لا يخفى على احد ان البرقية هي اضمن وأسرع قناة تواصل بين المواطن والمسؤول وقد نفع الله عز وجل بها خلقاً كثيراً من المواطنين على مدى العقود المنصرمة إلا انه مما يؤسف له هو قيام شركة الاتصالات السعودية مؤخراً بإقفال مكاتب البرقيات في أنحاء المملكة بحجة استبدالها بما سمته نظام "البرقية الهاتفية” وزعمت انه الأسرع والأسهل والأفضل من وجهة نظرها إلا ان من قاموا بتجربته لم يجدوه كذلك.. لماذا؟!.
في ماضي الزمان وسالف العصر والأوان كان المحتاج لإرسال برقية يتوجه لأقرب مكتب للبرقيات فيستقبله الموظف ويتلقى منه البرقية مكتوبة أو مشافهة إذا كان ممن لا يقرأون ولا يكتبون فيكتبها نيابة عنه فإذا اتفقا على صيغة معينة قام موظف البرقية بإكمال البيانات اللازمة وأرسل البرقية وسلّم المرسل نسخة منها يداً بيد وإنجاز كل ذلك في زمن قياسي، اما البرقية الهاتفية فلكي يتم ارسالها فلابد ان يكون لدى المرسل هاتف جوال عام أو هاتف ثابت باسمه ويشترط ان يكونا تابعين لشركة الاتصالات السعودية لكي يتم انزال قيمة البرقية على فاتورة احدهما ومعلوم انه ليس كل المواطنين يمتلكون هواتف وبعضهم يمتلكون هواتف "سوا او موبايلي” وهذه الفئة الاخيرة لا حظ لها ولا نصيب في ارسال البرقية لو احتاجت اليها والحقيقة ان شركة الاتصالات شقت على المواطنين بالتحكم في خدمة البرقيات واحتكارها نظراً لعدم وجود شركة منافسة وكان الواجب على هيئة الاتصالات السعودية مثلما تدخلت لتوحيد سعر دقيقة الهاتف النقال حماية لشركة الاتصالات ان تتدخل لصالح معتمري الخارج كيف سيتمكنون من ارسال برقية عند الحاجة اليها؟! فإذا توفر شرط وجود الهاتف فإن من يريد ارسال برقية عليه ان يقوم بالاتصال على مركز البرقية الهاتفية فيجيبه المجيب الآلي: جميع منفذي البرقيات مشغولون الآن عليك الانتظار حتى تتم خدمتك، وقد يمتد الانتظار لوقت طويل حتى يجيبك الموظف وقد ينقطع الاتصال قبل ان تكمل املاء نص البرقية فتعيد الاتصال مجدداً فيرد عليك موظف آخر فتعيد الكرة من جديد وهكذا.. أما لكي تحصل على نسخة من برقيتك فلابد ان يكون لديك فاكس او تبحث عن من يتكرم عليك فيسمح لك باستقبال صورة من برقيتك على فاكسه مما يفقد البرقية خصوصيتها وسريتها.
هذا غيض من فيض، ولكن طالما ان شركة الاتصالات ثبت لديها ان البرقية الهاتفية غير عملية لماذا لا تُبقي على نظام البرقيات القديم أو على أقل تقدير تُبقي على مكتب للبرقيات في كل مدينة من المدن الكبرى فهل يعقل ان مدناً مثل مكة والمدينة وجدة لا يوجد فيها موظف واحد يستقبل البرقيات من المواطنين والوافدين والأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون ويقوم بإرسالها؟ وهل وجود موظف وحيد في كل مدينة من المدن الكبرى سيسبب خسائر مادية لشركة عملاقة مثل شركة الاتصالات؟!!.

عبدالعزيز عبدالله السيد