فند الدكتور عبد السلام بن محمد بن سعد الشويعر - أستاذ الفقه المشارك بقسم العلوم الشرعية والقانونية بكلية الملك فهد الأمنية والأستاذ المتعاون بالمعهد العالي للقضاء
- أنواع الانكحة المستحدثة والتي راجت بين أوساط مجتمعات كثيرة حتى التبست على البعض فكاد لايفرق بين الجائز منها وغير الجائز.
الدكتور الشويعر تحدث باسهاب عن هذه الأنكحة مستصحبا الأدلة الشرعية التي تبين حكم كل منها وشدد على أن مقصد الاسلام من النكاحِ المشروعِ دون غيره من الأنكحة هو اختصاصُ
الرجل بامرأة تكون قرارَ نسلِه حتى يثق من جراء ذلك الاختصاص بثبوت انتساب نسلها إليه، وأن يكون النكاح إحصاناً وبين الشويعر أمورا كثيرة تختص بهذه الأنواع فإلى تفاصيل الحوار:
فمقصد الإسلام من النكاح المشروع دون غيره من الأنكحة أو المسافحة اختصاص الرجل بامرأة تكون قرار نسله حتى يثق من جراء ذلك الاختصاص بثبوت انتساب نسلها إليه، وأن يكون النكاح إحصانا، فسمى الله الأزواج محصنين بصيغة الفاعل، وسمى الزوجات محصنات بصيغة المفعول؛ فقال سبحانه : {محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان}، وقال : {محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} .
ولقد زاد الإسلام عقدة النكاح تشريفا وتنويها لم يكونا ملحوظين قبلها ليزداد حرمة في نفوس الأزواج وفي نظر الناس بحيث لم يبق معدودا في عداد الشهوات، وقد نبه الله الأمة لذلك في قوله سبحانه : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} .
هذا ما يتعلق بالمقصد العام من عقد النكاح في الشريعة الإسلامية، لكن هل توجد مقاصد تفصيلية جزئية له ؟
- ذكر أهل العلم أن مقاصد الشريعة في الزواج بنيت على أصول أربعة:
أحدها: أن يتولى عقد المرأة ولي.
والأصل الثاني: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة.
والأصل الثالث: الشهرة للنكاح والإشهاد عليه.
والأصل الرابع: أن لا يكون الدخول في عقدة النكاح على التوقيت والتأجيل.
كيف يكون وجود الولي مقصدا من مقاصد النكاح الصحيح؟
- من المقاصد الشرعية في النكاح الصحيح أن يتولى عقد المرأة ولي لها خاص إن كان أو عام، وذلك بعد إذنها ورضاها بالنكاح، ليظهر أن المرأة لم تتول الركون إلى الرجل وحدها دون علم ذويها؛ لأن ذلك أول الفروق بين النكاح وبين الزنا والمخادنة والبغاء والاستبضاع؛ ولأن تولي الولي عقد موليته يهيئه إلى أن يكون عونا على حراسة حالها وحصانتها.
وكيف يكون وجود المهر مقصدا من مقاصد النكاح الصحيح؟
- الأمر الثاني كما تقدم من مقاصد النكاح: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة. فإن المهر شعار النكاح، وليس المهر عوضا، وإنما عطية محضة، وفارق بينه وبين الزنا والمخادنة ولذا سماه الله نحلة فقال: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}. ومن أجل هذا حرم نكاح الشغار، والنكاح مع نفي المهر.
الشهرة في النكاح أو الإشهاد هل هو مقصد من مقاصد النكاح أيضا؟
- والأمر الثالث كما سبق: الشهرة للنكاح والإشهاد عليه. لأن الإسرار بالنكاح يقربه من الزنا؛ ولأن الإسرار به يحول بين الناس وبين الذب عنه واحترامه، ويعرض النسل إلى اشتباه أمره، وينقص من معنى حصانة المرأة.
نعم قد يدعو داع إلى الإسرار به عن بعض الناس مثل الضرة المغيارة . فلذلك قد يغتفر إذا استكمل من جهة أخرى مثل الإشهاد وعلم كثير من الناس، أو توثيقه في السجلات الرسمية.
فالشهرة بالنكاح تحصل معنيين:
أحدهما: أنها تحث الزوج على مزيد الحصانة للمرأة إذ يعلم أن قد علم الناس اختصاصه بالمرأة فهو يتعير بكل ما تتطرق به إليها الريبة.
