تخيل ما هي أكبر عائلة على كوكبنا... عائلة كوليوبترا على وزن "كله افتراء”... وهي مجموعة الخنافس التي تشمل أكثر من ثلاثة مائة وخمسين ألف نوع مختلف من هذه الحشرات العجيبة... ستجدها في الأجواء والمواقع المختلفة، وستجد التقنيات المشتقة من خصائصها العجيبة في أغرب الأماكن... كلما سافرت جوا فضلا تأمل في تقنيات محركات الطائرات النفاثة... تعمل بجدية وبدون تردد وفعالية عالية جدا... وبالرغم من كل هذا، تتفوق عليها روائع إعجاز خلق الرحمن، فبعض أنواع الخنافس الشهيرة باسم "الخنفساء القاذفة” Bombardier Beetle تستطيع بإرادة الله أن تدافع عن نفسها بنفث مواد حارقة بالبث المتقطع الدقيق والسريع النفثات... وتتم دراسة وتحليل هذه التقنية الاعجازية التي تتميز باقتصادياتها وتحكمها في الرش في بعض مراكز الأبحاث في مجال تقنية المحركات النفاثة لمحاكاة والاستفادة من تقنية الخنفساء المعنية... واليوم تتحفنا بعض أنواع الخنافس في مجالين مختلفين تماما وهما التبريد والنظافة: وتحديدا نجد حالة الخنفساء الصحراوية من فصيلة "ستينوكارا” على وزن "صحارى” والشهيرة أيضا باسم "خنفساء صحراء الناميب” في أفريقيا... تتميز هذه الحشرة السوداء التي يقل طولها عن طول هذه الكلمة بقدرات عجيبة في تطويعها للظروف المناخية القاسية... عندما تصل درجة الحرارة في البيئة الصحراوية القاسية إلى الخمسين درجة مئوية وما فوقها تتألق بأدائها وخصائصها... تلجأ إلى وضعية مضحكة برفع مؤخرتها إلى الأعلى باتجاه التيار الهوائي مهما كان ضعيفا... وبسبب تصميم ظهرها المحدب والأملس، تستطيع أن تلتقط بعض من جزئيات الماء التي تتجمع بالقرب من مؤخرتها، وبسبب وضعيتها المقلوبة تتجمع وتنزلق المياه باتجاه رأسها... فضلا تخيل وتأمل روائع هذا المنظر العجيب... مجموعات من هذه الخنافس السوداء الصغيرة ورؤوسهن في التراب ومؤخراتهن باتجاه الهواء وكأنها "ملاقف هوائية” لتقطف كميات ضئيلة جدا من الماء وتفلح في تبريد جسمها بشكل كاف للتغلب على الظروف القاسية جدا والتي لا تستطيع أن تعيش فيها معظم المخلوقات... وهناك المزيد... سطح ظهر الخنافس محدب ويحتوى على نتوءات صغيرة جدا شبيهة بالوديان والتلال بكثافة عالية جدا... وكأنها مطبات شوارع جدة... وسبحان الله أن تلك "التلال” تحتوى على تغطية شمعية ملساء تسمح لها بالتقاط جزيئات المياه الصغيرة جدا المارة أو العالقة في الجو... وإحدى روائع الإعجاز هنا هي خصائص أي سطح فتقنية السطوح تفتح أبوابا مذهلة في عالم النظافة والمنظفات... كلما كان طاردا للماء، سيتمتع بدرجة نظافة أعلى لأن الأوساخ لن تستطيع أن تتشعبط عليه... وما أكثر شعبطة الأوساخ اليوم... وستجد أن العديد من الأقمشة التي تقاوم تكون الأوساخ متميزة بمقاومتها للماء، وستجد أيضا تلك المقاومة في العديد مما نرى ونستعمل يوميا... سطح الدراق (الخوخ)... سطح السيارات الجديدة... سطح المفروشات المنزلية والمكتبية وغيرها... ونعود للخنفساء فنجد أن سطحها يحرك الماء باستخدام الجاذبية وباستخدام سطحها الذي يحتوى على خصائص طاردة للماء في تلاله وأخرى جاذبة للماء في وديانه لتكون منظومة ديناميكية رائعة لنقل الماء... وتسعى بعض الشركات الضخمة في مجال التنظيف والإلكترونيات لمحاكاة والاستفادة من هذه التقنية... تخيل أن يستفيد الإنسان من هذه الحشرات في تقنية النظافة.
* أمنيـــــة :
يعترض بعض الإخوة القراء على مقالات الكائنات لأنهم لا يشعرون بفوائدها، فأتمنى أن ننظر إلى روائع الخلق بنظرة تأمل في نواحي الإعجاز التي لا حصر لها، وهناك أيضا فوائد معرفة التقنيات الجديدة التي تنتج عن دراسة تلك الكائنات العجيبة... ففضلا قبل أن تدهس خنفساء تأمل في روائع ذلك الكائن العجيب، وإن قررت أن تمضي قدما في الدهس، فركز قوتك لأن الخصائص الإنشائية لسطح الخنفساء تمنحها قوة عجيبة لدرجة أن بعض العربات الحربية المدرعة استفادت من تلك الخصائص
والله من وراء القصد.