أثار استغرابي خبر نشرته صحيفة الرياض (الأربعاء 2 شعبان) مفاده أن الهيئة العامة للغذاء ذكرت في خطاب (سري) وجود تلوث في أنواع من الفستق بمادة فطرية سامة هي (الافلاتوكسين) التي تعد من المسرطنات الخطيرة على الكبد، وذلك حسب ما ظهر في العينات العشوائية التي جمعتها الهيئة من بين ما هو معروض في الأسواق من المكسرات، لكن الهيئة عمدت إلى التكتم على الأنواع الملوثة فلم تفصح عن أسمائها أو بلد المنشأ.
وما أثار استغرابي في هذا الخبر، ليس وجود مواد غذائية ملوثة معروضة للتسويق على الناس، فهذا أمر وارد وقد يحدث مثله في أي مكان في العالم، لكن الاستغراب هو (للسرية) و(التكتم) على الأمر!
أليس من حق الناس أن يعرفوا مكامن الخطر كي يحترسوا منها؟ وفي أي عرف يكون الحرص على عدم الإضرار بمصالح التجار الاقتصادية مقدماً على الحرص على عدم الإضرار بصحة الناس؟ إن الصحة لا يمكن أن تعادل بمال، فضلاً عن أن إبقاء تلك المواد في السوق والاستمرار في تصريفها على الناس رغم ما فيها من خطورة على صحتهم، هو في النهاية سيعود بالضرر على الاقتصاد القومي ككل، لما سيسببه من خسارة مالية في الإنفاق على معالجة الناس بعد أن يكون المرض قد تمكن منهم وأنشب مخالبه في أجسادهم.
لو كنا في مجتمع آخر لربما فضل أولئك التجار إتلاف ما لديهم من منتجات ملوثة رغم الخسارة، على أن يتأذى الناس ويصابوا بالمرض بسببها، لأنهم يعرفون أن العاقبة لن تكون في صالحهم فهم سيلزمون بدفع تعويضات للمتضررين قد تستنزف جل ثروتهم متى ثبتت إصابة الناس بتلف الكبد أو غيره من الأمراض بسبب تسويقهم عليهم مواد غذائية ضارة، ولكن هنا، هم مطمئنون إلى أن الأمر لن يتجاوز دفع غرامة محددة أو إغلاق المحل ليوم أو بعض يوم. إني لا أذكر أن متجراً أو مطعماً تسبب في تسمم الناس، على كثرة ما نسمعه عن وقوع تلك الحوادث، أنه أرغم على دفع تعويضات للمصابين من جراء تناول أطعمته!
إن الهيئة العامة للغذاء والدواء، يتوقع أن يكون لها دور أكبر وأثر أقوى من مجرد كتابة الخطابات (السرية)، يتوقع أن يكون لديها صلاحية سحب ما تراه ضاراً بالناس أو غير مطابق للمواصفات الصحية العامة من المواد الغذائية أو الأدوية. أما إن لم يكن لها ذلك، فعلى أضعف الإيمان، تكون في صف الناس الذين وثقوا بها وعهدوا إليها بمراقبة أغذيتهم وأدويتهم، فتدلهم على ما هو موجود في السوق من منتجات ملوثة وتحدد لهم مواصفاتها كي يتجنبوها، وإلا فإنها تصير شريكاً في الذنب وتعد متواطئة مع التجار على غش الناس وعدم المبالاة بأرواحهم.
بقي سؤال في نفسي يحيرني، إن كان صحيحاً ما ذكرته صحيفة «الرياض» عن (سرية) خطاب الهيئة، كيف تمكنت الصحيفة من معرفة ما جاء فيه؟
فاكس 4555382
وما أثار استغرابي في هذا الخبر، ليس وجود مواد غذائية ملوثة معروضة للتسويق على الناس، فهذا أمر وارد وقد يحدث مثله في أي مكان في العالم، لكن الاستغراب هو (للسرية) و(التكتم) على الأمر!
أليس من حق الناس أن يعرفوا مكامن الخطر كي يحترسوا منها؟ وفي أي عرف يكون الحرص على عدم الإضرار بمصالح التجار الاقتصادية مقدماً على الحرص على عدم الإضرار بصحة الناس؟ إن الصحة لا يمكن أن تعادل بمال، فضلاً عن أن إبقاء تلك المواد في السوق والاستمرار في تصريفها على الناس رغم ما فيها من خطورة على صحتهم، هو في النهاية سيعود بالضرر على الاقتصاد القومي ككل، لما سيسببه من خسارة مالية في الإنفاق على معالجة الناس بعد أن يكون المرض قد تمكن منهم وأنشب مخالبه في أجسادهم.
لو كنا في مجتمع آخر لربما فضل أولئك التجار إتلاف ما لديهم من منتجات ملوثة رغم الخسارة، على أن يتأذى الناس ويصابوا بالمرض بسببها، لأنهم يعرفون أن العاقبة لن تكون في صالحهم فهم سيلزمون بدفع تعويضات للمتضررين قد تستنزف جل ثروتهم متى ثبتت إصابة الناس بتلف الكبد أو غيره من الأمراض بسبب تسويقهم عليهم مواد غذائية ضارة، ولكن هنا، هم مطمئنون إلى أن الأمر لن يتجاوز دفع غرامة محددة أو إغلاق المحل ليوم أو بعض يوم. إني لا أذكر أن متجراً أو مطعماً تسبب في تسمم الناس، على كثرة ما نسمعه عن وقوع تلك الحوادث، أنه أرغم على دفع تعويضات للمصابين من جراء تناول أطعمته!
إن الهيئة العامة للغذاء والدواء، يتوقع أن يكون لها دور أكبر وأثر أقوى من مجرد كتابة الخطابات (السرية)، يتوقع أن يكون لديها صلاحية سحب ما تراه ضاراً بالناس أو غير مطابق للمواصفات الصحية العامة من المواد الغذائية أو الأدوية. أما إن لم يكن لها ذلك، فعلى أضعف الإيمان، تكون في صف الناس الذين وثقوا بها وعهدوا إليها بمراقبة أغذيتهم وأدويتهم، فتدلهم على ما هو موجود في السوق من منتجات ملوثة وتحدد لهم مواصفاتها كي يتجنبوها، وإلا فإنها تصير شريكاً في الذنب وتعد متواطئة مع التجار على غش الناس وعدم المبالاة بأرواحهم.
بقي سؤال في نفسي يحيرني، إن كان صحيحاً ما ذكرته صحيفة «الرياض» عن (سرية) خطاب الهيئة، كيف تمكنت الصحيفة من معرفة ما جاء فيه؟
فاكس 4555382