بعض الناس.. لم تكفهم أوجه المعاناة المختلفة التي يؤثر وجودها على صحة إنسان هذا العصر ويعرضها للكثير من المخاطر، لذا هم يطرقون أبوابا إضافية أخرى، تعجل بالفتك بالإنسان وتحمله في الوقت ذاته ذنبا لا طاقة له به. الفرد منا يعاني في هذا الزمان من تشبع غذائه بالكيماويات المختلفة التي باتت تؤثر على صحته سلبا والوجبات السريعة تكمل الناقص، كما أن أكثر الناس في مجتمعنا لا يجدون الوقت الكافي لممارسة أي أنشطة رياضية تقوي أجسادهم وغالبيتهم لا يرغبون في ممارستها حتى لو وجدوا الوقت، متطلبات الحياة اليومية باتت أكثر تعقيدا و ضغوط العمل تهدد صحة الإنسان، كما أن الجلوس المستمر أمام شاشات التلفزيون والكمبيوتر أخذ يؤثر على سلامة الظهور والرقاب والعيون، وفيما تنتشر الحوادث المرورية بكل جبروتها وعنفها لتقضي على الآلاف في لمح البصر تطل علينا المشكلات البيئية الأخرى لتؤثر على صحة أفراد المجتمع ككل على المدى القصير والمدى الطويل أيضا، فإذا أضفنا إلى كل ذلك الأمراض المتعددة الأشكال والآثار والتي يأتي في مقدمتها السرطان والأيدز والزهايمر وغيرها أدركنا حجم الأخطار التي تهدد حياة الفرد في هذا الزمان وحجم معاناته، فكيف يعمد بعض المتهورين إلى تعريض أنفسهم لأخطار أخرى قاتلة كأخطار المسكرات والمخدرات وما شابههما؟؟ على مدار العام، تطالعنا الصحف اليومية على سبيل المثال بأخبار عن ضبط أفراد – من المقيمين في الغالب – يعدون المسكرات ويجهزونها للتوزيع في داخل المدن الكبيرة، وبالرغم من كل عمليات الضبط والإحباط وكل العقوبات تتعدد القصص وتتكرر المداهمات ولا يحدث أي ردع أو تراجع، بل يتبين وكما قلتُ في مقال سابق عنوانه « من الذي يشرب « أن الكثيرين ممن يُضبطون في مثل هذه العمليات ويُرحلون من البلاد يعودون إليها بل ويكررون الفعل نفسه دون خوف أو وجل، فكيف يحدث ذلك؟ تقول جريدة « الحياة « في خبر نشرته نهاية الأسبوع الماضي أن شرطة جدة أطاحت بوافدة أثيوبية تدير مصنعا لإنتاج العرق المسكر بعد بحث وتحر متواصلين، والخبر ليس بجديد فقد قرأنا قبله عشرات وسنظل نقرأ، لكن الجديد في الموضوع هو أن هذه المرأة تغطي براميل التقطير التي تستخدمها بمستلزمات نسائية قذرة عليها دماء متعفنة بهدف إسراع عملية التخمير، فأي أناس هؤلاء الذين يقبلون على أنفسهم شرب تلك المسكرات!! وهل يعرفون أي شيء عن الأسلوب المستخدم في تصنيعها!! ثم هل تساوي المتعة المزعومة المنشودة ما سيفقده الواحد منهم من دينه وعافيته في ظل كل ذلك؟ أعرف أن هناك الكثيرين – هداهم الله - الذين يحصلون على الأنواع الجيدة والفاخرة من مصادرها الأصلية ولا يعرضون أنفسهم لمخاطر هذه الأنواع المصنعة محليا، لكنني لا أتحدث عنهم بالرغم من أنهم كالآخرين يجنون على أنفسهم وعلى أسرهم، إنما أخص العامة الذين تمنعهم قدراتهم المحدودة من فعل ذلك مما يدفعهم لتوفير متطلباتهم من خلال مثل هذه الأماكن الموبوءة، فهل فكروا في صحتهم وفي تأثير ذلك على حياتهم وعلى أبنائهم وعلى مستقبلهم؟ هل استوعب الواحد منهم حجم الذنب الذي سيتحمله بسبب تعاطيه لتلك المواد؟؟ ما هي الأعداد التي تعرض نفسها لكل تلك المخاطر في مجتمعنا دون تفكير أو تدبر!! أثق بأن هناك الكثيرين منهم ولولا أن أولئك الباعة المجرمين وجدوا سوقا رائجة ومستمرة لبضاعتهم لما استمروا بهذه الكثافة وهذا الانتشار. أتمنى أن نرى إحصائيات تبين أعداد المقبوض عليهم من هؤلاء المجرمين وسنوات استمرار كل منهم قبل القبض عليه والعقوبة التي طُبقت بحقه وعددها في حالة تكررها، في الوقت نفسه، أتمنى لو أن تلك الإحصائيات شملت أيضا أعداد المواطنين الذين تم القبض عليهم وهم مخمورون أو مروجون أو حتى موجودون في تلك الأماكن وقت مداهمتها.
يا ناس نحن لسنا مجتمعا ملائكيا، كما أن التستر على ما يحدث ليس في مصلحة المجتمع بأي حال، أنا لا أقول افضحوا الناس أو انشروا أسماء أو صوراً إنما أقول دعوا الواقع يتحدث عن نفسه، أذكروا الحقائق وبينوا الجهود المبذولة في المكافحة والمعاقبة، هذه الأمور لا تُعالج في الظلام، ولو كان الأمر كذلك لتمكنا من القضاء على هذا الواقع المرعب من زمن طويل، لكن الأمر مازال على حاله بل ازداد عنفا وشراسة وتعقيدا.
ص. ب. 30550 جدة21487
E_halawani@hotmail.com
يا ناس نحن لسنا مجتمعا ملائكيا، كما أن التستر على ما يحدث ليس في مصلحة المجتمع بأي حال، أنا لا أقول افضحوا الناس أو انشروا أسماء أو صوراً إنما أقول دعوا الواقع يتحدث عن نفسه، أذكروا الحقائق وبينوا الجهود المبذولة في المكافحة والمعاقبة، هذه الأمور لا تُعالج في الظلام، ولو كان الأمر كذلك لتمكنا من القضاء على هذا الواقع المرعب من زمن طويل، لكن الأمر مازال على حاله بل ازداد عنفا وشراسة وتعقيدا.
ص. ب. 30550 جدة21487
E_halawani@hotmail.com