تحدثت مرة عن غياب التحقيق الصحفي القائم على تحري وتقصي الحقائق بعيدا عن تصريحات المسؤولين في الصحف العربية، وعزوت ذلك الى أن الصحفي يتعرض للمرمطة والشرشحة إذا تجاهل المعلبات التي تقدمها إدارات العلاقات العامة في الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة، وما حملني على الخوض في هذا الموضوع، هو أن مجموعة من صحفيي جريدة «صنداي تايمز» اللندنية أسسوا شركة وهمية لاستيراد الأدوية، ونشروا إعلانا في الانترنت يُعربون فيه عن رغبة الشركة في استيراد أدوية معينة من الخارج،.. كانت الغاية من ذلك اصطياد الجهات التي تقوم بتصنيع وتصدير الأدوية المغشوشة... وجاءهم عرض يهبل من شركة يديرها صيني اسمه جبرائيل زهانغ: عندنا أدوية لأمراض القلب والدورة الدموية والعجز الجنسي وارتفاع الكولسترول بسعر التكلفة.. وأوفدت الشركة البريطانية الوهمية مندوبا عنها الى الصين لمقابلة زهانغ.. وللأمانة فإن زهانغ رجل دوغري وصريح وواضح.. قاد مندوب الشركة البريطانية(الصحفي المتخفي) أولا الى مكتب فيه عدد كبير من كمبيوترات أبل ماكنتوش حيث يتم طباعة ملصقات الأدوية المغشوشة، وقال له: الغش في الأدوية نفسها سهل ولكن الإتقان الشديد مطلوب في الديباجات والتغليف ولهذا فإننا نولي هذه المسائل اهتماما اكبر.. مصنع الأدوية نفسه في بلدة ريفية نائية اسمها تيانجين.. وهناك تم الاتفاق على الصفقة: بلافيكس لسيولة الدم، وكاسودكس لسرطان البروستات وزيبركسا للفصام.. علبة كاسودكس ذات ال 28 قرصا تباع في بريطانيا بنحو ثلاثمائة دولار.. ولكن وبما ان زهانغ «فاعل خير» فإنه عرضها على الشركة الوهمية بعشرة دولارات.. ثم أدلى بتصريح جعل الصحفي البريطاني يصاب بفتق في الحجاب الحاجز: ما من شخص في بريطانيا يتعاطى الفياغرا لعلاج العجز الجنسي او ليبيتور لخفض الكولسترول إلا ويشتري بعض منتجات مصنعنا.
الصحفي ابلغ السلطات الطبية في بلاده بالأمر، واتضح ان الكثير من الصيدليات تبيع فياغرا زهانغ المغشوشة، ولكن الكارثة كانت في أن كل قرص منها كان يحتوي على 4 أضعاف مادة سيلدنافيل(وهي العنصر الأساسي) التي تحويها الفياغرا الأصلية.. يعني معظم من يتناولونها قد ينتهي بهم الأمر في «العناية الفائقة» أو المقابر... في العام الفائت تم اكتشاف أكثر من 3 ملايين قرص دواء مغشوش في دول الاتحاد الأوربي، مما يعني ان نحو 30 مليون قرص مغشوش لم يتم اكتشاف أمرها، ومن المضحكات المبكيات ان تلك الأقراص كانت مُلونة بحبر الطابعات العادي، وبعضها يحوي الأسمنت لضمان عدم تفتته وتكسره.. البلدان الأوربية وقعت ضحية الغش الدوائي لأنها تمارس الفهلوة في شراء الأدوية بتداولها عبر أكثر من مستورد ومنفذ بحثا عن السعر الأرخص.
في ثمانينات القرن الماضي فضحت صحف دولة الأمارات أمر شحنة من اللحوم مكتوب عليها بكل صراحة «لحم خنزير.. مذبوح حلالا».. وكانت هناك شحنة أخرى من الدجاج المجمد تحمل ديباجة «مذبوح حلالا»... في حين انها لم تكن مذبوحة أصلا فقد كانت كل دجاجة تحتفظ برقبتها ورأسها سالمين مما يعني أن تلك الدجاجات ماتت منتحرة، او صعقا بالكهرباء.
الصحفي ابلغ السلطات الطبية في بلاده بالأمر، واتضح ان الكثير من الصيدليات تبيع فياغرا زهانغ المغشوشة، ولكن الكارثة كانت في أن كل قرص منها كان يحتوي على 4 أضعاف مادة سيلدنافيل(وهي العنصر الأساسي) التي تحويها الفياغرا الأصلية.. يعني معظم من يتناولونها قد ينتهي بهم الأمر في «العناية الفائقة» أو المقابر... في العام الفائت تم اكتشاف أكثر من 3 ملايين قرص دواء مغشوش في دول الاتحاد الأوربي، مما يعني ان نحو 30 مليون قرص مغشوش لم يتم اكتشاف أمرها، ومن المضحكات المبكيات ان تلك الأقراص كانت مُلونة بحبر الطابعات العادي، وبعضها يحوي الأسمنت لضمان عدم تفتته وتكسره.. البلدان الأوربية وقعت ضحية الغش الدوائي لأنها تمارس الفهلوة في شراء الأدوية بتداولها عبر أكثر من مستورد ومنفذ بحثا عن السعر الأرخص.
في ثمانينات القرن الماضي فضحت صحف دولة الأمارات أمر شحنة من اللحوم مكتوب عليها بكل صراحة «لحم خنزير.. مذبوح حلالا».. وكانت هناك شحنة أخرى من الدجاج المجمد تحمل ديباجة «مذبوح حلالا»... في حين انها لم تكن مذبوحة أصلا فقد كانت كل دجاجة تحتفظ برقبتها ورأسها سالمين مما يعني أن تلك الدجاجات ماتت منتحرة، او صعقا بالكهرباء.