فاما حقوق العامل فأجملها في:
ـ أن يحدد له أجر عمله مسبقاً، وأن يوفيه إياه فور انتهائه من عمله دون تأجيلٍ أو مماطلة، فقد روى الإمام عبد الرزاق في مصنفه قال: قلت للثوري: أسمعت حماداً يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استأجر أجيراً فليُسَمِّ له إجارته»، قال: نعم، وحدث به مرة أخرى، فلم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، وفي مصنف ابن أبي شيبة باب: من كره أن يستعمل الأجير حتى يبين له أجره؛ ثم ساق بسنده عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: من استأجر أجيراً فليعلمه أجره. وعن عثمان رضي الله عنه قال: من استأجر أجيرا فليبين له أجره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رَجُلٌ أعطى بي ثم غَدَر، ورَجُلٌ باعَ حُرَّاً فأكل ثمنه، ورجلٌ استأجَرَ أجيراً فاستوفى مِنهُ، ولم يُعْطِهِ أجَره»، فهؤلاء خصمهم الله يوم القيامة، فليتق الله أصحاب المؤسسات وأصحاب الشركات الَّذِينَ يستقدمون العمال ثم يؤخرون أجورهم شهراً وشهرين وثلاثة، وكم سمعنا من الضعفاء المساكين الَّذِينَ جاءوا للعمل ومكثوا شهوراً عديدةً وإذا بأصحاب المؤسسات عندما لم يستطيعوا أن يدفعوا أجورهم يسفرونهم إلى بلادهم دون أن يعطوهم حقوقهم ، فالله عز وجل خصمهم يوم القيامة، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
ـ ألا يكلفه من العمل ومن الزمن فوق طاقته، فعن المعرور بن سويد قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حُلَّةٌ وعلى غلامه حُلَّةٌ فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلاً فعَيَّرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، أَعيَّرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانُكُم خولُكُم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكُل، وليُلبِسْه مما يلبس، ولا تُكَلِّفوهم ما يغلِبُهُم، فإن كَلَّفتمُوهم فأعينوهم».
ـ ومن حقوق العامل كذلك: ما رواه الإمام أحمد عن الْمُسْتَوْرِد بْن شَدَّادٍ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من وَلِيَ لنا عَمَلاً وليس له منزلٌ فليتَّخِذْ منزلاً، أو ليست له زوجةٌ فليتزوَّجْ، أو ليس له خادمٌ فليتَّخِذْ خادِماً، أو ليست له دابَّةٌ فليتَّخِذ دابة، ومن أصاب شيئاً سوى ذلك فهو غالٌّ سارقٌ».
وليس هذا فحسب ، بل إن الإسلام أَمَّن العامل في شيخوخته حَيْثُ قرر لَهُ نصيباً يكفيه حاجته وحاجة من يعول من بيت المال إِذَا عجز عن العمل.