تشبه المدينة الإنسان في كثير من تفاصيلها، فإذا كانت زينة الانسان تتجسد في علمه وخلقه ومظهره فإننا نجد ان المدن تزدان بعمرانها الذي يحفظ لها اصالتها وتاريخها العريق وبين هاتين الصورتين المتجاورتين والمتلازمتين في نفس الوقت تبرز شخصية المهندس عبدالعزيز عبدالله كامل كاحد ابرز المعماريين في المملكة والذي قضى جزءا كبيرا من حياته في عمارة الارض برؤية مختلفة حافظ من خلالها على الهوية الاسلامية للمباني وكان يسابق الزمن لتحقيق احلامه المضيئة. كان المهندس كامل يرحمه الله وعاء مليئا بالعِلم والحكمة حتى اصبح قلبه مجمعاً لمختلف العلوم يستحضر القرآن والسنة ويستأنس بهما في كل أعماله ومشاريعه حيث يربط بين الآيات ومدلولاتها في عمارة الأرض وعمارة القلوب ويمزجها في قالب يحمل فكراً شمولياً على المستوى الفني والاجتماعي والبيئي والاقتصادي مخلفاً عملاً لايقل في توصيفه عن أن يكون درّةً من الدرر.
أرض البدايات
ولد المهندس عبدالعزيز عبدالله كامل يرحمه الله بالطائف عام 1953م. وكانت اسرته تتنقل بين مكة و الطائف وجدة والرياض حسبما يتطلبه عمل والده الشيخ عبدالله كامل الذي تدرج في العمل الحكومي ابتداء من عمله كاتبا بالنيابة العامة وحتى توليه ادارة ديوان رئاسة مجلس الوزراء في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله حيث عمل بجواره نحو44 عاما . وفي عام 1958م انتقلت اسرة الشيخ عبدالله كامل من مكة الى جدة وكان المهندس عبدالعزيز في ذلك الوقت في الخامسة من العمر, وبعد ذلك بعام واحد التحق "عزيز” كما يناديه اصدقاؤه بمدارس الثغر بعد ان استقى تعليمه التمهيدي من والده الفاضل الشيخ عبدالله كامل ووالدته الكريمة السيدة فاطمة صالح ناقرو وشقيقه الشيخ صالح الذي يكبره بحوالى 14 عاما والذي اشار له المهندس عبدالعزيز في العديد من المناسبات مبينا انه لم يكن شقيقه فحسب بل كان يعتبره الأب الموجه والمعلم الفاضل.
وفي محاولة لرسم ملامح طفولة المهندس عبدالعزيز المبكرة توجهنا بالسؤال الى شقيقه الاكبر الشيخ صالح كامل الذي قال وجدت فيه الاخ والابن في نفس الوقت نظرا لفارق السن وكان في صغره مطيعا حيث كنت نظرا لانشغال الوالد اقتطع جزءا من وقتي للاهتمام باشقائي وكنت اشد عليه عندما يخطئ وكان يتحمل مني مالا يتحمله الابن من ابيه ,واضاف:كان متفوقا في دراسته , شغوفا بالقراءة وهذه العادة اخذناها عن عمي عبدالسلام كامل نقيب العلماء في الحرم المكي يرحمه الله ونقلناها الى أخوينا عمر وعبدالعزيز اللذين لم يعاصرا عمي لصغر سنهما ولكنهما يعتزان به في كل المواقف ويتضح ذلك جليا في المهندس عبدالعزيز الذي اطلق على اصغر ابنائه اسم " عبدالسلام " حبا في عمي وارضاء لي.
وبسؤاله هل كان المهندس عبدالعزيز هادئا في صغره قال الشيخ صالح : لم يكن كذلك بل كان جريئا الى حد التهور,واستحضر الشيخ صالح من ذاكرته موقفا لاخيه " عزيز” الاصغر في قائمة اخوته الذكوروقال:كان في الصف الاول الابتدائي بجدة وحدث ان تسلق احد الجدران ووقع على وجهه مما اودع جرحا كبيرا في " حلقه " وعندما علمت بالأمر سارعت به الى المستوصف وتمت معالجة الجرح وتخييطه ومن ثم ذهبت به الى المنزل وفي صباح اليوم الثاني تفاجأت عندما رأيت عبدالعزيز يقف امام المرآة و ينزع الخيوط من الجرح.
