العمدة هل انتهى زمنه؟ أم مازالت الحاجة إليه ماسة وضرورية؟ و هل طرأت تغييرات على مهامه مع التطورات التي لحقت بحياة الناس واحتياجاتهم وما يتطلعون إليه من خدمات؟
هناك من يرى أن العمدة لم يعد سوى جهة لاستكمال إجراءات مطلوبة لدى جهات أخرى. وربما لايحسن أداء تلك المهمة أيضا لانشغاله بمهام كثيرة. فيما يطالب آخرون بتفعيل دوره أكثر مما هو حاليا لاسيما مع ازدياد الجرائم والحوادث التي تقع في الأحياء وأن يطور عمله بادخال التقنية حتى يتمكن من مواكبة العصر. ورغم كل ما يوجه لبعض العمد من انتقادات إلا أننا لانستطيع أن نصف جميع العمد "بالسلبية" فكثير منهم لازالوا محافظين على مكانة العمدة بتلمسهم حاجة الأهالي وحلهم المشكلات في إطار الحي قبل وصولها إلى مراكز الشرطة، وهذا النوع من العمد هو الذي ينظر إلى المهمة كتكليف وليس وجاهة اجتماعية ويدرك جيدا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.
ولكن ماذا يقول الناس عن العمدة وكيف يرونه من نافذة الخدمات الأمنية والاجتماعية ؟
محمد الزهراني مر بتجربة مزعجة مع العمدة فيقول: أكثر من 10 مرات زرت مكتب العمدة لتصديق ورقة لجهة ترغب في توظيفي ولم أجده، وعندما عثرت عليه في المرة الأخيرة طلب مني بعض الأوراق لفتح ملف لديه حتى يتسنى له ادخال معلوماتي في الحاسب الآلي رافضا التصديق على أوراقي، وعندما احضرت المستندات المطلوبة لم أجده ورفض مساعدوه استلام الملف ومراجعته وتسجيلي في الحاسب الآلي وإنهاء معاناتي بحجة أنهم لا يملكون صلاحيات لاستلام المستندات وتدقيقها، ويضيف الزهراني المؤلم أنهم لايعرفون كيفية تشغيل الحاسب الآلي.
إلا أن مواطنة تحتفظ «عكاظ» باسمها كان لها رأي مغاير وعلى الرغم من انتظارها الطويل أمام مكتب العمدة قالت بعفوية "قل على لساني العمدة نشيط ويخاف الله ويخدم الناس بكل ما أوتي من جهد". وعندما سألتها عن مطلبها من العمدة قالت "والدنا في السجن بسبب ديون تراكمت عليه و العمدة تعاون معي وبحث لي عن عمل، وأنا الآن في انتظاره لاعرف مكان العمل وبعض التفاصيل. ويعترف محمد سالم أنه لايعرف شيئا عن مهام العمدة ويتساءل هل هو موظف حكومي ملزم بدوام ومهام معينة أم له مهام أخرى ؟ متمنيا أن يوضحها له ولغيره .
هناك مشكلات بسيطة من المفروض ألا يلجأ أصحابها إلى الشرطة، وأن يتولى العمدة حلها.. هكذا يقول شرف عقيل ويضيف، مثل المشكلات التي يسببها الأولاد في الشوارع أو ما ينشب أحيانا من نزاع بسبب إيقاف سيارة بشكل خاطئ، وكذلك بعض المشكلات العائلية المحرجة إذا طرحت على الشرطة، وغيرها مما يمكن أن يتولى العمدة حلها بالتفاهم والحسنى وبما يحفظ ماء الوجه وكرامة الناس.
وعن رسالة العمدة يقول عمدة حي الرويس طلال بن عبدالعزيز الجحدلي: "إنها وظيفة وضعت لخدمة أفراد الحي والتفاني في متابعة مصالحهم، فصغيرهم ابن لي وكبيرهم أخ ، وشيخهم أب. ويضيف ربما اختلف عن بعض زملائي عمد الأحياء الآخرى في أنني تدربت على أعمال ومهام العمودية من والدي ـ رحمه الله ـ بصفته عمدة سابقا لحي الرويس وبعض هذه المهام خارجة عن المهام الروتينية، وتميل في أغلبها إلى الجوانب الإنسانية والاجتماعية.
