فجّر الشيخ صالح السحيباني مفاجأة جديدة عبر مداخلته التي ارسلها لـ "الدين والحياة” بعد أن استشهد به جمال خاشقجي في معرض دفاعه عن القصة
التي أوردها حول لقائه بالشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي المملكة السابق حيث أكد السحيباني ان قصة اللقاء صحيحة، وأكد على معظم ما أورده الخاشقجي في تصريحه للملحق الاسبوع الماضي، ولكنه استدرك في نقطة هامة جدا بأنه لا يتذكر أبداً ان الحوار مع سماحة الشيخ ابن باز تطرق لموضوع ولاية المرأة العامة والخاصة، وفي ما يلي مداخلة الداعية السعودي الشيخ صالح السحيباني:
اطلعت على النقاش والحوار الدائر بين كل من فضيلة الدكتور سعد العتيبي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء والاستاذ الكريم جمال خاشقجي رئيس تحرير جريدة الوطن حول قضية أظنها مهمة وهي تتعلق في ولاية المرأة وذلك إثر مقتل بي نظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة في باكستان، وحيث إني وجدت اسمي قد اقحم في الموضوع ذاته، وذلك من قبل الاستاذ جمال مشيرا إلى أن الحوار الذي دار بينه وبين سماحة الوالد المفتي الشيخ عبدالعزيز بن باز -عليه رحمة الله- الذي كان لي الشرف أن يكون بمعيتي وفي سيارتي وأن سماحة الشيخ ابن باز لا يرى إبان ذلك الوقت الخروج على بوتو أو حجب الثقة عنها في البرلمان أو خلعها، وبما أنه قد طلب مني الأخ العزيز الدكتور عبدالعزيز قاسم المشرف على تحرير (الدين والحياة) في جريدة عـكاظ المشاركة في هذا النقاش والحوار مؤكدا سعادته أنه لابد أن أوضح موقفي ورأيي في هذه المسألة مسألة الولاية العامة والولاية الخاصة، وما هو الشيء الذي سمعت من سماحة المفتي حول هذه المسألة؟.
من هذا المنطلق أود إيضاح الحقائق التالية:
أولا: أود أن أشيد بالنقاش والحوار الدائر بين كل من الاخوين الكريمين الدكتور سعد العتيبي والاستاذ جمال خاشقجي إذ أنه -في ظني- يرقى إلى أعلى درجات الخلق والأدب واحترام الرأي المخالف وكم كنت اتمنى من كتابنا الافاضل ان يرتقوا باسلوبهم ولغة خطابهم إلى هذا المستوى الرفيع من الأدب والخلق واحترام الرأي المخالف بعيدا عن التشنج.
ثانيا: أحب أن أورد ما حدث بالتفصيل (لقد أخبرت سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بمجيء الشيخ محمد يونس خالص رحمه الله أحد قادة الجهاد الافغاني آنذاك الى الرياض ودخوله مستشفى القوات المسلحة لإجراء بعض الفحوصات الطبية وطلب مني سماحته أن أصلي معه العصر في جامع الامام تركي بن عبدالله لنذهب سويا إلى زيارة الشيخ يونس خالص، وفعلا صليت العصر مع سماحته وكان برفقتي كل من الاستاذ وائل جليدان مدير فرع الهلال الأحمر في باكستان والاستاذ جمال خاشقجي وبعد الصلاة توجهنا سويا الى المستشفى بسيارتي وكعادة سماحته يفضل الركوب في المقعد الخلفي من الجهة اليمنى وعلى يساره الاستاذ وائل وفي المقعد الامامي الاستاذ جمال وأنا أقود السيارة ودار حديث حول الاوضاع في باكستان بدأ به الاستاذ جمال وكان معه جهاز تسجيل بصفته محررا في جريدة (المسلمون) وكان معظم الاسئلة يدور حول تولي بوتو لرئاسة وزراء باكستان وهل يجوز الخروج عليها او اسقاطها من خلال الشارع؟ وكيف يرى سماحته حجب الثقة عنها في البرلمان؟ أو خلعها؟.
وكان جواب سماحته واضحا وصريحا حيث أجاب بأنه لا يرى الخروج عليها بل يرى السمع والطاعة لها في غير معصية الله والقبول بها حتى نهاية ولايتها وعلى الجميع الصبر والتحمل ومن ثم على الجماعات والاحزاب الاسلامية ان توحد صفوفها ويجمعوا على ترشيح من يرونه مناسباً ممن تتوفر فيه الشروط المطلوبة.
أما بالنسبة لإجابته عن رأيه في المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات في الشوارع فقد رفضها رفضا قاطعا وشدد على إنكارها، وذلك خشية أن تزهق أنفس بريئة أو تدمر الممتلكات أو تحرقها، وهذه كلها -وكما يرى سماحته- فيها مفاسد وشرور عظيمة.
ثم ذكر سماحته القاعدة الشرعية: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) ثم قال يرحمه الله إن بوتو جاءت بأصوات كثيرة هي التي بوأتها هذه المكانة، وذلك بسبب الخلاف والفرقة بين الجماعات والاحزاب، مشددا سماحته على ضرورة وحدة الصف وجمع الكلمة.
ثالثا: أما بالنسبة لحجب الثقة عنها في البرلمان أو خلعها فلم يكن سماحته يرى حجب الثقة عنها ولا خلعها، وذلك خشية الفتنة وما سوف يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة وشرور كثيرة لا يعلمها إلا الله عز وجل بل إنه -يرحمه الله- ذهب إلى أبعد من ذلك حيث طلب من البرلمان أن يتعاون معها ومع حكومتها لما فيه مصلحة البلاد والعباد إلى أن تنتهي مدة ولايتها وتستبدل برجل أكفأ منها يجمعون عليه، وهذا من منطلق نظرته الثاقبة -عليه رحمة الله تعالى- لمثل هذه الأمور المهمة.
رابعا: أما بالنسبة للولاية العامة والخاصة فلا أتذكر ان الحديث مع سماحته تعرض لذلك وإن كان من نقاش حول هذه، فأجزم قاطعا أني لم أسمعه ومن باب التأكد والحرص فقد اتصلت بأخي الاستاذ وائل لعله يتذكر هذا النقاش والحوار في موضوع الولاية فاخبرني بأنه لا يتذكر شيئا من هذا القبيل.
ولعله من المستحسن في هذا الخصوص ان يعود الاستاذ جمال الى الشريط الذي سجل فيه الحوار مع سماحته آنذاك أو يرجع إلى الارشيف في جريدة (المسلمون) لعله يعثر على نص الحوار المنشور في الجريدة مع سماحته.
هذا ما أردت بيانه وإيضاحه في هذه القضية ولعل هذا التوضيح يفي بالغرض ويقفل باب النقاش بين الاخوين الفاضلين في هذه المسألة وان كان وكما قلت في المقدمة بأن نقاشهما وحوارهما يعتبر مثالا يحتذى، وذلك لما فيه من الأدب الجم والاحترام المتبادل بينهما وهو نهج أتمنى أن يُسلك في النقاش والحوار بين كتابنا الأفاضل دائماً.