واضاف: لكنه بعد ان اجتاز المرحلة الابتدائية اصبح اكثر اتزانا وهدوءا واهتم بالعلم الى درجة ان الشيخ عثمان الصالح يرحمه الله كان يشيد بعبدالعزيز في جميع الانشطة العلمية والثقافية بالمعهد.
دراسته في الرياض
في سن الثانية عشرة تقريبا انتقل المهندس عبدالعزيز مع اسرته الى الرياض نظرا لانتقال عمل والده الى العاصمة وواصل تعليمه للمرحلة المتوسطة والثانوية في معهد الانجال او معهد العاصمة النموذجي.
وكان كما يروي لنا يوسف العلي الشايع احد زملائه في الدراسة طالبا مميزا هادئ الطباع على عكس ما كان عليه في مراحل الطفولة الاولى وقال الشايع ان المهندس عبدالعزيز لا يكذب حتى في المزح وكان شديد الاستيعاب فالمواد الدراسية التي تتطلب من زملائه 4 ايام للاستذكار لا تستغرق منه سوى ساعات معدودة واشار الى انه كان محبا للقراءة ويتمتع بحدس قوي ونظرة ثاقبة مبينا انه كان في احيان كثيرة ينبه زملاءه الى بعض المسائل التي يتوقع ان ترد ضمن اسئلة الامتحان وكانت تلك التوقعات تصيب في الغالب. واشار الشايع الى ان المهندس عبدالعزيز واصل تفوقه في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود الى ان تخرج منها مهندسا معماريا في عام 1975م.
بوابة العمل الجاد
بعد تخرجه من الجامعة التحق المهندس عبدالعزيز بالعمل في مجموعة دلة البركة التي كان يرأس مجلس ادارتها شقيقه الاكبر الشيخ صالح كامل واستمر بها نحو 15 عاما عمل خلالها في مجال الهندسة العمرانية والتصميم والإشراف والتنفيذ والصيانة وادارة تمويل المشروعات العمرانية والسياحية والعقارية بالطرق الملائمة للشريعة الإسلامية.واوضح الشيخ صالح كامل ان المهندس عبدالعزيز كان عقلية متفردة في العمل وعنوانا للجدية مبينا انه كان يطمح الى تنفيذ بعض المشاريع التي ارتسمت في مخيلته منذ الصغر, واستطرد الشيخ صالح: كان لديه العزم والطموح لشق طريقه منفردا لتحقيق احلامه وهذا ما حدث عندما استأذنني في ذلك ولم اخف عليه في حينها لثقتي في قدراته الفذة وقد اكتسب من الخبرة خلال عمله في مجموعة دله ما يؤهله للنجاح اضف الى ذلك جانبا مهما في شخصيته وهو خوفه من الله وبره بوالديه ومن يرضي الله ويبر بوالديه فلا خوف عليه.
واوضح ان الراحل كان يسكن بعيدا عن منزل والديه ولكن رغم ذلك كان يزورهما يوميا ويقضي معهما اوقاتا طويلة وكان اذا قدم من سفر يبادر بالذهاب للسلام عليهما قبل الذهاب الى منزله وهذا ما جعلني اطمئن عليه في عمله حيث كنت اتمنى ان اراه انجح مني والحمدلله استطاع ان يؤسس شركة التطوير العمراني التي خرجت لنا بمفاهيم جديدة في العمران.