عمدة حي غليل علي بن محمد الغامدي يقول: "إننا نعمل على تحقيق ونجاح مهمتنا، معتمدين على معلومات عن أفراد الحي، عبر استمارات وملفات نستخدمها كقاعدة بيانات لإنجاز الخدمة بالشكل المطلوب، كما نعمل على تنفيذ جولات مختلفة للحي في أوقات وأماكن معينة للتعرف عن قرب على أفراد الحي وأحوالهم، وهذه الجولات ذات فائدة كبيرة ومتعددة أهمها الإطلاع على ما يحدث على أرض الواقع ونتعمد دائما أن تكون مفاجئة للوقوف على السلبيات.
ويضيف عمدة حي النزهة فيصل بن رجاح القريقري إلى مالفت إليه زميلاه قائلا: نبادر بالوصول إلى أهالي الحي في منازلهم بواسطة مندوبي العمدة بعد الاستعانة بالمخطط العمراني للحي المعتمد من البلدية ثم ندخل المعلومات إلى الحاسب الآلي الذي لم يعد يخلو منه أي مكتب عمدة.
وعن كيفية خدمة الأهالي والامكانات المتوافرة لديهم لتقديم الخدمة بشكل مناسب يوضح الجحدلي أن للعمدة مهام معروفة وأن عمله غير محدد بساعات معينة ففي فترة الصباح نكون لدى الجهات الحكومية المختلفة التي تتطلب أعمالنا زيارتها لإنهاء إجراءات متعلقة بأحد الأهالي في الحي وفي المساء نستقبل أفراد الحي لإنهاء معاملاتهم إضافة إلى المساهمة في حل بعض المشكلات الاجتماعية .
ويتحدث القريقرى بشكل أكثر تحديدا قائلا: أمنيا نقوم بعمل تقارير منتظمة لجهة الاختصاص واجتماعيا نتعاون في تقديم التعريف والمصادقة لجهات الاختصاص عن الأفراد المستحقين لإعانة الدولة لفرع الضمان الاجتماعي بمحافظة جدة أضف إلى ذلك الكثير من الواجبات كتبليغ المتنازعين قضائيا للمحاكم الشرعية. ويضيف إن امكانيات العمل للعمدة تتلخص في مقر وسيارة وحاسب آلي على نفقتنا الخاصة. ويلفت القريقري إلى أن الكثير من المواطنين يعلقون أمالا كبيرة على مهام العمد وإذا لم ينجز بعضها لأسباب خارجة عن إرادة العمدة لارتباطها باجراءات نظامية محددة لا يمكن تجاوزها، يعتقد البعض أنه قصر معهم في حين أنه يبذل جهودا كبيرة لانجازها وتنفيذ واجبه بكل دقة وتفان.
وعما يردده البعض من دفع لمبالغ مالية للعمدة مقابل التصديقات أو طلب خدمات خاصة يقول الجحدلي"نحن موظفون في الدولة ومن مهامنا تقديم هذه الخدمة للأهالي مجانا، ومن يثبت عليه تقاضي مبالغ فالعار والخزي يلاحقه طوال حياته وهذا مرفوض جملة وتفصيلا".
ويؤكد الغامدي أنهم يكرسون وقتهم لخدمة الأهالي بدون تحديد دوام معين وفي حالة غيابنا عن المكتب يتواجد شخص يستطيع الاتصال بنا في حالة الضرورة القصوى أو يبلغ المراجع بوقت العودة، ويضيف بالنسبة للاتاوات كما يطلق عليها البعض فقد كانت تقدم لنا من الأهالي وأوضحنا لهم أننا لسنا بحاجة لها على الإطلاق وأن الدولة وضعت خدمات العمدة بالمجان ونحن موظفون قبلنا هذه الأمانة والمسؤولية.
