دخل علينا شهر رمضان الفضيل، و«حالنا حال» ويغني عن السؤال، حيث لم يعد هناك شيء يباع بريال، بعد أن أصابنا الغلاء بالكلال، وهبط الموظفون الى طبقة العمال، بينما صار العمال مهددين بالزوال، بسب الجوع الكافر «البطال»،.. أبلغني صديق قطري صاحب منصب رفيع، وفي علم الاقتصاد ضليع، أن متوسط انفاق الفرد في المنطقة ارتفع الى 10 آلاف دولار أمريكي في الشهر خلال ال18 شهرا المنقضية!!.. قلت له إن هذا يعني واحداً من أمرين: إما أن هناك شخصا ما يتولى بعزقة النقود من وراء ظهري في أسواق قطر، أو أن الجهة التي أعمل لديها في دولة قطر ظلمتني طوال عام ونصف العام، ولم تعطني مبلغا يكفل لي الحد الأدنى من العيش، وبالتالي فمجلس الأمن الدولي بيننا، وموقفي قوي لأنني أنتمي إلى «أقلية عرقية» والاستقواء بالانتماء الى أقلية، سلاح «ما يخُرِّش ميَّه»، أخذا في الاعتبار ان قريبي باراك أوباما مرشح بقوة ليصبح كفيل النظام العالمي الجديد، الذي لا أعرف الى متى سيظل جديدا، تماما كما لا أفهم لماذا يظل المطرب الجزائري "الشاب خالد”، شابا وقد شاب قرناه، منذ أن غزا العالم بأغنيته «ديدي وااا» في حفل زواج المطربة صباح (الخامس عشر) قبل 30 ونيف سنة.
ما علينا.. هناك سيدة بحرينية مثقفة اسمها عائشة توافيني بين الحين والآخر بملاحظات قيمة على مقالاتي، وتزودني بمواد ثقافية او طرائف ذات مستوى رفيع.. وصلتني من عائشة قبل أيام رسالة قلبت علي المواجع.. تذكرت كيف أنني حفظت الطلاسم وعمري 12 أو 13 سنة.. وللذين يحسبون أنني التحقت في تلك السن المبكرة بدورة دراسية في مجال الشعوذة والدجل، أقول ان الطلاسم قصيدة فلسفية عميقة المعاني والدلالات، للشاعر إيليا أبو ماضي ومطلعها: جئت لا اعلم من أين/ ولكني أتيت/ ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت/ وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبَيْت/ كيف جئت/ كيف أبصرت طريقي/ لست أدري/.. قد سألت البحر يوما هل انا يا بحر منكا/ أصحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا/ أم تُرى ما زعموا زورا وبهتانا وإفكا؟/ ضحكت أمواجه مني/ وقالت لست ادري.. أهداني ناظر المدرسة ديواني «الخمائل» و«الجداول» لأبوماضي لأنه لمس فيَّ حبا للشعر ولأنه كان يريد أن يخلصني من عجمة لساني النوبي.. كانت قصيدتي المفضلة وأنا في المرحلة المتوسطة «شِعب بوان» للمتنبي، وكنت احفظها عن ظهر قلب وما زلت اعتبرها أروع ما في الشعر العربي في وصف الطبيعة، بل عقدت مقارنة بينها وبين قصائد للشاعر الرومانسي الانجليزي وليم ويردسويرث في ذات امتحان في الأدب العربي في المرحلة الجامعية، وسودت الصفحات الطوال باستشهادات باللغة الانجليزية، فدعاني استاذنا البروفيسور الراحل وعالم اللغة العربية الأديب والشاعر الجليل عبد الله الطيب الى مكتبه وقال: لو لم تجب في ورقة الامتحان على غير السؤال المتعلق بالطبيعة في شعر المتنبي لأعطيتك تقدير ممتاز.. ذاك كان جيل الأساتذة الذين يغرسون في طلابهم روح البحث والتقصي وينهونهم عن الببغاوية (أعجبني لاحقا شعر ولادة بنت المستكفي، خاصة وصفها لذلك الوادي في الأندلس: وقانا لفحة الرمضاء وادٍ/ سقاه مضاعف الغيث العميم /.. تروع حصاه حالية العذارى/ فتلمس جانب العقد النظيم.. يعني لفرط لمعان وتوهج الحصى تحسب الفتاة أن عقد اللؤلؤ الذي تلبسه قد انفرط وتبعثرت حباته).
أعود إلى رسالة السيدة عائشة والطلاسم غدا بإذن الله.

jafasid09@hotmail.com

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم
88548 تبدأ بالرمز 151 مسافة ثم الرسالة