التطوير العمراني
قال المهندس عبدالعزيز في بداية انشائه لشركة التطوير العمراني ان مادفعه للتفكير في هذا المشروع الضخم هو ما رآه من امكانية كبرى لتحسين وتطوير العمران لصالحنا جميعا ليكون اكثر ملاءمة لديننا الحنيف ولحياتنا الاجتماعية وقيمنا المعيشية وبأقل كلفة اقتصادية وأطول مدة ممكنة وأسلم معدل لتنامي قيمة عمراننا وأفضل مردود لمجتمعاتنا.
مشروع البيوتات
واختصر محمود طاهر عرفات احد العاملين بشركة التطوير العمراني منذ تأسيسها مشواره مع المهندس عبدالعزيز كامل قائلا: بدأت مسيرتي مع المهندس عبد العزيز منذ ما يقارب العشرين عاما وتحديدا في العام 1990 ميلادية وهي بداية انطلاق مؤسسة التطوير العمراني التي أسسها لتمثل تجسيدا لحلم راوده وتعايش معه منذ تخرجه من الجامعة وبدأت مسيرة التطوير العمراني في مشروع البيوتات السكني الذي نال جائزة منظمة الدول العربية عام 1995م.
وكان المهندس عبدالعزيز يرد على كل من انتقد فكرة المشروع بالقول:” ان مهمة المهندس المعماري هي تصميم مبان تساهم في صنع السعادة عن طريق تجسيد قيم عالية ونبيلة” وقد ردد على مسامعنا مرارا بان المباني التي حولنا او التي نعيش فيها او نعمل فيها تؤثر على شعورنا واحساسنا وعلى مزاجنا ومع مرور الزمن تؤثر هذه المباني على شخصيات جيل بأكمله.
وأضاف: ان البذور التي زرعها عبد العزيز كامل في عالم العمارة والتطوير كان أساسها تعلقه بمكة المكرمة والمدينة المنورة، فكان فؤاده يلتهب غيرة وحنوا لحب وخدمة اهل مكة والمدينة. وتابع: لقد كان صادقا وشفافا وبارعا في الادارة والتنظيم والصدق في تبني الاهداف والمثابرة في العمل على تحقيقها فكان يردد دائما دعونا نسرع اكثر والا فإن الاخرين القادمين سيسبقوننا وسنضطر للركض خلفهم فقد كان رحمه الله مثقفا مقتصدا في الظهور متنوع الاهتمام الثقافي حيث كان قارئا نهما محبا للكتب وكان شلالا من العطاء الزاخر وطودا سامقا من الشموخ والعزة.
اعماله الخيرية
كان المهندس عبدالعزيز كامل محبا للخير وساعيا في ميادينه وباذلا في وجوهه وكانت اعاقة التوحد ضمن اهتماماته الخيرة الكثيرة فقد ساند الجهود المبذولة للتخفيف من تأثير هذه الاعاقة ودعم المصابين بها وتأهيل الكوادر المتخصصة لرعايتها وتأمين الكثير من متطلبات الرعاية.
وعن جهوده الانسانية في هذا المجال حدثنا الدكتورطلعت بن حمزة الوزنة أمين عام الجمعية السعودية الخيرية للتوحد قائلا:كانت له الريادة في دعم هذا المجال منذ أكثر من 15 عاما حيث كان احد اعضاء مجلس امناء اكاديمية التعليم الخاص بجدة التي انشأها صاحب السمو الملكي الامير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز عام 1413هـ وكان منزله بجدة الحاضن لاول فصول تربوية تنشأ لتقديم الخدمات لهذه الفئة في العالم العربي من خلال الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة كما ساهم بسخاء في ابتعاث العديد من الكوادر السعودية لخارج المملكة كأول بعثات للتدريب على رعاية فئة التوحد في الدول المتقدمة في هذا المجال.
واضاف: انضم يرحمه الله لعضوية مجلس ادارة الجمعية السعودية الخيرية للتوحد مع تأسيسها في شهر رجب عام 1424هـ حيث ساهم في وضع برامجها واستراتيجياتها وقدم لها الكثير من العطاء الذي كان آخره تبرعه قبل أشهر بمنزله في حي الروضة ليكون مقرا لفرع الجمعية بجدة كمساهمة خيرة تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين ريال.
