هل يجوز أو يصح أن يقوم أحد من الناس بشراء عدة عقارات متجاورة وبجوارها مسجد، ثم يضم تلك العقارات بعضها إلى بعض، إضافة إلى ضم المسجد نفسه، وبعد ذلك يبني عمارة ويجعل فيها مصلى ويدعي أنه قد عوض الناس عن المسجد الذي أدخله بغير حق في مساحة عقاره، بذلك المصلى؟
الجواب على مثل هذا السؤال هو:إن ما فعله ذلك الانسان لا يصح شرعا ولا نظاما وأنه يعتبر معتديا على وقف المسجد حارما الناس من بيت من بيوت الله كان مشاعا لهم وذا حدود معلومة وكينونة واضحة ولا يمكن عقلا أو نقلا إدعاء ان ذلك المصلى يقوم مقام المسجد!
فإذا كان مثل هذا التصرف غير جائز شرعاً بالنسبة للمشاريع الصغيرة الخاصة بفرد واحد، فإن عدم جوازها بالنسبة للمشاريع الاستثمارية الكبيرة التي تضم في مساحتها عشرات أو مئات العقارات وقد يكون بينها عدة مساجد وجوامع وهي من بيوت الله، سيكون أوضح وأشد وأكبر ولا عبرة لمن يقوم بذلك العمل المخالف للشرع والنظام ثم يقول إنه أقام في موقع المشروع مصلى لأن أمانة العاصمة المقدسة تشترط على من يقوم ببناء برج سكني كبير اقامة مصلى فيه ولم يكن شرط الأمانة مبنيا على كون صاحب العقار أو المشروع قد ضم الى مساحة عقاره المنشأ مساحة مسجد، بل لأن اقامة المصلى فيه خدمة لسُكان المشروع وميزة للمشروع نفسه!
وما دعاني إلى ذكر ما جاء في السطور السابقة هو ان العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى يجري تنفيذها أو التخطيط لتنفيذها وهي مشاريع تضم عشرات العقارات والمواقع ومن بينها مواقع لبيوت الله بناها محسنون ذات عام لتعمر بالمصلين وهم الآن بين يدي الله ومن الواجب المحافظة عليها واذا اقتضى التخطيط والتنظيم ان تدخل مساحاتها ضمن أي مشروع استثماري فإن الحق والشرع يوجبان ان تُثمن بأفضل الأثمان وتحت رعاية المحكمة العامة وباطلاع وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف وبما فيه غبطة ومصلحة لوقف المسجد، ثم يقام بالثمن مسجد أو جامع بديل ليظل ذلك البيت من بيوت الله شامخا رافعا للأذان حتى تقوم الساعة، واذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنني أعرف أنه كان يوجد في مكة المكرمة مسجد أثري يحمل اسم الصحابي الجليل "أبو بكر الصديق رضي الله عنه” هذا المسجد أزيل قبل سنوات، ولكنني شخصياً لا أعلم ان كانت وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف قد استلمت تقديره وأقامت بدلا عنه مسجداً آخر تحت المسمى نفسه الذي اختاره "واقفه” أم أنها لا زالت تحتفظ بثمنه لديها لعدم توصلها الى موقع آخر ملائم لاقامة بناء للمسجد المذكور عليه، وأنا اثق في مدى حرص الوزارة على جميع الأوقاف وفي مقدمتها بيوت الله وأنها لا يمكن ان تقبل التفريط فيها بأية طريقة كانت، وأنها سوف تحرص على جميع المساجد التي تزال لصالح أي مشروع استثماري عن طريق بناء مساجد بديلة لما أزيل وهذه أمانة في عنقها هي جديرة بتحملها والله ولي التوفيق.