الثاني: أنها تبعث الناس على احترامها وانتفاء الطمع فيها إذ صارت محصنة. وقديما قال عنترة:
يا شاة ما قنص لمن حلت له
حرمت علي وليتها لم تحرم
أراد أنها صارت ذات زوج فمنع هو من التطرق إليها.
ما معنى كون النكاح غير مؤقت؟
- ذكر أهل العلم أن المقصد الرابع من مقاصد النكاح: أن لا يكون الدخول في عقدة النكاح على التوقيت والتأجيل فيكون قريبا من الإجارات والأكرية، ويخلع عنه ذلك المعنى المقدس الذي ينبعث في نفس الزوجين من نية كليهما أن يكون قرينا للآخر ما صلح الحال بينهما، فلا يتطلبا إلا ما يعين على دوامه إلى أمد مقدور. فإن الشيء المؤقت يهجس في النفس انتظار محل أجله، ويبعث فيها التدبير إلى تهيئة ما يخلفه به عند إبان انتهائه، فتتطلع نفوس الزوجات إلى رجال تعدنهم وتمنينهم، أو إلى افتراض في مال الزوج.
وفي ذلك حدوث تبلبلات واضطرابات فكرية منهما معا، وانصراف كل من الزوجين عن إخلاص الود للآخر. وهذا يفضي لا محالة إلى ضعف الحصانة التي جعلها الله في النكاح.
فإذا وجدت هذه المقاصد الأربعة في النكاح من الولي، والمهر، والإشهاد والإشهار، ثم عدم التوقيت النصي في العقد أو العرفي فإن النكاح الذي أقره الإسلام. وإن تخلف شيء من ذلك فليس من النكاح المشروع مهما سمي من الأسماء وأعطيت له من الألقاب.
هذا ما يتعلق بالمقاصد الشرعية للنكاح فهل هي مقصورة على هذه الأربعة فقط؟
- لعقدة النكاح معنى معظم في نظر الشرع لذا أمر الله الزوجين بحسن المعاشرة وبالقوامة على النساء، وجعل الإضرار باختلال ذلك مفضيا إلى فسخ عقدة النكاح إذا ثبت الضرر فقال تعالى : {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}، وقال سبحانه : {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}.
فدفع الضرر على كل من الزوجين مقصود شرعا؛ لذا يقول ربنا جل وعلا: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} فنهى الله تعالى الزوج صراحة عن الإضرار بالزوجة ولو بإمساكها وعدم تسريحها، وغير ذلك من الإضرار ممنوع من باب أولى.
كذلك المرأة ممنوعة من الإضرار بزوجها، ونجد ذلك بينا في عدم الإضرار بالزوج في النفقة يقول تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضآر والدة بولدها ولا مولود له بولده}.
كثر في وقتنا المعاصر مسميات جديدة لعدد من الأنكحة مثل (زواج المسيار)، و(العرفي)، و(المدني)، وغير ذلك فما هي النظرة الشرعية لهذا النوع من الزواجات؟
- هناك قاعدة مهمة لا بد أن نعرفها وهي أن المصطلحات الجديدة لا بد من تحديد معناها قبل إصدار الحكم فيها، لذا نجد عند علمائنا قاعدة مفادها(أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره).
وقد ذكر الآمدي أن سبب خطأ كثير من العقلاء إنما هو بسبب الاشتراك في الألفاظ.
وأضرب لذلك مثلا بالزواج العرفي فإنه في الكتب القانونية يعنى به الزواج الذي لم يسجل في الدوائر الرسمية وأمام الموظف المختص. دون التعرض لاستيفاء الشروط الشرعية من عدمها.
بينما كثير من الناس في عدد من البلدان يقصد بالزواج العرفي أن تتزوج المرأة بدون إذن وليها وبدون شهود أحيانا اكتفاء بورقة تباع في المكتبات في تلك البلدان وقد يشهدان محام عليها.
فهذه الصورة زادت أوصافا على العقد العرفي بأنه لا ولي فيه، ولا شهود، ولا آثار للنكاح من النفقة والسكن وغير ذلك.