واستطرد: كانت له بصمات كثيرة في ميادين الخير والعطاء الموجه للمعاقين والفقراء في العديد من الجمعيات والمؤسسات اضافة الى جهوده المتميزة ومشاركته الفاعلة في انجازات هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة مما يجعل من هذه المآثر مثالا يحتذى على الادوار الايجابية العظيمة التي يقدمها الرجال البررة ابتغاء لوجه الله وحرصا على كل ما يساهم في اعلاء شأن الوطن ومواطنيه من مختلف الشرائح والطبقات.
مدرسة صالح كامل
وكشف سكرتيره ومدير مكتبه الخاص محمد المصطفى حامد بعضا من اسراره واقواله التي مازال يتذكرها حيث قال ان المهندس عبدالعزيز كان يقول: "الكل لـه دور في حياتي فالأب والاخوان والعم عبد السلام رحمه الله على وجه الخصوص كان لـه دور كبير في حياة كل أفراد الأسرة ككبير للعائلة وفى شخصيتي. أما الأخ صالح، فلقد تأثرت به في العلم والعمل. فقد كان بمثابة المدرسة التي تعلمت فيها وإذا كانت هناك صفات حميدة توجد فيّ فهي تعود إليه وتعلمتها منه.
وكنا قد انتقلنا وأنا في حوالى الصف الأول المتوسط إلى الرياض، وكان أخي صالح يقوم بدور الأب بالنسبة لي وأنا لم أشاهد أحداً في حياتي باراً بوالديه مثل أخي صالح”.
علاقته بالشعراوي وعزوز
واضاف سكرتيره: المهندس عبدالعزيز تأثر بالسيد إسحاق عزوز والشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمهما الله تأثراً كبيراً, وقال لازلت اتذكر المهندس عبدالعزيز وهو يقول: "أحمد الله أنني تقابلت معهما فقد أكدا على مدى أهمية تعلم اللغة العربية لفهم القرآن الكريم والسنة الشريفة. وكان الشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمه الله يزورنا في كل شهر حوالى مرتين ويجلس معنا في البيت”.
ومن الاقوال الخالدة التي مازال محمد المصطفى يتذكرها جيدا قول المهندس عبدالعزيز: "نحن نعيش في دنيا تتسم بالجهد والتعب وسنلتقي إن شاء الله في الآخرة حيث لا نصب ولا تعب ولكن ينبغي على كل إنسان أن يُحسن عمله في هذه الدنيا سواء العمل الدنيوي أو العمل الديني”.
أرض البدايات
ولد المهندس عبدالعزيز عبدالله كامل يرحمه الله بالطائف عام 1953م. وكانت اسرته تتنقل بين مكة و الطائف وجدة والرياض حسبما يتطلبه عمل والده الشيخ عبدالله كامل الذي تدرج في العمل الحكومي ابتداء من عمله كاتبا بالنيابة العامة وحتى توليه ادارة ديوان رئاسة مجلس الوزراء في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله حيث عمل بجواره نحو44 عاما . وفي عام 1958م انتقلت اسرة الشيخ عبدالله كامل من مكة الى جدة وكان المهندس عبدالعزيز في ذلك الوقت في الخامسة من العمر, وبعد ذلك بعام واحد التحق "عزيز” كما يناديه اصدقاؤه بمدارس الثغر بعد ان استقى تعليمه التمهيدي من والده الفاضل الشيخ عبدالله كامل ووالدته الكريمة السيدة فاطمة صالح ناقرو وشقيقه الشيخ صالح الذي يكبره بحوالى 14 عاما والذي اشار له المهندس عبدالعزيز في العديد من المناسبات مبينا انه لم يكن شقيقه فحسب بل كان يعتبره الأب الموجه والمعلم الفاضل.
