ينتظر أن يصدر كود البناء السعودي قريبا الذي يحدد المواصفات والمقاييس الواجب اتباعها أثناء عمليات البناء والإنشاءات، وذلك في خطوة من شأنها أن تسهم في حل الكثير من المشكلات التي تواجه قطاع المقاولات في المملكة. كود البناء بوجه عام يحدد اللوائح والمتطلبات الفنية الهندسية التي يجب الالتزام بها من مرحلة التصميم، وحتى مرحلة تسليم وإشغال المباني والمنشآت وهو يتكامل مع الدور التي تقوم به المواصفات القياسية لمواد البناء والمتطلبات الفنية التي تجب مراعاتها في هذه المواد. وما يزيد الأمر أهمية وجود ظواهر زلزالية في بعض مناطق المملكة، والتي يجب أن تؤخذ في الحسبان أثناء عملية تصميم وتنفيذ المباني، وهذا ما يحدده كود البناء من معايير للتصميم والتنفيذ التي تحقق سلامة المنشآت في ظلها.
هو كود البناء وما الذي سيضيفه الى المباني الجديدة وما هي مزاياه وايجابياته ومتى سيطبق؟ هذه التساؤلات وغيرها كانت محاور هذه القضية التي طرحناها امام الخبراء والمعنيين لمناقشتها.
قوانين ولوائح
في البداية قال المهندس محمد بن حامد النقادي رئيس اللجنة الوطنية لكود البناء ووكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية ان اهم الأهداف الاستراتيجية لكود البناء السعودي هي إعداد كود بناء موحد وإعداد خطة لدراسة تقويم وتحسين الكفاءة الزلزالية للمباني المقامة حاليًا في المناطق النشطة زلزاليًا في المملكة واقتراح الأنظمة التي تلزم الجهات العامة والخاصة بتطبيق متطلبات الكود وأسس ومعايير تصميم المباني والمنشآت المقاومة للزلازل في المملكة.
واشار الى ان كود البناء السعودي هو مجموعة من القوانين واللوائح والمتطلبات الإدارية والفنية المتعلقة بالبناء والتشييد، لضمان تحقيق الحد الأدنى المقبول من السلامة والصحة العامة، والمبنية على القواعد العلمية والهندسية، ولا يعتبر كتابا أو دليلا إرشاديا هندسيا لتصميم وتنفيذ المباني. مؤكدا على ان مهام اللجنة الوطنية لكود البناء هو وضع خطة وطنية لإعداد كود بناء سعودي وتحديد عناصر الكود والذي يشتمل على اللوائح الإدارية والقانونية والمعمارية والإنشائية والصحية والميكانيكية والحماية من الحريق وتحديد اللجان الفرعية ومجموعات العمل اللازمة لإعداد الكود من القطاعين العام والخاص وتنفيذ الخطة الوطنية لإعداد كود البناء السعودي والإشراف والتنسيق والمتابعة من أجل إعداد كود البناء السعودي والاستفادة والاستعانة بما لدى الجهات الحكومية من مواصفات وأنظمة بناء وخطط ودراسات حول الموضوع. واوضح ان أهمية كود البناء السعودي تتطلب من كل المنشآت بوجه عام توافر كود بناء يحدد اشتراطات الأمان والسلامة والراحة، ورأى ان الامر يزداد أهمية في المملكة لطبيعتها الجغرافية واختلاف أجواء مناطقها، فمناخها صحراوي جاف والرطوبة عالية في المناطق القريبة من البحر، كما أنه شديد الحرارة في أغلب فصول السنة، والتربة تحتوي على نسب عالية من الأملاح الضارة كما أن هناك ظواهر زلزالية في بعض المناطق، وكل هذه العوامل وغيرها تؤثر بوضوح على سلامة المنشآت وقاطنيها. ومن هنا جاءت أهمية كود البناء للرفع من جودة البناء والحفاظ على الاقتصاد السعودي من خلال ضمان سلامة المنشآت وقاطنيها عن طريق وضع الاشتراطات التي تحدد أسس التصميم والتنفيذ والأساليب الملائمة لظروف وإمكانات المملكة مما يرشد المهندسين والفنيين، ويمكنهم من القيام بأعمالهم بطرق سليمة ومأمونة ويساهم في وضع حد للمشاكل الناتجة عن اختلاف وجهات نظر الأطراف العاملة في قطاع البناء والتشييد، وذلك عن طريق استخدام الكود كنظام معترف به على المستوى الوطني واللجوء إليه لحسم الخلافات.
