سيدي الفاضل الدكتور عبدالله الفوزان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: عذرا أستاذي الفاضل فلست ممن يجيدون الكتابة أو يعرفون كيف تصاغ زفرات الآهات لتتحول إلى حروف تشكو حال صاحبها من الضيم والقهر على صفحات رسالة الكترونية، ولأني كذلك وأعرف قدري جيدا من حيث التعبير الإنشائي فإنني أفضل أن ادخل معك في صلب الموضوع مباشرة ألا وهو نحن اللقطاء يا دكتور عبدالله وأنا واحد منهم لا ذنب لي إلا أن الله قد خلقني هكذا! ودعني هاهنا اهمس في أذنك قليلا:ً هل خلق الله لعبد من عبيده يعد ذنباً يحاكم عليه الإنسان؟ فأنا لقيط لم أعش طيلة حياتي التي امتدت حتى الآن قرابة ثمانية وعشرين عاما مثل عيش أبسط الناس، وأرجو أن تركز على كلمة أبسط الناس ممن توجد لديه أسرة.
يا سيدي لا أحد يعلم بقيمة ومعنى كلمة أسرة بمثل ما يعلم معناها وقدرها اللقيط ! فكم كنت أتمنى لو كان لدي أبوان ظالمان يسومونني سوء العذاب، المهم أن يكون لدي انتماء عائلي وأصل أعرفه ومقابل هذا أنا مستعد لتحمل العذاب. هل تعلم بأني كنت في المدرسة أسمع زملائي وهم يتحدثون عن آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وعن اجتماعاتهم العائلية مع بعضهم البعض؟ أتعلم يا سيدي ماذا كنت أصنع ؟ كنت استأذن من المعلم لكي أذهب إلى دورة المياه - أعزكم الله - لكي أبكي على مرارة الحرمان. نعم كنت أبكي على أن من دمر حياتي هو اقرب الناس لي ! ليتني فقدت أبي وأمي بوفاتهما وعشت حياة الأيتام فقط ، ولكني فقدت كل شيء فلا يوجد لدي عائلة ولا اعلم من أنا أصلا ؟ً ومن أين أتيت؟ فلو مرضت – لا قدر الله - أو أصابني أي مكروه فمن سيدري هل أنا حي أصلا أم ميت؟ ومن سيهتم أصلا؟ ورسالتي هذه ليست إطلاقا لشرح معاناة اللقيط التي تتعدى سطورها المئات صدقني دون مبالغة ، وخصوصا أني أتحدث مع شخص مختص بعلم الاجتماع ويعرف الأبعاد النفسية لهذه الفئة ، ولكن رسالتي هذه هي فقط كي أطلب منك حقا لي ولإخوانك اللقطاء عليك في الإسلام وهو أن تكتب عنا مقالاً يشرح ظروفنا للناس لأننا لا ذنب لنا بما حصل ويحصل لنا! ... الناس يا سيدي وإن تظاهرت بتعاطفها مع اللقيط على انه يتيم ومسكين وضعيف ولكن من داخلهم وعند أقل خلاف يقوم به اللقيط مع شخص عادي وحتى لو كان خلافا مشروعاً ولم يرق له القول سوف يتفجر من لسانه بحر من الصديد والقيح والألفاظ النابية تجاه أخ له في الإسلام ربما يكون أفضل منه عند الله وربما كان من أهل الفردوس نتيجة لابتلائه في الدنيا وربما يكون هو من أهل النار وقانا الله منها ... فمن يدري؟! ... كثير من الناس وبحكم احتكاكي بهم يرى بأننا نحن اللقطاء بذرة من الشيطان لم يخلقها الله وإنما خلقها الشيطان وكأن الشيطان والعياذ بالله أصبح خالقاً مع الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا!! صدقني يا سيدي أن اللقيط هو أحقد من سكن على وجه الأرض على والديه، وكم من إخوان لي من اللقطاء أقسموا أيماناً غليظة أنهم لو يظهر أمامهم آباؤهم وأمهاتهم فجأة أنهم لن ينتقموا منهم ولن يقتلوهم وإنما سيجعلونهم يتعذبون سنين ببطء وبكل ما توصل له العلم الحديث من وسائل تعذيب ... كيف لا وقد فعلوا جريمة لا تفعلها الحيوانات ... فلم أسمع، مثلا، أن أنثى الكلب أعزك الله تترك وليدها لمصير مجهول !!! أما نحن فتجدنا إما على قارعة طريق أو عند صندوق قمامة.