وفي محاولة لرسم ملامح طفولة المهندس عبدالعزيز المبكرة توجهنا بالسؤال الى شقيقه الاكبر الشيخ صالح كامل الذي قال وجدت فيه الاخ والابن في نفس الوقت نظرا لفارق السن وكان في صغره مطيعا حيث كنت نظرا لانشغال الوالد اقتطع جزءا من وقتي للاهتمام باشقائي وكنت اشد عليه عندما يخطئ وكان يتحمل مني مالا يتحمله الابن من ابيه ,واضاف:كان متفوقا في دراسته , شغوفا بالقراءة وهذه العادة اخذناها عن عمي عبدالسلام كامل نقيب العلماء في الحرم المكي يرحمه الله ونقلناها الى أخوينا عمر وعبدالعزيز اللذين لم يعاصرا عمي لصغر سنهما ولكنهما يعتزان به في كل المواقف ويتضح ذلك جليا في المهندس عبدالعزيز الذي اطلق على اصغر ابنائه اسم " عبدالسلام " حبا في عمي وارضاء لي.
وبسؤاله هل كان المهندس عبدالعزيز هادئا في صغره قال الشيخ صالح : لم يكن كذلك بل كان جريئا الى حد التهور,واستحضر الشيخ صالح من ذاكرته موقفا لاخيه " عزيز” الاصغر في قائمة اخوته الذكوروقال:كان في الصف الاول الابتدائي بجدة وحدث ان تسلق احد الجدران ووقع على وجهه مما اودع جرحا كبيرا في " حلقه " وعندما علمت بالأمر سارعت به الى المستوصف وتمت معالجة الجرح وتخييطه ومن ثم ذهبت به الى المنزل وفي صباح اليوم الثاني تفاجأت عندما رأيت عبدالعزيز يقف امام المرآة و ينزع الخيوط من الجرح.
واضاف: لكنه بعد ان اجتاز المرحلة الابتدائية اصبح اكثر اتزانا وهدوءا واهتم بالعلم الى درجة ان الشيخ عثمان الصالح يرحمه الله كان يشيد بعبدالعزيز في جميع الانشطة العلمية والثقافية بالمعهد.
دراسته في الرياض
في سن الثانية عشرة تقريبا انتقل المهندس عبدالعزيز مع اسرته الى الرياض نظرا لانتقال عمل والده الى العاصمة وواصل تعليمه للمرحلة المتوسطة والثانوية في معهد الانجال او معهد العاصمة النموذجي.
وكان كما يروي لنا يوسف العلي الشايع احد زملائه في الدراسة طالبا مميزا هادئ الطباع على عكس ما كان عليه في مراحل الطفولة الاولى وقال الشايع ان المهندس عبدالعزيز لا يكذب حتى في المزح وكان شديد الاستيعاب فالمواد الدراسية التي تتطلب من زملائه 4 ايام للاستذكار لا تستغرق منه سوى ساعات معدودة واشار الى انه كان محبا للقراءة ويتمتع بحدس قوي ونظرة ثاقبة مبينا انه كان في احيان كثيرة ينبه زملاءه الى بعض المسائل التي يتوقع ان ترد ضمن اسئلة الامتحان وكانت تلك التوقعات تصيب في الغالب. واشار الشايع الى ان المهندس عبدالعزيز واصل تفوقه في كلية الهندسة بجامعة الملك سعود الى ان تخرج منها مهندسا معماريا في عام 1975م.
بوابة العمل الجاد
بعد تخرجه من الجامعة التحق المهندس عبدالعزيز بالعمل في مجموعة دلة البركة التي كان يرأس مجلس ادارتها شقيقه الاكبر الشيخ صالح كامل واستمر بها نحو 15 عاما عمل خلالها في مجال الهندسة العمرانية والتصميم والإشراف والتنفيذ والصيانة وادارة تمويل المشروعات العمرانية والسياحية والعقارية بالطرق الملائمة للشريعة الإسلامية.واوضح الشيخ صالح كامل ان المهندس عبدالعزيز كان عقلية متفردة في العمل وعنوانا للجدية مبينا انه كان يطمح الى تنفيذ بعض المشاريع التي ارتسمت في مخيلته منذ الصغر, واستطرد الشيخ صالح: كان لديه العزم والطموح لشق طريقه منفردا لتحقيق احلامه وهذا ما حدث عندما استأذنني في ذلك ولم اخف عليه في حينها لثقتي في قدراته الفذة وقد اكتسب من الخبرة خلال عمله في مجموعة دله ما يؤهله للنجاح اضف الى ذلك جانبا مهما في شخصيته وهو خوفه من الله وبره بوالديه ومن يرضي الله ويبر بوالديه فلا خوف عليه.
واوضح ان الراحل كان يسكن بعيدا عن منزل والديه ولكن رغم ذلك كان يزورهما يوميا ويقضي معهما اوقاتا طويلة وكان اذا قدم من سفر يبادر بالذهاب للسلام عليهما قبل الذهاب الى منزله وهذا ما جعلني اطمئن عليه في عمله حيث كنت اتمنى ان اراه انجح مني والحمدلله استطاع ان يؤسس شركة التطوير العمراني التي خرجت لنا بمفاهيم جديدة في العمران.
التطوير العمراني
قال المهندس عبدالعزيز في بداية انشائه لشركة التطوير العمراني ان مادفعه للتفكير في هذا المشروع الضخم هو ما رآه من امكانية كبرى لتحسين وتطوير العمران لصالحنا جميعا ليكون اكثر ملاءمة لديننا الحنيف ولحياتنا الاجتماعية وقيمنا المعيشية وبأقل كلفة اقتصادية وأطول مدة ممكنة وأسلم معدل لتنامي قيمة عمراننا وأفضل مردود لمجتمعاتنا.
مشروع البيوتات
واختصر محمود طاهر عرفات احد العاملين بشركة التطوير العمراني منذ تأسيسها مشواره مع المهندس عبدالعزيز كامل قائلا: بدأت مسيرتي مع المهندس عبد العزيز منذ ما يقارب العشرين عاما وتحديدا في العام 1990 ميلادية وهي بداية انطلاق مؤسسة التطوير العمراني التي أسسها لتمثل تجسيدا لحلم راوده وتعايش معه منذ تخرجه من الجامعة وبدأت مسيرة التطوير العمراني في مشروع البيوتات السكني الذي نال جائزة منظمة الدول العربية عام 1995م.
وكان المهندس عبدالعزيز يرد على كل من انتقد فكرة المشروع بالقول:” ان مهمة المهندس المعماري هي تصميم مبان تساهم في صنع السعادة عن طريق تجسيد قيم عالية ونبيلة” وقد ردد على مسامعنا مرارا بان المباني التي حولنا او التي نعيش فيها او نعمل فيها تؤثر على شعورنا واحساسنا وعلى مزاجنا ومع مرور الزمن تؤثر هذه المباني على شخصيات جيل بأكمله.
وأضاف: ان البذور التي زرعها عبد العزيز كامل في عالم العمارة والتطوير كان أساسها تعلقه بمكة المكرمة والمدينة المنورة، فكان فؤاده يلتهب غيرة وحنوا لحب وخدمة اهل مكة والمدينة. وتابع: لقد كان صادقا وشفافا وبارعا في الادارة والتنظيم والصدق في تبني الاهداف والمثابرة في العمل على تحقيقها فكان يردد دائما دعونا نسرع اكثر والا فإن الاخرين القادمين سيسبقوننا وسنضطر للركض خلفهم فقد كان رحمه الله مثقفا مقتصدا في الظهور متنوع الاهتمام الثقافي حيث كان قارئا نهما محبا للكتب وكان شلالا من العطاء الزاخر وطودا سامقا من الشموخ والعزة.
اعماله الخيرية
كان المهندس عبدالعزيز كامل محبا للخير وساعيا في ميادينه وباذلا في وجوهه وكانت اعاقة التوحد ضمن اهتماماته الخيرة الكثيرة فقد ساند الجهود المبذولة للتخفيف من تأثير هذه الاعاقة ودعم المصابين بها وتأهيل الكوادر المتخصصة لرعايتها وتأمين الكثير من متطلبات الرعاية.