وبعض القوانين الوضعية في بعض البلدان لا تعترف بالزواج العرفي مطلقا ما لم يوثق فلا يوجب القضاء به النفقة، ولا يقبل مثل هذا العقد إثبات نسب الولد أيضا، ولا تورث المرأة أيضا.
لذا لا بد من التمييز في معنى كل نوع من أنواع الزوجات والأنكحة التي تواضع الناس على تسميتها حاليا .
لنبدأ (بالزواج العرفي) وما حكمه الشرعي؟
- الزواج العرفي بمعناه القانوني المشهور وهو ما يقابل الرسمي. فإنه إذا استوفى شروط النكاح الصحيحة السابقة فإنه يعتبر عقدا صحيحا شرعا.
والقضاء عندنا هنا في المملكة يرتب على هذا العقد جميع آثاره من إثبات النسب والإرث ونحو ذلك بشرط صحة العقد شرعا.
ولكن لي هنا وقفتين:
الأولى: أن الواجب على المسلم أن يأتي البيوت من أبوابها، ويحرص على توثيق عقد زواجه توثيقا رسميا حفظا للحقوق، وليكون من باب الإعلان والإشهار له.
كما يلاحظ أن بعضا من شبابنا الذين يتزوجون بنساء بعقود عرفية غير مسجلة رسميا في غير هذا البلد فإنه يترتب عليها العديد من المفاسد؛ منها ما تطالعنا به الصحف بين الفينة والأخرى عن وجود أبناء من أباء عرب أو خليجيين هم في حكم مجهولي النسب، بسبب تخلي بعض الآباء هداهم الله عن واجباتهم في التوثيق، أو بسبب عوائق قانونية كما سبق.
الثاني: أن العقد العرفي الذي ذكرت حكمه فإنما أعني به ما استوفى شروطه. وأما إذا تخلف شرط من الشروط فإنه لا يصح العقد ولا يجوز مهما سمي. كما لو لم يكن فيه ولي، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (من أكثر من طريق أنه قال: (لا نكاح بدون ولي)، وقال: (أيما امرأة تزوجت بدون ولي فنكاحها باطل باطل). فكيف نصحح زواجا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه باطل. فلذا لا نقول إن الزواج العرفي جائز دائما ولا حرام دائما بل لا بد من السؤال عن الصورة التي وقعت.
- أنواع الانكحة المستحدثة والتي راجت بين أوساط مجتمعات كثيرة حتى التبست على البعض فكاد لايفرق بين الجائز منها وغير الجائز.
الدكتور الشويعر تحدث باسهاب عن هذه الأنكحة مستصحبا الأدلة الشرعية التي تبين حكم كل منها وشدد على أن مقصد الاسلام من النكاحِ المشروعِ دون غيره من الأنكحة هو اختصاصُ
الرجل بامرأة تكون قرارَ نسلِه حتى يثق من جراء ذلك الاختصاص بثبوت انتساب نسلها إليه، وأن يكون النكاح إحصاناً وبين الشويعر أمورا كثيرة تختص بهذه الأنواع فإلى تفاصيل الحوار:
فمقصد الإسلام من النكاح المشروع دون غيره من الأنكحة أو المسافحة اختصاص الرجل بامرأة تكون قرار نسله حتى يثق من جراء ذلك الاختصاص بثبوت انتساب نسلها إليه، وأن يكون النكاح إحصانا، فسمى الله الأزواج محصنين بصيغة الفاعل، وسمى الزوجات محصنات بصيغة المفعول؛ فقال سبحانه : {محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان}، وقال : {محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} .
ولقد زاد الإسلام عقدة النكاح تشريفا وتنويها لم يكونا ملحوظين قبلها ليزداد حرمة في نفوس الأزواج وفي نظر الناس بحيث لم يبق معدودا في عداد الشهوات، وقد نبه الله الأمة لذلك في قوله سبحانه : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} .
هذا ما يتعلق بالمقصد العام من عقد النكاح في الشريعة الإسلامية، لكن هل توجد مقاصد تفصيلية جزئية له ؟
- ذكر أهل العلم أن مقاصد الشريعة في الزواج بنيت على أصول أربعة:
أحدها: أن يتولى عقد المرأة ولي.
والأصل الثاني: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة.
والأصل الثالث: الشهرة للنكاح والإشهاد عليه.
