أكره القطط بدرجة تفوق كرهي لأي شيء آخر، لا أطيق القطط ولا أسمح لها بالاقتراب مني.. على وجه الدقة لا اقترب أنا منها.. ولكن هل يعني ذلك أنني أهجم عليها، أو أضربها إذا اعترضت طريقي؟ لا وكلا.. لسبب بسيط، وهو أن كراهيتي للقطط مقرونة بالخوف منها.. أخاف منها أكثر ليلا، تخيفني عيونها التي تتوهج في الظلام.. وعلى كل حال فالقط حيوان متغطرس يحب التدليل والدلع، و«يرفع التكليف» مع الناس لاعتقاده ان الله خلق البشر لرعاية القطط.. والقط إما يأكل وإما ينام.. حتى مشيته تنم عن عنطزة.. فكل القطط تقريبا تمشي كما تمشي عارضات الأزياء بتحريك الأقدام بطريقة المقص.. ويختار القط لنفسه أكثر الأماكن برودة في البيت، وما ان يشم رائحة الطعام حتى يبدأ في المياو مياو السخيفة بطريقة «تقطع القلب».. الكلب مثلا يمكن تدريبه على الأكل من طبق معين فقط، ولكن القطط تحسب ان كل الأطباق أعدت من أجلها، ولهذا تجدها تقفز الى مائدة الطعام إذا تأخر أصحابها في تزويدها بحصتها من الطعام.. وربما يعود خوفي للقطط لما تعلمته في دروس التاريخ عن جباة الضرائب (وكانوا يسمون الباشبزق) خلال خضوع السودان للحكم التركي، فقد كانت طريقتهم في معاقبة من يتأخر في سداد الضرائب تتم بحشر قط داخل سرواله، مع ربط السروال بإحكام عند الفخذين وحول الخاصرة ثم ضرب القط حتى يصاب بالهياج، و..... الدوام لله... وربما كان مرد كرهي لها أن أبي أتى يوما بقط ضال صغير وأمعن في تدليله حتى صار لا يكلف نفسه حتى عناء التحرك لأكل الطعام، بل كان والدي يلزمنا بالزحف تحت السرير لتقديم الطعام له.. وترهل القط حتى صار يحتاج الى رجيم، ولكن المرة الوحيدة التي رأيته يجري فيها كان عندما شاهد فأرا.. جرى في الاتجاه المعاكس واختبأ تحت جلباب أبي.
وأريد اليوم توسيع دائرة كارهي القطط، بعرض نتائج دراسة شاركت فيها كل دول الاتحاد الأوروبي، مفادها ان القطط تسبب الحساسية حتى لمن لا يعرفون ولا يدركون أنهم يعانون من تلك الحساسية.. ومن الثابت ان 50% من الأطفال الذين يعانون من الربو وحساسية الأنف المعروفة بحمى القش (هاي فيفر) تزداد أحوالهم سوءا بالاقتراب من القطط.. فجسم القط يفرز بروتينا، ما ان يتسرب الى الجسم عبر الجلد او الأنف حتى يصاب الجسم بالتحسس ويفرز مضادات الهستامين التي تتسبب بدورها في هيجان وضيق الشعب الهوائية، وتسبب، من ثم عسر التنفس.. والجديد في هذه الدراسة هو أن معظمنا ليس في مأمن من حساسية القطط.. يعني كون التعامل مع القطط لا يسبب لك حساسية حاليا لا يعني أنك لن تصاب بها.. والمصيبة هي أنك قد تنتقل الى بيت كان سكانه السابقون يربون القطط وتقوم بتنظيفه جيدا ومع هذا تبقى مواد التحسس التي تركها القوم وقططهم عالقة في البيت.