وعن جهوده الانسانية في هذا المجال حدثنا الدكتورطلعت بن حمزة الوزنة أمين عام الجمعية السعودية الخيرية للتوحد قائلا:كانت له الريادة في دعم هذا المجال منذ أكثر من 15 عاما حيث كان احد اعضاء مجلس امناء اكاديمية التعليم الخاص بجدة التي انشأها صاحب السمو الملكي الامير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز عام 1413هـ وكان منزله بجدة الحاضن لاول فصول تربوية تنشأ لتقديم الخدمات لهذه الفئة في العالم العربي من خلال الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة كما ساهم بسخاء في ابتعاث العديد من الكوادر السعودية لخارج المملكة كأول بعثات للتدريب على رعاية فئة التوحد في الدول المتقدمة في هذا المجال.
واضاف: انضم يرحمه الله لعضوية مجلس ادارة الجمعية السعودية الخيرية للتوحد مع تأسيسها في شهر رجب عام 1424هـ حيث ساهم في وضع برامجها واستراتيجياتها وقدم لها الكثير من العطاء الذي كان آخره تبرعه قبل أشهر بمنزله في حي الروضة ليكون مقرا لفرع الجمعية بجدة كمساهمة خيرة تقدر بأكثر من ثلاثة ملايين ريال.
واستطرد: كانت له بصمات كثيرة في ميادين الخير والعطاء الموجه للمعاقين والفقراء في العديد من الجمعيات والمؤسسات اضافة الى جهوده المتميزة ومشاركته الفاعلة في انجازات هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة مما يجعل من هذه المآثر مثالا يحتذى على الادوار الايجابية العظيمة التي يقدمها الرجال البررة ابتغاء لوجه الله وحرصا على كل ما يساهم في اعلاء شأن الوطن ومواطنيه من مختلف الشرائح والطبقات.
مدرسة صالح كامل
وكشف سكرتيره ومدير مكتبه الخاص محمد المصطفى حامد بعضا من اسراره واقواله التي مازال يتذكرها حيث قال ان المهندس عبدالعزيز كان يقول: "الكل لـه دور في حياتي فالأب والاخوان والعم عبد السلام رحمه الله على وجه الخصوص كان لـه دور كبير في حياة كل أفراد الأسرة ككبير للعائلة وفى شخصيتي. أما الأخ صالح، فلقد تأثرت به في العلم والعمل. فقد كان بمثابة المدرسة التي تعلمت فيها وإذا كانت هناك صفات حميدة توجد فيّ فهي تعود إليه وتعلمتها منه.
وكنا قد انتقلنا وأنا في حوالى الصف الأول المتوسط إلى الرياض، وكان أخي صالح يقوم بدور الأب بالنسبة لي وأنا لم أشاهد أحداً في حياتي باراً بوالديه مثل أخي صالح”.
علاقته بالشعراوي وعزوز
واضاف سكرتيره: المهندس عبدالعزيز تأثر بالسيد إسحاق عزوز والشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمهما الله تأثراً كبيراً, وقال لازلت اتذكر المهندس عبدالعزيز وهو يقول: "أحمد الله أنني تقابلت معهما فقد أكدا على مدى أهمية تعلم اللغة العربية لفهم القرآن الكريم والسنة الشريفة. وكان الشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمه الله يزورنا في كل شهر حوالى مرتين ويجلس معنا في البيت”.
ومن الاقوال الخالدة التي مازال محمد المصطفى يتذكرها جيدا قول المهندس عبدالعزيز: "نحن نعيش في دنيا تتسم بالجهد والتعب وسنلتقي إن شاء الله في الآخرة حيث لا نصب ولا تعب ولكن ينبغي على كل إنسان أن يُحسن عمله في هذه الدنيا سواء العمل الدنيوي أو العمل الديني”.