لذا فقد قررت الهجرة إلى بلاد الغرب ولن أقيم في أية دولة عربية لأن شعوبها لا تقدر أصحاب الظروف الخاصة... والدولة التي لا يحترمك شعبها بسبب ذنب لم تقترفه وإنما أنت ضحية له لا تستحق العيش فيها إذا كان لدى الإنسان ادنى درجات الكرامة. في الغرب لن يسألوا عن نسبي ولن يكون ذلك عائقا أمام العيش بكرامة على العكس من المجتمعات العربية التي ترى أن على اللقيط أن يدس رأسه في التراب! ولماذا هو مطالب بذلك؟ فالذي ينبغي أن يدس رأسه هما المجرمان أبواه لكن هذا لا يطبق على ارض الواقع... فنظرة العرب إلى اللقيط نظرة ظالمة ولذلك قررت أن اترك أوطانهم وأعيش في الغرب لأجد هناك إنسانيتي الضائعة وكرامتي المهدورة. ومؤلم جدا أن تجد إنسانيتك وكرامتك في الغرب ولا تجدهما وأنت بين إخوانك المسلمين.
أعلم أن حل المشاكل لا يكون بالهروب منها ولكن ماذا يفعل الإنسان إذا لم يكن أمامه سوى هذا الحل، فقد ابتعد سيد البشر عليه الصلاة والسلام من مكة وهاجر إلى الحبشة عندما تسلط عليه قومه، فكيف بي وأنا الإنسان العادي؟ لماذا لا ابتعد عن قوم يتظاهرون بحب الايتام وفي حقيقتهم لو تقدم لقيط متدين وملتزم وذو تعليم جيد ووظيفة جيدة لخطبة بنت أحدهم لبصق في وجهه وطرده شر طردة؟ وهذا أمر طبيعي في مجتمع لا يملك سوى التفاخر المقيت في الأنساب.
أعتذر منك على الإطالة ولكن هذا هو بوح السنين الذي أتمنى منك فعلا أن توصله بمقال إلى الناس أو في حلقة تقدمها على التلفزيون أو في ندوة لعل بعض العقليات تقتنع بأننا إخوان لهم لا ذنب لنا ولسنا مجرمين ولا شياطين مع أني أعلم أن العقليات المتحجرة لن ينفع معها شيء.
أنا مهاجر إلى الغرب قريبا ولكن لن أنسى الأجيال القادمة من اللقطاء الذين سوف يعيشون نفس معاناتي فلعل تكثيف الوعي حول هذه الفئة كفيل بأن يجعل وضع الأجيال القادمة من اللقطاء أفضل حالا مما تعرضنا ونتعرض له حاليا من أفراد مجتمعنا وأتمنى أن تتأثر بعض العقليات بكلامك وتنال أنت المثوبة والأجر من الله، هذا وأسأل الله لك الصحة والعافية وراحة البال وفي أمان الله. أخوك في الإسلام وليد وان شئت سمني ابنك / بحفظ الله والله يرعاك.
Dr_Fauzan_99@hotmail.com
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة
يا سيدي لا أحد يعلم بقيمة ومعنى كلمة أسرة بمثل ما يعلم معناها وقدرها اللقيط ! فكم كنت أتمنى لو كان لدي أبوان ظالمان يسومونني سوء العذاب، المهم أن يكون لدي انتماء عائلي وأصل أعرفه ومقابل هذا أنا مستعد لتحمل العذاب. هل تعلم بأني كنت في المدرسة أسمع زملائي وهم يتحدثون عن آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وعن اجتماعاتهم العائلية مع بعضهم البعض؟ أتعلم يا سيدي ماذا كنت أصنع ؟ كنت استأذن من المعلم لكي أذهب إلى دورة المياه - أعزكم الله - لكي أبكي على مرارة الحرمان. نعم كنت أبكي على أن من دمر حياتي هو اقرب الناس لي ! ليتني فقدت أبي وأمي بوفاتهما وعشت حياة الأيتام فقط ، ولكني فقدت كل شيء فلا يوجد لدي عائلة ولا اعلم من أنا أصلا ؟ً ومن أين أتيت؟ فلو مرضت – لا قدر الله - أو أصابني أي مكروه فمن سيدري هل أنا حي أصلا أم ميت؟ ومن سيهتم أصلا؟ ورسالتي هذه ليست إطلاقا لشرح معاناة اللقيط التي تتعدى سطورها المئات صدقني دون مبالغة ، وخصوصا أني أتحدث مع شخص مختص بعلم الاجتماع ويعرف الأبعاد النفسية لهذه الفئة ، ولكن رسالتي هذه هي فقط كي أطلب منك حقا لي ولإخوانك اللقطاء عليك في الإسلام وهو أن تكتب عنا مقالاً يشرح ظروفنا للناس لأننا لا ذنب لنا بما حصل ويحصل لنا! ... الناس يا سيدي وإن تظاهرت بتعاطفها مع اللقيط على انه يتيم ومسكين وضعيف ولكن من داخلهم وعند أقل خلاف يقوم به اللقيط مع شخص عادي وحتى لو كان خلافا مشروعاً ولم يرق له القول سوف يتفجر من لسانه بحر من الصديد والقيح والألفاظ النابية تجاه أخ له في الإسلام ربما يكون أفضل منه عند الله وربما كان من أهل الفردوس نتيجة لابتلائه في الدنيا وربما يكون هو من أهل النار وقانا الله منها ... فمن يدري؟! ... كثير من الناس وبحكم احتكاكي بهم يرى بأننا نحن اللقطاء بذرة من الشيطان لم يخلقها الله وإنما خلقها الشيطان وكأن الشيطان والعياذ بالله أصبح خالقاً مع الله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا!! صدقني يا سيدي أن اللقيط هو أحقد من سكن على وجه الأرض على والديه، وكم من إخوان لي من اللقطاء أقسموا أيماناً غليظة أنهم لو يظهر أمامهم آباؤهم وأمهاتهم فجأة أنهم لن ينتقموا منهم ولن يقتلوهم وإنما سيجعلونهم يتعذبون سنين ببطء وبكل ما توصل له العلم الحديث من وسائل تعذيب ... كيف لا وقد فعلوا جريمة لا تفعلها الحيوانات ... فلم أسمع، مثلا، أن أنثى الكلب أعزك الله تترك وليدها لمصير مجهول !!! أما نحن فتجدنا إما على قارعة طريق أو عند صندوق قمامة.
لذا فقد قررت الهجرة إلى بلاد الغرب ولن أقيم في أية دولة عربية لأن شعوبها لا تقدر أصحاب الظروف الخاصة... والدولة التي لا يحترمك شعبها بسبب ذنب لم تقترفه وإنما أنت ضحية له لا تستحق العيش فيها إذا كان لدى الإنسان ادنى درجات الكرامة. في الغرب لن يسألوا عن نسبي ولن يكون ذلك عائقا أمام العيش بكرامة على العكس من المجتمعات العربية التي ترى أن على اللقيط أن يدس رأسه في التراب! ولماذا هو مطالب بذلك؟ فالذي ينبغي أن يدس رأسه هما المجرمان أبواه لكن هذا لا يطبق على ارض الواقع... فنظرة العرب إلى اللقيط نظرة ظالمة ولذلك قررت أن اترك أوطانهم وأعيش في الغرب لأجد هناك إنسانيتي الضائعة وكرامتي المهدورة. ومؤلم جدا أن تجد إنسانيتك وكرامتك في الغرب ولا تجدهما وأنت بين إخوانك المسلمين.
أعلم أن حل المشاكل لا يكون بالهروب منها ولكن ماذا يفعل الإنسان إذا لم يكن أمامه سوى هذا الحل، فقد ابتعد سيد البشر عليه الصلاة والسلام من مكة وهاجر إلى الحبشة عندما تسلط عليه قومه، فكيف بي وأنا الإنسان العادي؟ لماذا لا ابتعد عن قوم يتظاهرون بحب الايتام وفي حقيقتهم لو تقدم لقيط متدين وملتزم وذو تعليم جيد ووظيفة جيدة لخطبة بنت أحدهم لبصق في وجهه وطرده شر طردة؟ وهذا أمر طبيعي في مجتمع لا يملك سوى التفاخر المقيت في الأنساب.
أعتذر منك على الإطالة ولكن هذا هو بوح السنين الذي أتمنى منك فعلا أن توصله بمقال إلى الناس أو في حلقة تقدمها على التلفزيون أو في ندوة لعل بعض العقليات تقتنع بأننا إخوان لهم لا ذنب لنا ولسنا مجرمين ولا شياطين مع أني أعلم أن العقليات المتحجرة لن ينفع معها شيء.
أنا مهاجر إلى الغرب قريبا ولكن لن أنسى الأجيال القادمة من اللقطاء الذين سوف يعيشون نفس معاناتي فلعل تكثيف الوعي حول هذه الفئة كفيل بأن يجعل وضع الأجيال القادمة من اللقطاء أفضل حالا مما تعرضنا ونتعرض له حاليا من أفراد مجتمعنا وأتمنى أن تتأثر بعض العقليات بكلامك وتنال أنت المثوبة والأجر من الله، هذا وأسأل الله لك الصحة والعافية وراحة البال وفي أمان الله. أخوك في الإسلام وليد وان شئت سمني ابنك / بحفظ الله والله يرعاك.
Dr_Fauzan_99@hotmail.com
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة