استعد خلال كتابتي لهذه الكلمات لأكلة فول مدمس بكامل الإضافات الرائعة ومن أهمها الفلفل الأحمر الحار... ولو تأملت في علاقة البشر بأنواع وأشكال الشطة المختلفة فستجد أنها تحتوي على العديد من الطرائف... والفلفل بالذات له خصائص عجيبة فهو غني جدا بالفيتامينين (أ) و(ج) وجلده يحتوي على بعض المعادن الضرورية للصحة مثل الحديد والماغنيزيوم والبوتاسيوم، بل وله فوائد علاجية عديدة ولذا فبعض أنواع المراهم التي نستعملها لعلاج آلام المفاصل تعتمد على بعض مكونات الشطة، ولذا فتشعر بحرارتها فور وضعها على جلدك... وتاريخ الفلفل يعكس تاريخ البشرية في العديد من أبعاده وخصوصا فيما يتعلق بالأنشطة الاستعمارية بدءا من القرن الثالث عشر...
وهناك مدن بأكملها قامت على تجارة الفلفل بأنواعه وأشكاله المختلفة مثل «بيزا» و«فنيقيا» في إيطاليا، وتخيل أن أكبر مدينة أمريكية وهي نيويورك لها تاريخ ذو علاقة قوية بالفلفل... كان اسمها «نيو أمستردام» لأنها كانت مستعمرة هولندية إلى عام 1664 عندما دخلت انجلترا وهولندا في نزاع عسكري بسبب إحدى الجزر الأندونيسية الغنية بزراعة الفلفل... ولفض هذا النزاع تنازلت انجلترا عن استعمار الجزيرة ووهبتها لهولندا، وفى المقابل تنازلت هولندا عن مدينة «نيو أمستردام» أي أمستردام الجديدة في الساحل الشرقي لأمريكا، فسميت باسمها الجديد وهو «نيو يورك» على اسم يورك في انجلترا... كل هذا بسبب هذه الفاكهة الحارة...
وبمناسبة الحديث عن الحرارة فقد تعددت المحاولات عبر التاريخ لقياس مقدار «حرارة» أنواع الفلفل المختلفة... هناك مقياس يسمى «سكوفيل» وقد وضع خصيصا لذلك... القياس من ابتكار العالم الأمريكي «ولبر سكوفيل» ويعتمد على استشعار كمية «الكابسايسين»... على وزن الحساسين... فكلما كانت نسبة هذه المادة أعلى في البهار، كان الشعور بالحرارة أعلى على ألسنتنا وفى أي مكان يحتوي على أعصابنا... والفلفل الأحمر البارد هو بداية المقياس فلا حرارة فيه ودرجة السكوفيل فيه هي واحد... وأما أنواع الشطة المتوافرة في أسواقنا مثل «التابسكو» أو «كريستال» أو «أبو شوكة» فتتراوح درجات وحدات «سكوفيل» فيها من 2500 إلى 5000 درجة... ومعنى هذه الأرقام أنك لو خففت الشطة 2500 إلى 5000 مرة باستخدام الماء والسكر فستكون مثل الفلفل الأحمر البارد... طبعا توجد ثغرات علمية في هذا المقياس، ولكنه أثبت جدارته وهو المقياس المعترف به دوليا لمعرفة درجة حرارة الفلفل... وتتربع على عرش حرارة الشطة في العالم اليوم فلفلة اشتهرت باسم «الشبح» وتزرع في إقليم آسام في غرب الهند، ودرجتها على مقياس «سكوفيل» تبلغ مليون وخمسين ألف وحدة... يعنى أكثر من مائتين مثل الشطة العادية، وقد بادرت الجهات الهندية المعنية بتطوير برامج لتنمية هذا «الزعيم» الجديد للحرارة الغذائية.
* أمنيــــة :
رائع جداً أن يتم قياس شعور بداخل أفواهنا إلى مقياس علمي معترف به عالميا... ويطرح التساؤل لماذا لا يتم ابتكار مقاييس لجميع الأحاسيس؟ ولا تقتصر هذه على الحواس الخمس فحسب... الضغوط النفسية مثلا ممكن أن تؤلم أكثر من حرارة الشطة بل وحتى من نار الجمرة... وعلى سبيل المثال فكّر في مقدار التنغيص والغلاسة التي ستتعرض لهما اليوم... وتخيل أن يكون لدينا مقياس لهما لمعرفة ومقارنة التعرض لهما... أتمنى أن ننجح في قياس وحدات للغلاسة، والتنغيص، بل وسوء التصرف، والفساد أيضا... وأن نقيس هذه السلبيات كوسيلة لتأطيرها ومكافحتها في وطننا.
والله من وراء القصد.
وهناك مدن بأكملها قامت على تجارة الفلفل بأنواعه وأشكاله المختلفة مثل «بيزا» و«فنيقيا» في إيطاليا، وتخيل أن أكبر مدينة أمريكية وهي نيويورك لها تاريخ ذو علاقة قوية بالفلفل... كان اسمها «نيو أمستردام» لأنها كانت مستعمرة هولندية إلى عام 1664 عندما دخلت انجلترا وهولندا في نزاع عسكري بسبب إحدى الجزر الأندونيسية الغنية بزراعة الفلفل... ولفض هذا النزاع تنازلت انجلترا عن استعمار الجزيرة ووهبتها لهولندا، وفى المقابل تنازلت هولندا عن مدينة «نيو أمستردام» أي أمستردام الجديدة في الساحل الشرقي لأمريكا، فسميت باسمها الجديد وهو «نيو يورك» على اسم يورك في انجلترا... كل هذا بسبب هذه الفاكهة الحارة...
وبمناسبة الحديث عن الحرارة فقد تعددت المحاولات عبر التاريخ لقياس مقدار «حرارة» أنواع الفلفل المختلفة... هناك مقياس يسمى «سكوفيل» وقد وضع خصيصا لذلك... القياس من ابتكار العالم الأمريكي «ولبر سكوفيل» ويعتمد على استشعار كمية «الكابسايسين»... على وزن الحساسين... فكلما كانت نسبة هذه المادة أعلى في البهار، كان الشعور بالحرارة أعلى على ألسنتنا وفى أي مكان يحتوي على أعصابنا... والفلفل الأحمر البارد هو بداية المقياس فلا حرارة فيه ودرجة السكوفيل فيه هي واحد... وأما أنواع الشطة المتوافرة في أسواقنا مثل «التابسكو» أو «كريستال» أو «أبو شوكة» فتتراوح درجات وحدات «سكوفيل» فيها من 2500 إلى 5000 درجة... ومعنى هذه الأرقام أنك لو خففت الشطة 2500 إلى 5000 مرة باستخدام الماء والسكر فستكون مثل الفلفل الأحمر البارد... طبعا توجد ثغرات علمية في هذا المقياس، ولكنه أثبت جدارته وهو المقياس المعترف به دوليا لمعرفة درجة حرارة الفلفل... وتتربع على عرش حرارة الشطة في العالم اليوم فلفلة اشتهرت باسم «الشبح» وتزرع في إقليم آسام في غرب الهند، ودرجتها على مقياس «سكوفيل» تبلغ مليون وخمسين ألف وحدة... يعنى أكثر من مائتين مثل الشطة العادية، وقد بادرت الجهات الهندية المعنية بتطوير برامج لتنمية هذا «الزعيم» الجديد للحرارة الغذائية.
* أمنيــــة :
رائع جداً أن يتم قياس شعور بداخل أفواهنا إلى مقياس علمي معترف به عالميا... ويطرح التساؤل لماذا لا يتم ابتكار مقاييس لجميع الأحاسيس؟ ولا تقتصر هذه على الحواس الخمس فحسب... الضغوط النفسية مثلا ممكن أن تؤلم أكثر من حرارة الشطة بل وحتى من نار الجمرة... وعلى سبيل المثال فكّر في مقدار التنغيص والغلاسة التي ستتعرض لهما اليوم... وتخيل أن يكون لدينا مقياس لهما لمعرفة ومقارنة التعرض لهما... أتمنى أن ننجح في قياس وحدات للغلاسة، والتنغيص، بل وسوء التصرف، والفساد أيضا... وأن نقيس هذه السلبيات كوسيلة لتأطيرها ومكافحتها في وطننا.
والله من وراء القصد.