السلامة العامة
وعن الغرض من إعداد الكود قال النقادي إن كود البناء يحدد الاشتراطات والمتطلبات والقواعد والأنظمة والتشريعات الفنية والإدارية اللازمة لضمان السلامة العامة والصحة والجودة والراحة والتكلفة المناسبة والتنظيم في عملية البناء، التي تضمن جودة التصميم والتنفيذ والاستعمال السليم، وذلك بوضع قواعد واضحة ولغة محددة للمصممين والمنفذين والمشرفين والجهات المختصة لكي تتبعها أثناء العمل حتى لو لم يذكر ذلك في عقد أو اتفاقية، لذا فإن الكود يصبح بمثابة النظام الملزم عند اعتماده، وتأثيراته الإيجابية ستنعكس تلقائيا على كل مجالات التشييد والبناء خصوصا بالنسبة الى المواطن العادي الذي لا تتوافر لديه الخبرة الفنية التي يضعها الكود بين يديه بدون تكلفة، إذ يكفي الشخص العادي عند الاتفاق مع مكتب استشاري لتصميم منزله أن يقول "التصميم حسب متطلبات كود البناء السعودي" أو عند الاتفاق مع المقاول أن يقول "يتم التنفيذ حسب اشتراطات كود البناء السعودي" وبهذا يضمن حسن التصميم والتنفيذ وسلامة أداء المنشأة. فكود البناء السعودي الموحد بعد اعتماده يكون ملزما لجميع الجهات الخاصة والحكومية.
الصعوبات والعراقيل
وعن الصعوبات التي يكمن أن تواجه التطبيق قال النقادي سوف يكون هناك مرحلتان لتطبيق كود البناء السعودي وذلك على النحو التالي:
المرحلة الأولى: تطبيق لوائح الكود سيتم اختياريا على كل المباني خلال السنتين الأوليين من تاريخ اعتماد الكود، وقد حددت الخطة العامة للجنة الوطنية مرحلة للتطبيق التجريبي، تقوم من خلالها بتجربة إجراءات وآليات تطبيق الكود، ومتابعة ردود الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص حول الصعوبات والعقبات التي واجهتهم أثناء التطبيق، لأخذها بعين الاعتبار عند تحديث وتطوير أجزاء الكود ولوائحه، وكل ذلك بهدف إيجاد المناخ الصحيح للتطبيق ومساعدة الأطراف على الالتزام بالكود على أسس سليمة ومن أجل إعداد متكامل لكود البناء السعودي.
المرحلة الثانية: يكون تطبيق الكود إلزاميا لكل قطاعات البناء والتشييد العام والخاص في المملكة، وذلك في أعمال البناء والإضافة والهدم والترميم والإشغال بعد انقضاء الفترة التجريبية المنصوص عليها في الخطة العامة لكود البناء السعودي. وتتولى الجهة الرقابية وهي وزارة الشؤون البلدية والقروية مراقبة تطبيق الكود، والإشراف على تنفيذ التنظيمات والإجراءات الخاصة بتطبيقه ومراقبتها، وتتولى هذه الجهة إبلاغ الجهات المعنية بأي قرار أو إجراء إضافي يتعلق بتطبيق الكود خلال الفترة الاختيارية وما بعدها.
التعليم والتدريب
واشار النقادي الى انه سيتم خلال الفترة التجريبية لتطبيق الكود إعداد برامج تدريب وتأهيل للكوادر الفنية والمهنية المعنية بتطبيقه، انطلاقا من ضرورة توفير قطاع كبير من المهنيين في اختصاصات مختلفة تتطلب حدا مقبولا ومرضيا من المهارات والخبرات التي يجب توفرها لدى هؤلاء المهنيين من أجل التأكد من حسن تطبيق متطلبات واشتراطات الكود، ومن ثم تحقيق الأهداف التي يرمي إليها، حيث سيتم إعداد برامج تدريبية وتأهيلية للأفراد والهيئات والمؤسسات والشركات ذات العلاقة، بحيث تخدم الفئات والأفراد بحسب الحاجة، كما سيتم التنسيق مع الجهات المعنية لتحقيق متطلبات التأهيل، وتكوين لجان فنية لتطوير محتويات الدورات التدريبية والتأهيلية، وإعداد قواعد وآليات التأهيل، وكذا التنسيق مع مراكز خدمة المجتمع في الجامعات والمعاهد المعتمدة ومراكز التدريب للقيام بتنفيذ برامج التدريب والتأهيل اللازمة. إضافة الى ذلك ستقوم اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي بتنظيم وعقد ورش العمل والملتقيات والندوات المتخصصة لنشر الوعي بأهمية الكود ومناقشة ما يستجد عليه من ملاحظات وتقييمه في مرحلة التجربة تقييما منهجيا سواء للمتخصصين أو لعموم المجتمع.
