لم يتوقع أهالي الاحساء والذين تنتشر العيون والآبار في منطقتهم أن يأتي يوم عليهم يستجدون فيه الماء الذي بدأ يشح منذ أكثر من ربع قرن عندما بدأ التوسع العمراني في المنطقة. فقديما عرفت الاحساء بوفرة المياه واشتق اسمها من الحسي وهو الماء الذي يظهر بمجرد ازالة الحصى، اما الآن فمياهها في تناقص مستمر وغدت تؤرق أهلها. سلطان الأحمد يتذكر وضع المياه في الاحساء بحسرة ويقول منذ ثلاثة عقود لم نكن نتوقع ان نعيش أزمة المياه الخانقة التي نحن فيها فقد عرفت الاحساء بالآبار العذبة والعيون وحتى من وفرة المياه فيها كان يقال (يا ناقل الماء إلى هجر لا لك جزاء ولا شكر) وهجر الاسم القديم للاحساء، وكانت المياه الجارية في الجداول تخترق النخيل والقرى ومنها الشرقية الغنية بالمياه بعد ذلك تصب في منطقة تسمى بالبحر الأصفر اشارة الى الكميات الهائلة الفائضة من المياه شرق واحة الاحساء.
ويضيف الأحمد منذ عشرات السنين ومياه الاحساء في تناقص مستمر بطريقة غير طبيعية أدت لتوقف جميع العيون الفوارة وجفاف الأرض. ومع التوسع العمراني بدأت الاحياء الحديثة والهجر والقرى وبالذات الشرقية التابعة لمدن العمران والحفر والطرف وما حولها تعاني من الجفاف وكذلك القرى كانت تشتهر بالعيون وتعتبر مستودعا لمياه الاحساء أصبحت الآن تشكو من شح المياه ليس فقط على مستوى الزراعة وانما على مستوى الاستخدام الآدمي كمياه للشرب.
علي الجاسم بقرية المطيرفي يقول عانينا كثيرا من شح المياه ولن نجد حلا عمليا من قبل الجهات المختصة بالاحساء شكونا لكبار المسؤولين بالرياض الذين تفاعلوا مع الشكوى وأمروا المسؤولين في الجهات الخاصة بالاحساء بتوفير سيارات أكثر والبحث عن حل عملي للمشكلة كما ذهب وفد مماثل من مدينة العمران ومن عدة قرى إلى الرياض وطرحوا معاناتهم.
ولكن ما يدعو للاستغراب ان الجهات المسؤولة في الاحساء لا تتعامل مع مشكلة المياه والمشاكل الأخرى بالمنطقة بجدية.
والنزهة أيضا تشكو
علي العليوي أكد ان مشكلة نقص المياه تؤرق الاهالي بمنطقة النزهة وان الماكينة الخاصة بضخ المياه قديمة ومتهالكة ما يجعلها لا تعمل لعدة أيام مشيرا إلى أن المياه تصل إلى المنازل عن طريق مشروع الري وأحيانا تكون ملوثة بالزيت.. ما يدفع الأهالي إلى جلب المياه من المزارع بواسطة السيارات وذلك يكلفهم نفقات باهظة.
ناصر الناصر يقول تنقطع المياه عن منطقة النزهة باستمرار وتصل فترات الانقطاع الى 3 أيام ما يجعل الاهالي يستأجرون وايتات على نفقتهم الخاصة رغم ان عدد الوايتات لا يكفي لتغطية حاجة الأهالي.
وفي محاولة للقضاء على نقص المياه بالمنطقة قامت مصلحة المياه بالأحساء بمد الأنابيب لمشروع خطوط نقل المياه من جبل أبو غنيمة إلى جبل الشعبة، يستغرق تنفيذ المشروع 36 شهرا بقيمة تتجاوز 23 مليون ريال وذلك بهدف إيصال المياه إلى قرى الأحساء الشمالية والشرقية ويبلغ طوله في اتجاه الشرق 20 كم كما سيتم إنشاء محطتي الضخ في جبل أبو غنيمة وجبل الشعبة والخزان الرابع بقيمة 30 مليون ريال ومشروع خطوط المياه الناقلة الرئيسية من جبل الشعبة إلى القرى الشمالية وقامت كذلك بمشروع توصيل المياه المحلاة للأحساء الذي يغطي ثلث احتياج أهالي الأحساء بواقع 70 ألف متر مكعب يوميا ويعوض الباقي بجلب المياه من حقول ويسة (يقع على بعد 50 كيلومترا غرب الهفوف) حيث تخلط مع المياه المحلاة في خزان جبل أبو غنيمة وتوزع على المنازل عبر الشبكات والصهاريج، ولدى المصلحة عدة مشاريع على مراحل للقضاء على شح المياه خلال السنوات القادمة.
وحول الأسباب الرئيسية لشح المياه في الأحساء يقول أحد المختصين إن سبب نقص المياه في الأحساء يعود إلى استنزاف المياه بكميات هائلة من مخزون التكوينات، بالذات في تكوين طبقة النيوجين نتيجة زيادة الطلب على المياه والسحب الجائر بالإضافة إلى توسع العمران والكثافة السكانية في المنطقة، وانتشار الاستراحات وبرك السباحة في المزارع والمنازل وهذا ما أدى بالتالي إلى توقف العيون الفوارة الطبيعية.
صهاريج الزراعة
ويضيف: وزاد من حجم المشكلة عدم معادلة مياه الأمطار للكميات المسحوبة من المخزون التكويني.
ونتيجة النقص الحاد في صهاريج المياه التابعة للمصلحة ووزارة الزراعة وصعوبة الحصول على الماء في الوقت المناسب يضطر أغلب الأهالي إلى شراء المياه من الشركات الأهلية (الوايت) الواحد الصغير يكلف نحو 60 ريالا يكفي ليوم واحد فقط أي أن تكلفة المياه بالشهر تصل نحو 1800 ريال، وفي فترة المناسبات يزيد السعر حسب الطلب وهذا المبلغ كبير جداً على أغلب الأهالي من أصحاب الدخل المحدود والمعاناة مضاعفة لدى العوائل الفقيرة والمزارعين البسطاء وعلى عوائل الموظفين والعاملين خارج المنطقة ويتساءل حسين البراهيم: كيف يستطيع المواطن محدود الدخل الذي يبحث عن ما يسد قوته اليومي من توفير هذا المبلغ في ظل صعوبة الحياة المعيشية؟.