جاء تقرير وزارة الزراعة يوم الأحد الماضي مؤكدا على أن حالات نفوق الإبل التي بدأت في الظهور منذ حوالى شهر ووصلت قرابة 2500 حالة كان سببها نخالة ملوثة بالسموم الكيميائية أو السموم الناتجة من بعض أنواع الفطر (العفن). النخالة، أي القشرة الخارجية للقمح أو الحبوب الأخرى، منتج غذائي هام يدخل في صناعة الاعلاف الحيوانية وفي غذاء الإنسان، ولذا فإن سلامته تهم الجميع. من المفترض طبعا أن تكون النخالة عند إنتاجها في صوامع الغلال سليمة تماما، وهو ما حاول وزير الزراعة تأكيده منذ البداية. إذاً التهمة تنصبّ على كميات محددة من النخالة تعرّضت للتسمم في مكان ما أثناء خزنها أو استعمالها.
التقرير جاء مُطمئنا بنفيه وجود أي مرض وبائي أو فيروس قد ينتشر، لا قدر الله، بصورة أكبر بين الإبل أو غيرها من الماشية بالعدوى. ولكنه، في ذات الوقت، لم يتطرق إلى عدة جوانب مهمة مثل تحديد مصدر التلوث ومكانه ومقدار العينات الملوثة بدقة أكبر. وبدلا من تحديد نوع واحد من السموم أشار التقرير إلى ثلاثة أنواع مختلفة أولها مركب السالينومايسين وهو دواء يُستعمل لوقاية أو علاج الدواجن من بعض أنواع الطفيليات، ولكنه، على ما يبدو، شديد السمية للإبل (هل تركزت الإصابات في المزارع التي تجمع بين تربية الإبل وتربية الدواجن؟). الثاني أحد السموم الناتجة عن فطر «أسبرجيلاس كلافيتاس». التلوث بهذا السم هو نتيجة سوء تخزين النخالة وتعرضها للعفن (هل تغيرت ظروف تخزين النخالة عند بعض المستوردين أو الموزعين ؟). الثالث التسمم بأحد مبيدات الحشرات أو الآفات الذي لم يتم تحديده ولكن تم الاستدلال عليه بواسطة عنصر الألومينيوم الذي يدخل في تركيبه (هل تم التعرف على مكان الاستعمال الخاطئ للمبيد والملابسات التي أدت إلى الخطأ في استعماله؟). هذه الأسئلة تقودنا إلى سؤالين بديهيين آخرين لم تتم الإشارة إليهما في التقرير وهما : هل تم سحب كميات النخالة المشبوهة من الأسواق؟ وهل توقفت حالات النفوق في الأماكن التي تم سحبها منها؟
التحري الوبائي هو البداية الصحيحة للامساك بأطراف الخيوط التي تقود إلى حل القضية، وقد أشار هذا التحري إلى تلوث النخالة كسبب للمشكلة، وتم تأكيد ذلك بالتجارب التي أجريت بإطعام النخالة الملوثة للإبل وحيوانات التجارب الصغيرة، كما أشار التقرير. هذا التقدم الموفق يتطلب إكمال الصورة بتحديد المادة السامة التي كانت السبب الرئيسي في النفوق بواسطة التحاليل الكيميائية المتطورة، فمن غير المتوقع أن تتسبب ثلاثة أنواع مختلفة من السموم في ذات الوقت في حدوث حالات نفوق جماعي متقاربة زمانيا ومكانيا بالصورة التي حدثت فعلا. إضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن ينتج مثل هذا التسمم بسبب خطأ بشري في طريقة استعمال مبيد معين أو مادة سامة أخرى ينتج عنهما تلوث كميات محددة من النخالة في بعض المزارع التي وصلت إليها هذه الكميات بينما بقية المزارع سالمة. ومن ناحية ثالثة يبقى احتمال سوء التخزين الذي ينتج عنه نمو العفن السام واردا ولكن بصورة أقل شيوعاً من سوء استخدام السموم الكيميائية، ويتطلب إثبات هذا الاحتمال دراسة مستفيضة.
الإبل هي رمز صحرائنا ومن أهم الثروات الحيوانية في بلادنا، وقد تسبب نفوقها في خسائر فادحة لعدد من أصحابها، خاصة باعتبار الأسعار العالية التي تصل إليها قيمة بعض أنواع الإبل ذات المواصفات الممتازة من السرعة والجمال. وقد قدرت بعض المصادر العدد الإجمالي للإبل في المملكة بمليون رأس بينما قدرت وزارة الزراعة عدد الإبل الموجودة في الحيازات بـ 284 ألف رأس وبذلك يكون الباقي في البادية. ومن المهم ليس فقط حماية هذه الثروة من المخاطر والمحافظة على سلامتها، بل النظر أيضا إلى احتمالات تأثير التسمم في الإبل على البشر.
المأمول الآن هو استمرار التحريات الوبائية والتحاليل المتطورة والتجارب المخبرية من كافة الجهات المؤهلة في الداخل والخارج حتى تتضح كامل ملابسات حادثة نفوق الإبل وأن يؤدي الفهم المتعمق للمشكلة إلى إصدار تنظيم يمنع تكرار مثل هذه الحادثة الفادحة مستقبلا في كل ما يتعلق بتسمم الأعلاف الحيوانية. وينبغي ألا ننسى بعض الحوادث الأخرى التي كان مصدرها في البداية تلوث الأعلاف مثل مشكلة جنون البقر التي هزت اقتصاد بريطانيا وأقلقت كافة دول العالم ولا تزال، وإن كان تفاقم تلك المشكلة سببه قدرة العامل الممرض على الانتقال بين الأبقار أو إلى الناس بالعدوى.