والأصل الرابع: أن لا يكون الدخول في عقدة النكاح على التوقيت والتأجيل.
كيف يكون وجود الولي مقصدا من مقاصد النكاح الصحيح؟
- من المقاصد الشرعية في النكاح الصحيح أن يتولى عقد المرأة ولي لها خاص إن كان أو عام، وذلك بعد إذنها ورضاها بالنكاح، ليظهر أن المرأة لم تتول الركون إلى الرجل وحدها دون علم ذويها؛ لأن ذلك أول الفروق بين النكاح وبين الزنا والمخادنة والبغاء والاستبضاع؛ ولأن تولي الولي عقد موليته يهيئه إلى أن يكون عونا على حراسة حالها وحصانتها.
وكيف يكون وجود المهر مقصدا من مقاصد النكاح الصحيح؟
- الأمر الثاني كما تقدم من مقاصد النكاح: أن يكون ذلك بمهر يبذله الزوج للزوجة. فإن المهر شعار النكاح، وليس المهر عوضا، وإنما عطية محضة، وفارق بينه وبين الزنا والمخادنة ولذا سماه الله نحلة فقال: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}. ومن أجل هذا حرم نكاح الشغار، والنكاح مع نفي المهر.
الشهرة في النكاح أو الإشهاد هل هو مقصد من مقاصد النكاح أيضا؟
- والأمر الثالث كما سبق: الشهرة للنكاح والإشهاد عليه. لأن الإسرار بالنكاح يقربه من الزنا؛ ولأن الإسرار به يحول بين الناس وبين الذب عنه واحترامه، ويعرض النسل إلى اشتباه أمره، وينقص من معنى حصانة المرأة.
نعم قد يدعو داع إلى الإسرار به عن بعض الناس مثل الضرة المغيارة . فلذلك قد يغتفر إذا استكمل من جهة أخرى مثل الإشهاد وعلم كثير من الناس، أو توثيقه في السجلات الرسمية.
فالشهرة بالنكاح تحصل معنيين:
أحدهما: أنها تحث الزوج على مزيد الحصانة للمرأة إذ يعلم أن قد علم الناس اختصاصه بالمرأة فهو يتعير بكل ما تتطرق به إليها الريبة.
الثاني: أنها تبعث الناس على احترامها وانتفاء الطمع فيها إذ صارت محصنة. وقديما قال عنترة:
يا شاة ما قنص لمن حلت له
حرمت علي وليتها لم تحرم
أراد أنها صارت ذات زوج فمنع هو من التطرق إليها.
ما معنى كون النكاح غير مؤقت؟
- ذكر أهل العلم أن المقصد الرابع من مقاصد النكاح: أن لا يكون الدخول في عقدة النكاح على التوقيت والتأجيل فيكون قريبا من الإجارات والأكرية، ويخلع عنه ذلك المعنى المقدس الذي ينبعث في نفس الزوجين من نية كليهما أن يكون قرينا للآخر ما صلح الحال بينهما، فلا يتطلبا إلا ما يعين على دوامه إلى أمد مقدور. فإن الشيء المؤقت يهجس في النفس انتظار محل أجله، ويبعث فيها التدبير إلى تهيئة ما يخلفه به عند إبان انتهائه، فتتطلع نفوس الزوجات إلى رجال تعدنهم وتمنينهم، أو إلى افتراض في مال الزوج.
وفي ذلك حدوث تبلبلات واضطرابات فكرية منهما معا، وانصراف كل من الزوجين عن إخلاص الود للآخر. وهذا يفضي لا محالة إلى ضعف الحصانة التي جعلها الله في النكاح.
فإذا وجدت هذه المقاصد الأربعة في النكاح من الولي، والمهر، والإشهاد والإشهار، ثم عدم التوقيت النصي في العقد أو العرفي فإن النكاح الذي أقره الإسلام. وإن تخلف شيء من ذلك فليس من النكاح المشروع مهما سمي من الأسماء وأعطيت له من الألقاب.
هذا ما يتعلق بالمقاصد الشرعية للنكاح فهل هي مقصورة على هذه الأربعة فقط؟
- لعقدة النكاح معنى معظم في نظر الشرع لذا أمر الله الزوجين بحسن المعاشرة وبالقوامة على النساء، وجعل الإضرار باختلال ذلك مفضيا إلى فسخ عقدة النكاح إذا ثبت الضرر فقال تعالى : {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}، وقال سبحانه : {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}.
فدفع الضرر على كل من الزوجين مقصود شرعا؛ لذا يقول ربنا جل وعلا: {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} فنهى الله تعالى الزوج صراحة عن الإضرار بالزوجة ولو بإمساكها وعدم تسريحها، وغير ذلك من الإضرار ممنوع من باب أولى.
كذلك المرأة ممنوعة من الإضرار بزوجها، ونجد ذلك بينا في عدم الإضرار بالزوج في النفقة يقول تعالى: {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضآر والدة بولدها ولا مولود له بولده}.
كثر في وقتنا المعاصر مسميات جديدة لعدد من الأنكحة مثل (زواج المسيار)، و(العرفي)، و(المدني)، وغير ذلك فما هي النظرة الشرعية لهذا النوع من الزواجات؟
- هناك قاعدة مهمة لا بد أن نعرفها وهي أن المصطلحات الجديدة لا بد من تحديد معناها قبل إصدار الحكم فيها، لذا نجد عند علمائنا قاعدة مفادها(أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره).
وقد ذكر الآمدي أن سبب خطأ كثير من العقلاء إنما هو بسبب الاشتراك في الألفاظ.
وأضرب لذلك مثلا بالزواج العرفي فإنه في الكتب القانونية يعنى به الزواج الذي لم يسجل في الدوائر الرسمية وأمام الموظف المختص. دون التعرض لاستيفاء الشروط الشرعية من عدمها.
بينما كثير من الناس في عدد من البلدان يقصد بالزواج العرفي أن تتزوج المرأة بدون إذن وليها وبدون شهود أحيانا اكتفاء بورقة تباع في المكتبات في تلك البلدان وقد يشهدان محام عليها.
فهذه الصورة زادت أوصافا على العقد العرفي بأنه لا ولي فيه، ولا شهود، ولا آثار للنكاح من النفقة والسكن وغير ذلك.
وبعض القوانين الوضعية في بعض البلدان لا تعترف بالزواج العرفي مطلقا ما لم يوثق فلا يوجب القضاء به النفقة، ولا يقبل مثل هذا العقد إثبات نسب الولد أيضا، ولا تورث المرأة أيضا.
لذا لا بد من التمييز في معنى كل نوع من أنواع الزوجات والأنكحة التي تواضع الناس على تسميتها حاليا .
لنبدأ (بالزواج العرفي) وما حكمه الشرعي؟
- الزواج العرفي بمعناه القانوني المشهور وهو ما يقابل الرسمي. فإنه إذا استوفى شروط النكاح الصحيحة السابقة فإنه يعتبر عقدا صحيحا شرعا.
والقضاء عندنا هنا في المملكة يرتب على هذا العقد جميع آثاره من إثبات النسب والإرث ونحو ذلك بشرط صحة العقد شرعا.
ولكن لي هنا وقفتين:
الأولى: أن الواجب على المسلم أن يأتي البيوت من أبوابها، ويحرص على توثيق عقد زواجه توثيقا رسميا حفظا للحقوق، وليكون من باب الإعلان والإشهار له.
كما يلاحظ أن بعضا من شبابنا الذين يتزوجون بنساء بعقود عرفية غير مسجلة رسميا في غير هذا البلد فإنه يترتب عليها العديد من المفاسد؛ منها ما تطالعنا به الصحف بين الفينة والأخرى عن وجود أبناء من أباء عرب أو خليجيين هم في حكم مجهولي النسب، بسبب تخلي بعض الآباء هداهم الله عن واجباتهم في التوثيق، أو بسبب عوائق قانونية كما سبق.
الثاني: أن العقد العرفي الذي ذكرت حكمه فإنما أعني به ما استوفى شروطه. وأما إذا تخلف شرط من الشروط فإنه لا يصح العقد ولا يجوز مهما سمي. كما لو لم يكن فيه ولي، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (من أكثر من طريق أنه قال: (لا نكاح بدون ولي)، وقال: (أيما امرأة تزوجت بدون ولي فنكاحها باطل باطل). فكيف نصحح زواجا حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه باطل. فلذا لا نقول إن الزواج العرفي جائز دائما ولا حرام دائما بل لا بد من السؤال عن الصورة التي وقعت.