما يطلب منه او كما يريد فلان او علان فهذا ليس من قناعاتي ولا من أخلاقي وردودي على اللجنة لم تكن فلسفية او استعراضا لثقافتي إنما كانت ردودا علمية وأدبية تصب في صالح الشعر وتوضيحا للمشاهد.
أين تجد نفسك في الشعر ام الخطابة؟
أتمنى ان أكون ممن يصح ان يطلق عليه أديب لأنه المتمكن في اللغة وأدواتها والمطلع على العرب ووقائعها وكتب التاريخ ومصادرها وأسماء الإعلام وتراجمها ومصطلح الأديب اخص من مصطلح الشاعر فكل أديب شاعر وليس كل شاعر أديب.
لماذا لا يكون لك موقع شخصي مثل الكثير من الشعراء؟
اعمل الآن على إنشاء موقع شخصي وأقول للناس ان مرتين من خمس دقائق من شاعر المليون ليست كافيه للتعرف على شخصية عبدالرحمن الأهدل.
كيف ترى الشعر اليمني مقارنة بالشعر في الخليج ؟
البيئة واحدة واللغة واحدة والنسيج واحد والقبائل مترابطة بعضها ببعض وهذا شيء لا يختلف عليه اثنان وإنما ارى ان القضية هو اختلاف لهجات وفي الأخير كل الطرق تؤدي الى مكة وليس الى روما كما يشاع.
كيف ترى إقامة أمسيات شعرية مقابل المبالغ المادية؟
أؤيد ذلك انطلاقا من المقولة للإمام الشافعي رحمه الله عندما قال (لو اشتغلنا بتحصيل بصله ما حفظنا مسألة) فإذا كان الشاعر يعاني ويقاسي الأمرين فكيف يستطيع الإبداع والتفرغ، فالأمسيات المدفوعة تدعم مسيرته الأدبية والشعرية ولن نذهب بعيدا اذا قارنا الشاعر بما يتقاضاه المطرب في الليلة الواحدة فالفرق شاسع والبون واسع فالمطرب والرياضي يدفع لهما ملايين فلماذا نستخسر دفع هلالات للشاعر وهو ضمير الأمة الحساس وقلبها النابض ولسانها المعبر .
كيف تنظر الى واقع المثقف العربي وحال اللغة العربية؟
واقع المثقف العربي واقع صعب ومعقد وعويص واقع يدمي القلوب ويحرق الأفئدة ويلوع المهج. التثقيف في اللغة العربية التهذيب والترتيب تقول تثقيف العود اذا رتبته وهذبته. والكثير من الأفكار تدنت الى مستوى السطحية والجماهير أصبحت تصفق لكل ناعق وناهق كلما سمعوا طبلا رقصوا عليه لا أرى واقعا ثقافيا ناجحا بدليل ما تبرزه هذه الفضائيات وهذه القنوات فهو يمثل رؤية تختلف تماما عن الثقافة العربية الصحيحة بل هذا مؤشر انحراف العجلة عن مسارها الطبيعي وبين هذا الواقع المؤلم والأسباب والعوامل التي أدت إليه أصبح المثقف العربي بين المطرقة والسندان والحل يكمن بإعادة هيكلة الكثير من المنابر الإعلامية ورسم مشاهدها من جديد.