تطبيق تدريجي
واشار إلى أنه سيتم تطبيق الكود تدريجيا وعلى عدة مراحل لضمان التطبيق الأمثل والشامل وستكون وزارة الشؤون البلدية والقروية هي الجهة المعنية بالمراقبة ومتابعة تنفيذ الكود وسيكون ذلك بصفة تجريبة لمدة سنتين وسيبدأ التطبيق بالمنشآت الحكومية والمباني العامة ذات الكثافة البشرية في الأمانات والبلديات والمدن الكبرى وذلك لإتاحة الفرصة للمختصين والممارسين للتعامل مع الكود وإبداء مرئياتهم وملاحظاتهم خلال الفترة التجريبية بما يسهم بفعالية في تحديث وتطوير الكود وبعد ذلك سوف يتم التطبيق الإلزامي في جميع مناطق المملكة وعلى جميع الجهات الخاصة والحكومية لتحقيق الأهداف والتطلعات المرجوة.
ضبط السوق
من جانبه رأى ماهر بندقجي عضو لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية بجدة أن نظام كود البناء السعودي من شأنه أن يساعد على حل العديد من الصعوبات التي يعانيها المقاولون، إضافة إلى ضبط السوق وارتفاع الأسعار في بعض مواد البناء. واشار الى أن المقصود بـ"كود البناء السعودي" هو وجود مواصفات محددة يتم من خلالها التعامل في اختيار مواد البناء وغيرها، مثل نوع الأبواب والارتفاع المطلوب لها، أيضا نوع الخرسانة المفترض استخدامها في البناء، وجميع المواصفات التفصيلية التي تدخل في عملية البناء، وكلها تكون محددة حسب مواصفات الكود السعودي، وفي حالة حدوث خلاف ما، فهي المرجع الرئيس الذي يحتكم إليه بين طرفي النزاع.
واعتبر ان نظام كود البناء السعودي يمثل نقلة نوعية تخلق نوعا من الاستقرار في سوق مواد البناء، سواء داخل المملكة، أو الدول التي يتم الاستيراد منها، وبالتالي استيراد مواد البناء ستخضع لمواصفات الكود السعودي مثلها مثل استيراد السيارات الذي يتم حسب مواصفات وشروط محددة.
واوضح ان اللجنة الوطنية قامت بمراجعة عدد من المراجع والكودات العربية والعالمية ودراسة ما لدى الجهات والمصالح الحكومية من مواصفات وأنظمة بناء وخطط على نتائج مشاريع البحوث الوطنية، وكذلك الكودات العالمية التي تتصف بالشمولية، مثل منظومة مجلس الكودات العالمي للبناء (ICC) الصادر بالولايات المتحدة الأمريكية والكود الأوروبي (EC) والكودات العربية، وكذلك الاطلاع على تجارب بعض الدول، مثل كندا عند إعدادها لكود البناء الكندي (NBC) وعلى التجربة العربية في إصدار العديد من المواصفات والكودات، كما ناقشت اللجنة الوطنية توصيات ونتائج ندوة مواصفات التصميم الهندسي وأهمية توحيدها التي عقدت بالظهران في الفترة من 2-3/3/1423هـ والتي أوصت بالاستفادة من كودات مجلس الكودات العالمي للبناء (ICC) كمرجع أساس لكود البناء السعودي مع التأكيد على الاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية في مجال إعداد واعتماد الكود، كما قامت اللجنة بالاستئناس بآراء القطاعات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بخصوص مقترح مرجعية كودة الأساس، وأقرت الأخذ بمواصفات الهيئة الدولية الكهروتقنية (IEC) فيما يخص الأعمال الكهربائية.
واشار الى انه بناءً على ذلك أقرت اللجنة الوطنية بمحضر اجتماعها الثالث والمنعقد بتاريخ 20/4/1423هـ الاسترشاد بمنظومة كودات مجلس الكودات العالمي (ICC) حيث تتناول المواضيع بطريقة شاملة وتراعي ظروفا تقارب ظروف المملكة فتم اعتبارها (كود أساس)، وبدأت اللجان الفنية في دراستها للتأكد من مناسبتها مع ما ورد فيها مع ظروفنا وإمكاناتنا وقيمنا وبدأت تدخل التعديلات الضرورية، وتعد للدراسات التي يجب إجراؤها للتأكد من بعض النقاط التي تحتاج إلى دراسات كما أنها تخطط لدراسات تهدف للوقوف على الظروف البيئية الكاملة لمختلف مناطق المملكة وبذلك يتم صهر التجارب العالمية لمصلحتنا، واستنتاج ما يناسبنا بمشيئة الله. كما يتضمن كود البناء السعودي عددا من الملاحق تشمل متطلبات كود البناء السعودي للتربة والأساسات، وللأحمال والقوى، وللمنشآت الخرسانية، وللمنشآت الحديدية، وللبناء بالطوب والطابوق، وللسقالات، وللأعمال الكهربائية، وللأعمال الميكانيكية، وللأعمال الصحية، ولترشيد استخدام الطاقة، وللحماية من الحريق، ولتقويم وتحسين كفاءة المباني القائمة لمقاومة الزلازل، وملاحق أخرى.