وأضاف القريقري إن شرطة محافظة جدة اصدرت كتيبا كدليل لعمد الأحياء يتضمن حدود مناطقهم وعناوين مكاتبهم وهواتفهم وجوالاتهم ومدون به بعض المهام للعمد على سبيل المثال وليس الحصر وأكد أنه فعلا عرضت عليه أموال من الأهالي في بداية عمله كعمدة ولكنه رفضها باسلوب حكيم، وأوضح للناس بأن هذا شيء غير مستحق ومرفوض واوضح لهم أنها مرفوضة كرشوة ومرفوضة كصدقة لأنهم لايستحقونها إذ يتقاضون رواتب كافية من الدولة.
موقف من القضايا الملحة
ويقترب عمد الأحياء كثيرا من أبناء الحي ويتبنون الكثير من قضاياهم ويقفون على طموحاتهم ومشكلاتهم وتأتي على رأس هذه القضايا والمشكلات: متابعة مخالفي أنظمة الاقامة، الخدمات البلدية، الخدمات الصحية، المحتاجين، المعاقين، السعودة والعمل، الماء والكهرباء. وهنا يقول الجحدلي إن مخالفي أنظمة الإقامة يجدون وللأسف الشديد من يتعاون معهم ويساندهم لأسباب مختلفة بل إن البعض يوفر لهم فرص العمل ". ويضيف عندما نكتشف هؤلاء نوجه الكثير من اللوم والتوبيخ لمن ساعدهم. أما عن الخدمات البلدية والمياه والكهرباء فمن المهم أن نتعاون تعاونا فعالا بعقد اجتماعات شهرية منتظمة لتبادل المعلومات والطموحات والمساهمة في تحقيق رغبات أهالي الحي بأفضل المستويات .
ويشير الغامدي إلى حقيقة افتقار حي غليل الغربي الذي هو عمدته لخدمات المياه والصرف الصحي وتدني مستوى الخدمات البلدية للظروف المعمارية للحي من حيث ضيق الشوارع والممرات وكثرة البيوت الشعبية المتهالكة والمأهولة بالسكان، وأكد أن هذه الظروف جعلت الحي تربة خصبة لمخالفي أنظمة الاقامة، وممارسة أعمالهم بكل حرية في فترة المساء وعد الغامدي الاهتمام بإنارة شوارع الحي وصيانتها اللبنة الأولى لتحسين وضع الحي من كل النواحي تدريجيا ويضيف القريقري إن توافر الخدمات في حيه لم يصل إلى طموح الأهالي ويطالب بتوفير حديقة أو حديقتين للحي تتيح فرصة لقاء الشباب بالكبار للاستفادة من خبراتهم.
وتباينت اراء العمد حول الاستعانة بالعنصر النسائي بين مؤيد لتحري حالات الأسر التي ليس لديها عنصر رجالي يستطيع متابعة طلباتها، وبين ما يكتفي بمساعدة العنصر النسائي من أهله لمساعدته في هذه الأمور، وبين معارض لدخول العنصر النسائي في العملية فيقول الجحدلي إن مثل هذه الحالات تمر علينا عبر الهاتف أو عبر إئمة المساجد او المعروفين لدينا في بعض الاحيان ممن يصعب الاتصال بهم والاطلاع على أحوالهم عن قرب فنستعين بالعنصر النسائي في اطار تعاليم الإسلام وتقاليد مجتمعنا أما الغامدي فيستحسن أن تعين جهة الاختصاص عنصرا نسائيا سيجعل من الخدمات الاجتماعية أكثر فعالية وفائدة في حين يعترض القريقري كلية على عمل العنصر النسائي في هذا المجال ويكتفي في توفير المعلومات التي يحتاجها عبر ولي أمر الأسرة، وأحيانا يستعين بأمه في مثل هذه الموضوعات، أو من يثق بأمانته.
