ألقى الروائي الفرنسي جاك موندولوني الضوء على الرواية الفرنسية البوليسية التي امتاز بها. وقال إن روايات الخيال العلمي، أيضا، تندرج ضمن اهتماماته.
وفرق موندولوني في محاضرة القاها في المركز الثقافي الفرنسي في عمان والتي جاءت ضمن مشاركته في ورشات « أيام الفرانكفونية»، التي نظمتها عدد من الجامعات الأردنية , بين الروايتين : البيضاء والسوداء ، في أن الأولى هي تقليدية , أما الثانية ، السوداء فهي رواية الجريمة التي تزدحم بالجثث ، وتتحرك فيها الشخصيات بمزج خاص يكشف غالبا عن هموم اجتماعية و«فضائح» سياسية تعالج قضايا مثيرة يتم التستر عليها وإخفاء تاريخها الأسود. ووضع موندولوني نفسه في قائمة المنتمين للرواية السوداء المتجددة معترفا أن الرواية الفرنسية مرت بمراحل التقليد والمحاكاة وأطوار الابتكار .
وقال , في هذا النوع من الرواية ليس مهما معرفة من قام بالجريمة ـ بقدر تحرك شخوصها في دهاليز تتعاقب - قد تجيء عفوية - وحبكات تتوالى في إطارها مفارقات تدعو للقلق.ورسم صورة الشرطي في الرواية الفرنسية بأنها تأتي على هيئة المحقق أو «رجل البوليس» الإنسان غير المعصوم ، الذي يتحرك في أوساط متباينة،ويدخل بيوتاً كثيرة , فلا يسلم من الخطأ والفساد وخيانة الزوجة , وقال إن الصورة المرسومة في الأذهان - عادة - للشرطي ما تزال تقليدية، ودلل على نمطية كون المحقق الأميركي جادا لا يلتفت إلا إلى كشف الجريمة وفصائل الدم والخيوط الغامضة. وعبر موندولوني عن «حميمية» العلاقة بين الرواية البوليسية والسينما , وهو تواطؤ القصد منه تغذية خيال الكاتب وتوسيع مداه . وأضاف أن ما لا يحبه في السينما الأمريكية ومسلسلاتها هو الشرطي «علمي التحقيق» الذي يتتبع الأثر، ويبحث عن العلاقات، والاستئناس بالمحيط، متعجبا من كون الأخير إنسانا يحس ويتألم , بل قد تنتابه حالات من اليأس وفتور الهمة، فيتحول «هشا» تلاحقه جرائم الزوجة العاطفية ، وفقر العيال.
وتطرق إلى بدايات الرواية البوليسية الفرنسية الخجولة التي تحتكم شخصياتها في نهاية فصولها إلى معايير الأخلاق والواجب حسب من دون مزيد من الحرية , كما هو اليوم يدفعها لمناقشة قضايا محيطة وأحيانا ملحة.
وانتقد موندوليني روايات «أجاثا كريستي» بأنها تلبي حاجات أعمار معينة أقصاها عشرون سنة، تنتظر متى تنحل «العقدة» للإدراك ومعرفة صدق التوقع أو مفاجآته. وأضاف أنه يتسامح مع هذا اللون، ولكنه لا يميل إليه. وتطرق موندوليني في النصف الثاني من محاضرته للحديث عن روايات الخيال العلمي لديه وقال إن لا تعارض بين النوعين: البوليسي والخيال العلمي فيما يكتب والمسألة لا تعدو كونها مسألة صراع على الوقت.