قبل أسابيع أعلن الداعية عمرو خالد عن برنامج على شاكلة تلفزيون الواقع لتخريج دعاة وهو يواصل ما أسسه من سلوك دعوي عبر مجموعاته " صناع الحياة " المنتشرة في أنحاء العالم، وقبله قاد الدكتور طارق السويدان من الكويت وما زال برامج شبابية عالمية مختلطة لصناعة قادة جدد, ومضى على النهج ذاته الدكتور علي العمري من المملكة عبر مجموعته فور شباب, وتلك الصور الدعوية الجديدة بقيادة دعاة مشهورين كمن أسلفنا ما هي إلا محصلة لظاهرة "الملتزمون الجدد" التي انتشرت منذ سنوات ليست بالبعيدة في المجتمعات العربية بين أبناء الجيل الحالي. والمتأمل للظاهرة يجد تضاربا في الأفكار والسلوك إلى حد القطيعة مع أفكار وسلوك الجيل الذي سبقه من المتدينين, فالملتزمون الجدد يتأنقون في الملبس والمأكل ويغدقون على أنفسهم المال ويركبون السيارات الأنيقة, ويتابعون الموضة, بل وكثير منهم هم من أبناء الطبقة الغنية أو المتوسطة.
بين الدعوة والموضة
تلك الشريحة تمارس الواجبات الدعوية، وكثيرا ما يتحدثون عن قصة التزامهم، وعن روعة التدين الذي وجدوا أنفسهم خلاله, ولا تكاد تخطئهم عين وهم يبتهلون ويبكون في صلاتهم, وفي الوقت ذاته فالفتيات من الملتزمات الجدد يضعن الماكياج, ويفوح منهن العطر, يرتدين الملابس الضيقة أحيانا, ولا عجب أن تشاهد حديثا بين فتى وفتاة بعيدا عن المجموعة،مع متابعة أحدث الأفلام في السينما العربية والغربية ومتابعة أخبار الفنانين.
وفي غالب الأمر فالملتزمون الجدد يكرهون التلقي ويميلون إلى الاشتباك والتفاعل واتخاذ القرار يختارون التخصصات ذات البعد الحضري, ويتحدثون اللغة الانجليزية حتى ضمن جملهم العربية, وهم يتواصلون بها مع العالم من حولهم, إضافة الى طغيان التعاملات الالكترونية على سلوكهم.
جرأة
وتعليم هذه الفئة لا يقوم على التلقين أو الاستظهار، لكنه في الأغلب يقوم على التساؤل والاكتشاف، بما يؤثر على عقليته وينجو بها من فخ التسليم والتصديق الدائمين.
هذا الجيل اجتماعيًّا لديه رصيد كبير من التحدي، يمكنه أحيانا أن يقف أمام والده أو والدته أو أي كبير، ويناديه باسمه بلا ألقاب، جيل يمكنه أن ينتقد سلوك والديه أو معلمه ببساطة، ويستطيع أن يصرخ في وجهه: أنا غير مقتنع.. أو أن ينتهي "الخلاف" بلا حل، وأن يعطي كل منهما الآخر ظهره ويمضي في طريقه.
كما انه لا يسمع عن الجنس الآخر ولا يأخذ تصوراته من خلال "إخوانه ومربيه" بل هو يعرف الجنس الآخر عن قرب، يتعامل معه في إطار " الكوفي " أو " المنتدى " أو الدراسة أو الرحلات المشتركة, ولا يعتقد أن كل لقاء بين الجنسين هو لقاء تحوطه الشهوات وتغلفه خائنة الأعين - كما يقول ثامر - بل هو يفرق وبوضوح بين لقاء من هذا النوع ولقاء بريء وطبيعي جدا مع ابنة خالته أو زميلته في العمل أو جارته، فلا مجال لأن توضع له قضية في إطار مبالغ فيه، وبالتالي فلا مجال لأن يستورد أحكاما وانطباعات، فضلا عن أن يصدر له أحد أسلوبا وطريقة للتعامل مع الجنس الآخر، بل يتعامل بطبيعية وتلقائية، وقواعد هذا التعامل مستقرة وواضحة بالنسبة له ولمجتمعه، وبالتالي لم يكن عسيرًا عليه أن يكيف هذا الأمر مع ما آمن به من مبادئ وقيم إسلامية.
ابن مجتمعه
ولأن " الملتزم الجديد " لا يقرأ الجرائد غالبًا، فقد استقل بثقافته وكونها بنفسه عن طريق كم هائل من الفضائيات أو شبكة الانترنت .
ياسر باعامر ( صحفي ) يرى بأن هذا الجيل مختلف دعويًّا، فمع انتشار التدين ومظاهره لم تعد هناك حاجة لمفاصلة مع المجتمع؛ ببساطة لأنه لا يرى لنفسه تميزًا عن أقرانه؛ لأن المجتمع في نظره ووفق قيمه أقرب للتدين, وهو لا ينظر لنفسه كـ"داعية" سيغير وجه العالم، بقدر ما يجد أحلامه أبسط، وغاياته أقرب, والمهم عنده أن لا يتكلف بعمل بل يقوم به بكل براءة .