ويحث الجحدلي الأهالي على تقديم مقترحاتهم وتطلعاتهم خاصة العنصر الشبابي بين السكان، بينما يتمنى الغامدي أن يقف المسؤولون معهم في الجهات الحكومية والخدمية للمساهمة في التطوير وتنمية الطموحات، ويضيف القريقري إلى ذلك أن المقترحات يستلهمونها من خلال المعلومات التي يطلبها عمدة الحي حيث تشكل اهمية قصوى لدراسة احتياجات الأهالي.
مدير شرطة جدة اللواء علي السعدي عقب على اراء المواطنين والعمد قائلا "نحن نلمس التطلعات الطيبة التي طرحها المواطنون والعمد وهي بلاشك تعطينا مزيدا من الدعم للعمل على تحقيقها. وبخصوص الامكانيات التي يسعى الزملاء العمد لتوفيرها يرى أن ذلك اجراء داخلي وهناك جهود كبيرة تبذل سترونها قريبا لتوفير أنظمة معلوماتية متطورة وحديثة في مقار عمد أحياء جدة ستمكنهم من تقديم خدماتهم باسلوب راق يساهم بشكل كبير في تحقيق هذه التطلعات.
العمدة وشيخ القبيلة
وعن دور العمدة وأهميته عبر التاريخ يقول شهوان بن عبدالرحمن الزهراني الخبير في القانون والانظمة السعودية إن وظيفة العمدة عرفت قديما وهي في المدن بمثابة شيخ القبيلة في الهجر والقرى ولفظ العمدة مستمد لغويا من الفعل اعتمد وهو هنا من يعتمد عليه القوم عند الشدائد وقال ابن منظور في لسان العرب يقال فلان من عمدة قومه اذا كانوا يعتمدون عليه فيما يحزبهم من أمور كما أن نظام العمد الصادر بالمرسوم الملكي رقم/7 وتاريخ 10/4/1406 قد عرف العمدة في المادة الاولى منه بما نصبه "العمد ونوابهم هم من رجال الأمن الذين يساهمون في النظام واستتباب الأمن ويقومون بتنفيذ أوامر أجهزة الأمن ومعالجة مصالح السكان ضمن الاختصاصات المحددة في هذا النظام والأنظمة الاخرى.
ويضيف الزهراني انه بالاطلاع على اختصاصات العمد الواردة في المادة السابعة من النظام نجد انها جاءت شحيحة في اعطاء العمدة الدور المناسب له بحسبان انه يمثل أهل الحي لدى الجهات المختصة ويمثل الاجهزة الحكومية لدى السكان فهو حلقة هامة في منظومة المجتمع وعلى الرغم من أن هذه المادة تضمنت 12 بندا من المهام والاختصاصات الا انها خلت من النص على مسألة اختصاص العمدة في الامور التنموية والتطويرية والاجتماعية اللهم الا ما ورد في البند "7 من المادة السابعة" فيما يخص التبليغ عن المستحقين في دائرة اختصاص العمدة لمعاشات الضمان الاجتماعي او جمعيات البر من الأرامل والقصر والمسنين وغيرهم ومتابعة ذلك لدى الجهات المختصة وهي مسالة وإن كانت مهمة إلا أنها لاتؤثر كثيرا في تنمية الحي وتطويره والارتقاء به نحو النموذجية والتقدم.
مقر في الحدائق العامة
ويقترح الزهراني بدلا من ان يقوم العمدة باستئجار مكتب صغير تم اعداده أساسا ليكون محلا تجاريا أن يتم تخصيص جزء من الحدائق العامة الواقعة في بعض الاحياء ليقام عليها مقر خاص للعمدة يمارس فيه مهام وظيفته بدلا من ذلك المكتب المتواضع جدا الذي لايرقى حتى الى المكاتب العقارية التي تكون أفضل منه تجهيزا وتأثيثا كما أن تكلفة مبنى مقر العمدة يمكن تحصيلها من تخصيص مبلغ معين من قيمة ايجار الحدائق العامة والتي يتطلب الحال استثمارها وتأجيرها لخدمة الحي الذي تقع فيه بدلا من أن تكون مجمعا للنفايات أو مطمعا لضعاف النفوس في استغلالها ووضع اليد عليها وحتى لايذهب ايرادها في حالة تأجيرها الى خدمة الاحياء الاخرى التي تحظى برعاية واهتمام خاص من قبل البلديات.
