للموسيقى الأندلسية والكسكس المغربي بسبع خضر، ضمنها خضار « القرع « والزبيب والبصل ..عشق خاص لدى اليهود المغاربة .ولم تكن الموسيقى الأندلسية بمعزل عن الكسكس، فعند اليهود لا يخل عرس أو مناسبة فرح أحيوها دون اعتماد هذا الثنائي التراثي .فالكسكس بالنسبة إليهم أكلتهم المفضلة، التي هاجروا بها إلى دول العالم، وإلى إسرائيل نفسها .
فالكاتب اليهودي المغربي إدمون عمران المالح، الحاصل على جائزة الاستحقاق الوطني بالمغرب بلده الأصلي، يعتبر التراث الموسيقي المغربي الوافد من الأندلس، ليس تظاهرة فلكلورية، بل إسهام فني ساهم فيه موسيقيون يهود مغاربة، ونجاحه كلون موسيقي تراثي، راجع لما يعكسه من قيمة ودلالات للإرث الأندلسي المكون الآخر للثقافة المغربية .
أما الشأن الكاسترونومي ( علم الطبخ )، فكان وما يزال لليهود المغاربة به علاقة مرتبطة بالمطبخ المغربي .فهذا الطبيب اليهودي جاكوب (يعقوب )، يشرح لأحد مرضاه الذين زاروه بعيادته، أن أكل الكسكس المطبوخ بالشعير ضروري لعلاجه، يساعد الأدوية في نجاعة مفعولها لإزالة ألم الأمعاء .
وكذا الشأن في المنهج الطبي المعتمد لدى طبيب الأطفال اليهودي تمستيت الذي لا يزال مقيما في المغرب رغم إغرائه بالهجرة، لكنه رفض، فهو محبوب لدى الأطفال المغاربة وآبائهم، فعيادته بمراكش حيوية دائمة النشاط الطبي .ومن نصائح الطبيب اليهودي مصاحبة الدواء، القليل الذي يسطره ضمن وصفته الطبية، بنصائح التأكيد على الغذاء الجيد، والتنويه بالمطبخ المغربي، وبالكسكس بالزبيب والبصل والقرع، دون إغفال السماع للموسيقى الأندلسية .
لقد حقق اليهود المغاربة انسجاما معيشيا مع المسلمين المغاربة في المغرب وخارجه، ورغم الدعاية المغرضة التي كان ينشرها في الأربعينات من القرن الماضي بعض أعضاء التيارات الإديولوجية ذات المصالح السياسية المعادية ..فإن الانسجام المغربي اليهودي له مرجعية تاريخية، أسسه النبيلة كامنة فيما دعت إليه الرسالة المحمدية الطاهرة، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وما رسخه، في أذهان القادة المسلمين من مبادئ الحماية والاهتمام والتعامل بالإحسان مع أهل الذمة.