وهو يدافع عما يعتقد دون الإحساس بعقدة الخوف, جيل يملك الاختيار، ربما بفعل تعدد الخيارات أمامه، ويتحكم في أوضاعه ويغير عمله بسهولة، هذا الجيل انطلق في حياته يريد أن يخدم الأفكار التي آمن بها، وينشر الآراء التي تبناها.
ساعده في ذلك وفرة وسائل الاتصال الحديثة، فضائيات وإنترنت، البعض عمل في هذه الفضائيات وفي مواقع النت وفي غيرها، وحاول كل منهم بجهد فردي الاجتهاد في العمل وإتقانه، وانطلق آخرون نحو عمل اجتماعي شبابي لا يقول: نحن إسلاميون، بل ينخرط فيه الجميع، محجبات وغير محجبات، متمسكون بالصلاة و غيره من الواجبات الشرعية، ولم يجعل هدفه التغيير الكامل لهؤلاء الأفراد، ولكن التعاون على أهداف بعينها: زيارة لملجأ أو المشاركة في إنشاء مستشفى أو التبرع بالدم ..وغير ذلك.
صاحب دعوة
إن "الواجبات الدعوية" حاضرة بنسب متفاوتة في هذا الجيل دون تخوف من شيء، بل دون تصور لأي معنى للخوف، إنه يقوم بواجب دعوي غير متكلف وفي غالب الحال ينبع ذلك الواجب من حبه لمجتمعه ووطنه، وبالتالي فهو يتحرك بحريته .
ظواهر مشتركة
وفي محاولة لرصد الظواهر المشتركة لهذا الجيل الجديد من المتدينين بحسب خالد العتيبي ( اعلامي وأستاذ جامعي )
قال : سنجد " الحجاب الإسلامي" يتحول الى زينة, يرسم صورة لنمط جديد من التدين الإسلامي، تدين يقوم على ركائز العولمة وإعادة التكوّن من خلال السوق والنمط الاستهلاكي.
والنشيد لم يعد عند هذا الجيل صوتاً مفرداً دون مؤثرات, بل جماله أن يكون مصحوبا بالموسيقى, او على الأقل بالمعالجة الصوتية, مع كون كلمات الأناشيد لم تعد ملتزمة بالشعر الفصيح فقد تجاوزت معانيها " الطابع الثوري " الى الحب, و التسابيح والأخلاق, ويغلب على ألحانها النمط الحزين .ومن أهم الظواهر المشتركة عند جيل "الملتزمون الجدد" ظاهرة لا تخطئها العين ألا وهي تجمعات شبابية تتمحور حول العمل الخيري، في ما يبشر بإمكانية عودة روح التطوع من أجل "الخير العام" إلى مجتمعاتنا خاصة أن تدفق موجات الشباب على العمل الخيري عبر المجموعات جعل منه "موضة" يتباهى بها أبناء هذا الجيل .
ومن تلك الظواهر- يتابع خالد - سطحية الثقافة الدينية, والتعامل مع السيرة النبوية بشكل روحي أكثر منه تعاملا علميا, وفي المقابل عمق في الثقافة التخصصية إلى درجة الاحتراف.
بين الدعوة والموضة
تلك الشريحة تمارس الواجبات الدعوية، وكثيرا ما يتحدثون عن قصة التزامهم، وعن روعة التدين الذي وجدوا أنفسهم خلاله, ولا تكاد تخطئهم عين وهم يبتهلون ويبكون في صلاتهم, وفي الوقت ذاته فالفتيات من الملتزمات الجدد يضعن الماكياج, ويفوح منهن العطر, يرتدين الملابس الضيقة أحيانا, ولا عجب أن تشاهد حديثا بين فتى وفتاة بعيدا عن المجموعة،مع متابعة أحدث الأفلام في السينما العربية والغربية ومتابعة أخبار الفنانين.
وفي غالب الأمر فالملتزمون الجدد يكرهون التلقي ويميلون إلى الاشتباك والتفاعل واتخاذ القرار يختارون التخصصات ذات البعد الحضري, ويتحدثون اللغة الانجليزية حتى ضمن جملهم العربية, وهم يتواصلون بها مع العالم من حولهم, إضافة الى طغيان التعاملات الالكترونية على سلوكهم.
جرأة
وتعليم هذه الفئة لا يقوم على التلقين أو الاستظهار، لكنه في الأغلب يقوم على التساؤل والاكتشاف، بما يؤثر على عقليته وينجو بها من فخ التسليم والتصديق الدائمين.
هذا الجيل اجتماعيًّا لديه رصيد كبير من التحدي، يمكنه أحيانا أن يقف أمام والده أو والدته أو أي كبير، ويناديه باسمه بلا ألقاب، جيل يمكنه أن ينتقد سلوك والديه أو معلمه ببساطة، ويستطيع أن يصرخ في وجهه: أنا غير مقتنع.. أو أن ينتهي "الخلاف" بلا حل، وأن يعطي كل منهما الآخر ظهره ويمضي في طريقه.