هناك من يرى أن العمدة لم يعد سوى جهة لاستكمال إجراءات مطلوبة لدى جهات أخرى. وربما لايحسن أداء تلك المهمة أيضا لانشغاله بمهام كثيرة. فيما يطالب آخرون بتفعيل دوره أكثر مما هو حاليا لاسيما مع ازدياد الجرائم والحوادث التي تقع في الأحياء وأن يطور عمله بادخال التقنية حتى يتمكن من مواكبة العصر. ورغم كل ما يوجه لبعض العمد من انتقادات إلا أننا لانستطيع أن نصف جميع العمد "بالسلبية" فكثير منهم لازالوا محافظين على مكانة العمدة بتلمسهم حاجة الأهالي وحلهم المشكلات في إطار الحي قبل وصولها إلى مراكز الشرطة، وهذا النوع من العمد هو الذي ينظر إلى المهمة كتكليف وليس وجاهة اجتماعية ويدرك جيدا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.
ولكن ماذا يقول الناس عن العمدة وكيف يرونه من نافذة الخدمات الأمنية والاجتماعية ؟
محمد الزهراني مر بتجربة مزعجة مع العمدة فيقول: أكثر من 10 مرات زرت مكتب العمدة لتصديق ورقة لجهة ترغب في توظيفي ولم أجده، وعندما عثرت عليه في المرة الأخيرة طلب مني بعض الأوراق لفتح ملف لديه حتى يتسنى له ادخال معلوماتي في الحاسب الآلي رافضا التصديق على أوراقي، وعندما احضرت المستندات المطلوبة لم أجده ورفض مساعدوه استلام الملف ومراجعته وتسجيلي في الحاسب الآلي وإنهاء معاناتي بحجة أنهم لا يملكون صلاحيات لاستلام المستندات وتدقيقها، ويضيف الزهراني المؤلم أنهم لايعرفون كيفية تشغيل الحاسب الآلي.
إلا أن مواطنة تحتفظ «عكاظ» باسمها كان لها رأي مغاير وعلى الرغم من انتظارها الطويل أمام مكتب العمدة قالت بعفوية "قل على لساني العمدة نشيط ويخاف الله ويخدم الناس بكل ما أوتي من جهد". وعندما سألتها عن مطلبها من العمدة قالت "والدنا في السجن بسبب ديون تراكمت عليه و العمدة تعاون معي وبحث لي عن عمل، وأنا الآن في انتظاره لاعرف مكان العمل وبعض التفاصيل. ويعترف محمد سالم أنه لايعرف شيئا عن مهام العمدة ويتساءل هل هو موظف حكومي ملزم بدوام ومهام معينة أم له مهام أخرى ؟ متمنيا أن يوضحها له ولغيره .
هناك مشكلات بسيطة من المفروض ألا يلجأ أصحابها إلى الشرطة، وأن يتولى العمدة حلها.. هكذا يقول شرف عقيل ويضيف، مثل المشكلات التي يسببها الأولاد في الشوارع أو ما ينشب أحيانا من نزاع بسبب إيقاف سيارة بشكل خاطئ، وكذلك بعض المشكلات العائلية المحرجة إذا طرحت على الشرطة، وغيرها مما يمكن أن يتولى العمدة حلها بالتفاهم والحسنى وبما يحفظ ماء الوجه وكرامة الناس.
وعن رسالة العمدة يقول عمدة حي الرويس طلال بن عبدالعزيز الجحدلي: "إنها وظيفة وضعت لخدمة أفراد الحي والتفاني في متابعة مصالحهم، فصغيرهم ابن لي وكبيرهم أخ ، وشيخهم أب. ويضيف ربما اختلف عن بعض زملائي عمد الأحياء الآخرى في أنني تدربت على أعمال ومهام العمودية من والدي ـ رحمه الله ـ بصفته عمدة سابقا لحي الرويس وبعض هذه المهام خارجة عن المهام الروتينية، وتميل في أغلبها إلى الجوانب الإنسانية والاجتماعية.