ملابسات حادثة التسمم التي أدت إلى نفوق أكثر من ألفي رأس من الإبل تستطيع، لا قدر الله، أن تسبب كوارث أخرى كبيرة بين الحيوانات أو البشر.
التقرير جاء مُطمئنا بنفيه وجود أي مرض وبائي أو فيروس قد ينتشر، لا قدر الله، بصورة أكبر بين الإبل أو غيرها من الماشية بالعدوى. ولكنه، في ذات الوقت، لم يتطرق إلى عدة جوانب مهمة مثل تحديد مصدر التلوث ومكانه ومقدار العينات الملوثة بدقة أكبر. وبدلا من تحديد نوع واحد من السموم أشار التقرير إلى ثلاثة أنواع مختلفة أولها مركب السالينومايسين وهو دواء يُستعمل لوقاية أو علاج الدواجن من بعض أنواع الطفيليات، ولكنه، على ما يبدو، شديد السمية للإبل (هل تركزت الإصابات في المزارع التي تجمع بين تربية الإبل وتربية الدواجن؟). الثاني أحد السموم الناتجة عن فطر «أسبرجيلاس كلافيتاس». التلوث بهذا السم هو نتيجة سوء تخزين النخالة وتعرضها للعفن (هل تغيرت ظروف تخزين النخالة عند بعض المستوردين أو الموزعين ؟). الثالث التسمم بأحد مبيدات الحشرات أو الآفات الذي لم يتم تحديده ولكن تم الاستدلال عليه بواسطة عنصر الألومينيوم الذي يدخل في تركيبه (هل تم التعرف على مكان الاستعمال الخاطئ للمبيد والملابسات التي أدت إلى الخطأ في استعماله؟). هذه الأسئلة تقودنا إلى سؤالين بديهيين آخرين لم تتم الإشارة إليهما في التقرير وهما : هل تم سحب كميات النخالة المشبوهة من الأسواق؟ وهل توقفت حالات النفوق في الأماكن التي تم سحبها منها؟
التحري الوبائي هو البداية الصحيحة للامساك بأطراف الخيوط التي تقود إلى حل القضية، وقد أشار هذا التحري إلى تلوث النخالة كسبب للمشكلة، وتم تأكيد ذلك بالتجارب التي أجريت بإطعام النخالة الملوثة للإبل وحيوانات التجارب الصغيرة، كما أشار التقرير. هذا التقدم الموفق يتطلب إكمال الصورة بتحديد المادة السامة التي كانت السبب الرئيسي في النفوق بواسطة التحاليل الكيميائية المتطورة، فمن غير المتوقع أن تتسبب ثلاثة أنواع مختلفة من السموم في ذات الوقت في حدوث حالات نفوق جماعي متقاربة زمانيا ومكانيا بالصورة التي حدثت فعلا. إضافة إلى ذلك، فمن المرجح أن ينتج مثل هذا التسمم بسبب خطأ بشري في طريقة استعمال مبيد معين أو مادة سامة أخرى ينتج عنهما تلوث كميات محددة من النخالة في بعض المزارع التي وصلت إليها هذه الكميات بينما بقية المزارع سالمة. ومن ناحية ثالثة يبقى احتمال سوء التخزين الذي ينتج عنه نمو العفن السام واردا ولكن بصورة أقل شيوعاً من سوء استخدام السموم الكيميائية، ويتطلب إثبات هذا الاحتمال دراسة مستفيضة.
الإبل هي رمز صحرائنا ومن أهم الثروات الحيوانية في بلادنا، وقد تسبب نفوقها في خسائر فادحة لعدد من أصحابها، خاصة باعتبار الأسعار العالية التي تصل إليها قيمة بعض أنواع الإبل ذات المواصفات الممتازة من السرعة والجمال. وقد قدرت بعض المصادر العدد الإجمالي للإبل في المملكة بمليون رأس بينما قدرت وزارة الزراعة عدد الإبل الموجودة في الحيازات بـ 284 ألف رأس وبذلك يكون الباقي في البادية. ومن المهم ليس فقط حماية هذه الثروة من المخاطر والمحافظة على سلامتها، بل النظر أيضا إلى احتمالات تأثير التسمم في الإبل على البشر.
المأمول الآن هو استمرار التحريات الوبائية والتحاليل المتطورة والتجارب المخبرية من كافة الجهات المؤهلة في الداخل والخارج حتى تتضح كامل ملابسات حادثة نفوق الإبل وأن يؤدي الفهم المتعمق للمشكلة إلى إصدار تنظيم يمنع تكرار مثل هذه الحادثة الفادحة مستقبلا في كل ما يتعلق بتسمم الأعلاف الحيوانية. وينبغي ألا ننسى بعض الحوادث الأخرى التي كان مصدرها في البداية تلوث الأعلاف مثل مشكلة جنون البقر التي هزت اقتصاد بريطانيا وأقلقت كافة دول العالم ولا تزال، وإن كان تفاقم تلك المشكلة سببه قدرة العامل الممرض على الانتقال بين الأبقار أو إلى الناس بالعدوى.
ملابسات حادثة التسمم التي أدت إلى نفوق أكثر من ألفي رأس من الإبل تستطيع، لا قدر الله، أن تسبب كوارث أخرى كبيرة بين الحيوانات أو البشر.