كما انه لا يسمع عن الجنس الآخر ولا يأخذ تصوراته من خلال "إخوانه ومربيه" بل هو يعرف الجنس الآخر عن قرب، يتعامل معه في إطار " الكوفي " أو " المنتدى " أو الدراسة أو الرحلات المشتركة, ولا يعتقد أن كل لقاء بين الجنسين هو لقاء تحوطه الشهوات وتغلفه خائنة الأعين - كما يقول ثامر - بل هو يفرق وبوضوح بين لقاء من هذا النوع ولقاء بريء وطبيعي جدا مع ابنة خالته أو زميلته في العمل أو جارته، فلا مجال لأن توضع له قضية في إطار مبالغ فيه، وبالتالي فلا مجال لأن يستورد أحكاما وانطباعات، فضلا عن أن يصدر له أحد أسلوبا وطريقة للتعامل مع الجنس الآخر، بل يتعامل بطبيعية وتلقائية، وقواعد هذا التعامل مستقرة وواضحة بالنسبة له ولمجتمعه، وبالتالي لم يكن عسيرًا عليه أن يكيف هذا الأمر مع ما آمن به من مبادئ وقيم إسلامية.
ابن مجتمعه
ولأن " الملتزم الجديد " لا يقرأ الجرائد غالبًا، فقد استقل بثقافته وكونها بنفسه عن طريق كم هائل من الفضائيات أو شبكة الانترنت .
ياسر باعامر ( صحفي ) يرى بأن هذا الجيل مختلف دعويًّا، فمع انتشار التدين ومظاهره لم تعد هناك حاجة لمفاصلة مع المجتمع؛ ببساطة لأنه لا يرى لنفسه تميزًا عن أقرانه؛ لأن المجتمع في نظره ووفق قيمه أقرب للتدين, وهو لا ينظر لنفسه كـ"داعية" سيغير وجه العالم، بقدر ما يجد أحلامه أبسط، وغاياته أقرب, والمهم عنده أن لا يتكلف بعمل بل يقوم به بكل براءة .
وهو يدافع عما يعتقد دون الإحساس بعقدة الخوف, جيل يملك الاختيار، ربما بفعل تعدد الخيارات أمامه، ويتحكم في أوضاعه ويغير عمله بسهولة، هذا الجيل انطلق في حياته يريد أن يخدم الأفكار التي آمن بها، وينشر الآراء التي تبناها.
ساعده في ذلك وفرة وسائل الاتصال الحديثة، فضائيات وإنترنت، البعض عمل في هذه الفضائيات وفي مواقع النت وفي غيرها، وحاول كل منهم بجهد فردي الاجتهاد في العمل وإتقانه، وانطلق آخرون نحو عمل اجتماعي شبابي لا يقول: نحن إسلاميون، بل ينخرط فيه الجميع، محجبات وغير محجبات، متمسكون بالصلاة و غيره من الواجبات الشرعية، ولم يجعل هدفه التغيير الكامل لهؤلاء الأفراد، ولكن التعاون على أهداف بعينها: زيارة لملجأ أو المشاركة في إنشاء مستشفى أو التبرع بالدم ..وغير ذلك.
صاحب دعوة
إن "الواجبات الدعوية" حاضرة بنسب متفاوتة في هذا الجيل دون تخوف من شيء، بل دون تصور لأي معنى للخوف، إنه يقوم بواجب دعوي غير متكلف وفي غالب الحال ينبع ذلك الواجب من حبه لمجتمعه ووطنه، وبالتالي فهو يتحرك بحريته .
ظواهر مشتركة
وفي محاولة لرصد الظواهر المشتركة لهذا الجيل الجديد من المتدينين بحسب خالد العتيبي ( اعلامي وأستاذ جامعي )
قال : سنجد " الحجاب الإسلامي" يتحول الى زينة, يرسم صورة لنمط جديد من التدين الإسلامي، تدين يقوم على ركائز العولمة وإعادة التكوّن من خلال السوق والنمط الاستهلاكي.
والنشيد لم يعد عند هذا الجيل صوتاً مفرداً دون مؤثرات, بل جماله أن يكون مصحوبا بالموسيقى, او على الأقل بالمعالجة الصوتية, مع كون كلمات الأناشيد لم تعد ملتزمة بالشعر الفصيح فقد تجاوزت معانيها " الطابع الثوري " الى الحب, و التسابيح والأخلاق, ويغلب على ألحانها النمط الحزين .ومن أهم الظواهر المشتركة عند جيل "الملتزمون الجدد" ظاهرة لا تخطئها العين ألا وهي تجمعات شبابية تتمحور حول العمل الخيري، في ما يبشر بإمكانية عودة روح التطوع من أجل "الخير العام" إلى مجتمعاتنا خاصة أن تدفق موجات الشباب على العمل الخيري عبر المجموعات جعل منه "موضة" يتباهى بها أبناء هذا الجيل .
ومن تلك الظواهر- يتابع خالد - سطحية الثقافة الدينية, والتعامل مع السيرة النبوية بشكل روحي أكثر منه تعاملا علميا, وفي المقابل عمق في الثقافة التخصصية إلى درجة الاحتراف.