عمدة حي غليل علي بن محمد الغامدي يقول: "إننا نعمل على تحقيق ونجاح مهمتنا، معتمدين على معلومات عن أفراد الحي، عبر استمارات وملفات نستخدمها كقاعدة بيانات لإنجاز الخدمة بالشكل المطلوب، كما نعمل على تنفيذ جولات مختلفة للحي في أوقات وأماكن معينة للتعرف عن قرب على أفراد الحي وأحوالهم، وهذه الجولات ذات فائدة كبيرة ومتعددة أهمها الإطلاع على ما يحدث على أرض الواقع ونتعمد دائما أن تكون مفاجئة للوقوف على السلبيات.
ويضيف عمدة حي النزهة فيصل بن رجاح القريقري إلى مالفت إليه زميلاه قائلا: نبادر بالوصول إلى أهالي الحي في منازلهم بواسطة مندوبي العمدة بعد الاستعانة بالمخطط العمراني للحي المعتمد من البلدية ثم ندخل المعلومات إلى الحاسب الآلي الذي لم يعد يخلو منه أي مكتب عمدة.
وعن كيفية خدمة الأهالي والامكانات المتوافرة لديهم لتقديم الخدمة بشكل مناسب يوضح الجحدلي أن للعمدة مهام معروفة وأن عمله غير محدد بساعات معينة ففي فترة الصباح نكون لدى الجهات الحكومية المختلفة التي تتطلب أعمالنا زيارتها لإنهاء إجراءات متعلقة بأحد الأهالي في الحي وفي المساء نستقبل أفراد الحي لإنهاء معاملاتهم إضافة إلى المساهمة في حل بعض المشكلات الاجتماعية .
ويتحدث القريقرى بشكل أكثر تحديدا قائلا: أمنيا نقوم بعمل تقارير منتظمة لجهة الاختصاص واجتماعيا نتعاون في تقديم التعريف والمصادقة لجهات الاختصاص عن الأفراد المستحقين لإعانة الدولة لفرع الضمان الاجتماعي بمحافظة جدة أضف إلى ذلك الكثير من الواجبات كتبليغ المتنازعين قضائيا للمحاكم الشرعية. ويضيف إن امكانيات العمل للعمدة تتلخص في مقر وسيارة وحاسب آلي على نفقتنا الخاصة. ويلفت القريقري إلى أن الكثير من المواطنين يعلقون أمالا كبيرة على مهام العمد وإذا لم ينجز بعضها لأسباب خارجة عن إرادة العمدة لارتباطها باجراءات نظامية محددة لا يمكن تجاوزها، يعتقد البعض أنه قصر معهم في حين أنه يبذل جهودا كبيرة لانجازها وتنفيذ واجبه بكل دقة وتفان.
وعما يردده البعض من دفع لمبالغ مالية للعمدة مقابل التصديقات أو طلب خدمات خاصة يقول الجحدلي"نحن موظفون في الدولة ومن مهامنا تقديم هذه الخدمة للأهالي مجانا، ومن يثبت عليه تقاضي مبالغ فالعار والخزي يلاحقه طوال حياته وهذا مرفوض جملة وتفصيلا".
ويؤكد الغامدي أنهم يكرسون وقتهم لخدمة الأهالي بدون تحديد دوام معين وفي حالة غيابنا عن المكتب يتواجد شخص يستطيع الاتصال بنا في حالة الضرورة القصوى أو يبلغ المراجع بوقت العودة، ويضيف بالنسبة للاتاوات كما يطلق عليها البعض فقد كانت تقدم لنا من الأهالي وأوضحنا لهم أننا لسنا بحاجة لها على الإطلاق وأن الدولة وضعت خدمات العمدة بالمجان ونحن موظفون قبلنا هذه الأمانة والمسؤولية.
وأضاف القريقري إن شرطة محافظة جدة اصدرت كتيبا كدليل لعمد الأحياء يتضمن حدود مناطقهم وعناوين مكاتبهم وهواتفهم وجوالاتهم ومدون به بعض المهام للعمد على سبيل المثال وليس الحصر وأكد أنه فعلا عرضت عليه أموال من الأهالي في بداية عمله كعمدة ولكنه رفضها باسلوب حكيم، وأوضح للناس بأن هذا شيء غير مستحق ومرفوض واوضح لهم أنها مرفوضة كرشوة ومرفوضة كصدقة لأنهم لايستحقونها إذ يتقاضون رواتب كافية من الدولة.
موقف من القضايا الملحة
ويقترب عمد الأحياء كثيرا من أبناء الحي ويتبنون الكثير من قضاياهم ويقفون على طموحاتهم ومشكلاتهم وتأتي على رأس هذه القضايا والمشكلات: متابعة مخالفي أنظمة الاقامة، الخدمات البلدية، الخدمات الصحية، المحتاجين، المعاقين، السعودة والعمل، الماء والكهرباء. وهنا يقول الجحدلي إن مخالفي أنظمة الإقامة يجدون وللأسف الشديد من يتعاون معهم ويساندهم لأسباب مختلفة بل إن البعض يوفر لهم فرص العمل ". ويضيف عندما نكتشف هؤلاء نوجه الكثير من اللوم والتوبيخ لمن ساعدهم. أما عن الخدمات البلدية والمياه والكهرباء فمن المهم أن نتعاون تعاونا فعالا بعقد اجتماعات شهرية منتظمة لتبادل المعلومات والطموحات والمساهمة في تحقيق رغبات أهالي الحي بأفضل المستويات .
ويشير الغامدي إلى حقيقة افتقار حي غليل الغربي الذي هو عمدته لخدمات المياه والصرف الصحي وتدني مستوى الخدمات البلدية للظروف المعمارية للحي من حيث ضيق الشوارع والممرات وكثرة البيوت الشعبية المتهالكة والمأهولة بالسكان، وأكد أن هذه الظروف جعلت الحي تربة خصبة لمخالفي أنظمة الاقامة، وممارسة أعمالهم بكل حرية في فترة المساء وعد الغامدي الاهتمام بإنارة شوارع الحي وصيانتها اللبنة الأولى لتحسين وضع الحي من كل النواحي تدريجيا ويضيف القريقري إن توافر الخدمات في حيه لم يصل إلى طموح الأهالي ويطالب بتوفير حديقة أو حديقتين للحي تتيح فرصة لقاء الشباب بالكبار للاستفادة من خبراتهم.
وتباينت اراء العمد حول الاستعانة بالعنصر النسائي بين مؤيد لتحري حالات الأسر التي ليس لديها عنصر رجالي يستطيع متابعة طلباتها، وبين ما يكتفي بمساعدة العنصر النسائي من أهله لمساعدته في هذه الأمور، وبين معارض لدخول العنصر النسائي في العملية فيقول الجحدلي إن مثل هذه الحالات تمر علينا عبر الهاتف أو عبر إئمة المساجد او المعروفين لدينا في بعض الاحيان ممن يصعب الاتصال بهم والاطلاع على أحوالهم عن قرب فنستعين بالعنصر النسائي في اطار تعاليم الإسلام وتقاليد مجتمعنا أما الغامدي فيستحسن أن تعين جهة الاختصاص عنصرا نسائيا سيجعل من الخدمات الاجتماعية أكثر فعالية وفائدة في حين يعترض القريقري كلية على عمل العنصر النسائي في هذا المجال ويكتفي في توفير المعلومات التي يحتاجها عبر ولي أمر الأسرة، وأحيانا يستعين بأمه في مثل هذه الموضوعات، أو من يثق بأمانته.
ويحث الجحدلي الأهالي على تقديم مقترحاتهم وتطلعاتهم خاصة العنصر الشبابي بين السكان، بينما يتمنى الغامدي أن يقف المسؤولون معهم في الجهات الحكومية والخدمية للمساهمة في التطوير وتنمية الطموحات، ويضيف القريقري إلى ذلك أن المقترحات يستلهمونها من خلال المعلومات التي يطلبها عمدة الحي حيث تشكل اهمية قصوى لدراسة احتياجات الأهالي.
مدير شرطة جدة اللواء علي السعدي عقب على اراء المواطنين والعمد قائلا "نحن نلمس التطلعات الطيبة التي طرحها المواطنون والعمد وهي بلاشك تعطينا مزيدا من الدعم للعمل على تحقيقها. وبخصوص الامكانيات التي يسعى الزملاء العمد لتوفيرها يرى أن ذلك اجراء داخلي وهناك جهود كبيرة تبذل سترونها قريبا لتوفير أنظمة معلوماتية متطورة وحديثة في مقار عمد أحياء جدة ستمكنهم من تقديم خدماتهم باسلوب راق يساهم بشكل كبير في تحقيق هذه التطلعات.
العمدة وشيخ القبيلة
وعن دور العمدة وأهميته عبر التاريخ يقول شهوان بن عبدالرحمن الزهراني الخبير في القانون والانظمة السعودية إن وظيفة العمدة عرفت قديما وهي في المدن بمثابة شيخ القبيلة في الهجر والقرى ولفظ العمدة مستمد لغويا من الفعل اعتمد وهو هنا من يعتمد عليه القوم عند الشدائد وقال ابن منظور في لسان العرب يقال فلان من عمدة قومه اذا كانوا يعتمدون عليه فيما يحزبهم من أمور كما أن نظام العمد الصادر بالمرسوم الملكي رقم/7 وتاريخ 10/4/1406 قد عرف العمدة في المادة الاولى منه بما نصبه "العمد ونوابهم هم من رجال الأمن الذين يساهمون في النظام واستتباب الأمن ويقومون بتنفيذ أوامر أجهزة الأمن ومعالجة مصالح السكان ضمن الاختصاصات المحددة في هذا النظام والأنظمة الاخرى.
ويضيف الزهراني انه بالاطلاع على اختصاصات العمد الواردة في المادة السابعة من النظام نجد انها جاءت شحيحة في اعطاء العمدة الدور المناسب له بحسبان انه يمثل أهل الحي لدى الجهات المختصة ويمثل الاجهزة الحكومية لدى السكان فهو حلقة هامة في منظومة المجتمع وعلى الرغم من أن هذه المادة تضمنت 12 بندا من المهام والاختصاصات الا انها خلت من النص على مسألة اختصاص العمدة في الامور التنموية والتطويرية والاجتماعية اللهم الا ما ورد في البند "7 من المادة السابعة" فيما يخص التبليغ عن المستحقين في دائرة اختصاص العمدة لمعاشات الضمان الاجتماعي او جمعيات البر من الأرامل والقصر والمسنين وغيرهم ومتابعة ذلك لدى الجهات المختصة وهي مسالة وإن كانت مهمة إلا أنها لاتؤثر كثيرا في تنمية الحي وتطويره والارتقاء به نحو النموذجية والتقدم.
مقر في الحدائق العامة
ويقترح الزهراني بدلا من ان يقوم العمدة باستئجار مكتب صغير تم اعداده أساسا ليكون محلا تجاريا أن يتم تخصيص جزء من الحدائق العامة الواقعة في بعض الاحياء ليقام عليها مقر خاص للعمدة يمارس فيه مهام وظيفته بدلا من ذلك المكتب المتواضع جدا الذي لايرقى حتى الى المكاتب العقارية التي تكون أفضل منه تجهيزا وتأثيثا كما أن تكلفة مبنى مقر العمدة يمكن تحصيلها من تخصيص مبلغ معين من قيمة ايجار الحدائق العامة والتي يتطلب الحال استثمارها وتأجيرها لخدمة الحي الذي تقع فيه بدلا من أن تكون مجمعا للنفايات أو مطمعا لضعاف النفوس في استغلالها ووضع اليد عليها وحتى لايذهب ايرادها في حالة تأجيرها الى خدمة الاحياء الاخرى التي تحظى برعاية واهتمام خاص من قبل البلديات.