لم نكن نتوقع ان تكون الطريق البرية من شرورة الى الخرخير صعبة وشاقة وموحشة الى هذا الحد.. على الرغم من كل ما سمعناه عنها.. حتى ان المهندس سعد بن فايز الشهري أمين منطقة نجران عندما علم بنيتنا في التوجه الى هناك عبر هذا الطريق لم يملك الا الدعاء لنا «اعانكم الله، الوضع صعب للغاية، والاستعداد الكامل للمغامرة ضروري، ولابد من وجود دليل معكم يعرف تلك المناطق جيداً، والا فلن تتخيلوا ما يمكن ان تواجهوه هناك». ومع ذلك عقدنا العزم على المغامرة وتوكلنا على الله.. وبدأنا الرحلة. انطلقنا من محافظة شرورة بعد صلاة العصر، متوجهين الى الخرخير بعد ان تزودنا بمؤونة الطريق من ماء وعصائر وبسكويتات، واشياء خفيفة اخرى تكفي لليلة واحدة، وهو الزمن المتوقع لقطع الطريق وصولاً الى محافظة الخرخير من نقطة الانطلاق.لا احد منا يعرف الطريق غير السائق صادق المنهالي الذي حضر من الخرخير الى شرورة قبل يومين لاصطحابنا الى هناك، وكلما سألناه، كيف هو الطريق؟ قال «انتظروا حتى الردمية وما يكون الا خير ان شاء الله».
وكان لابد لنا من السفر على سيارة جيب دفع رباعي لاجتياز الطريق، فالسيارات الاخرى لا يمكن لها ان تسير عليه، وفهمنا سلفا انه بسبب الرمال التي يستلزم عبورها سيارة دفع رباعي في حال «غرّزت» عجلاتها في الرمال او تهنا في الصحراء لا سمح الله.
كانت درجة الحرارة تقترب من الـ 50 درجة مئوية مع اننا بدأنا السير بعد الرابعة عصراً.
كان الطريق مسفلتاً يتسع لسيارتين تسيران باتجاهين متعاكسين لا يفصل بينهما رصيف او حاجز اسمنتي، ولا توجد على الاسفلت اية علامات ارشادية من اي نوع، اي مجرد اسفلت اسود فقط مما يجعل السفر على الطريق خطراً لعدم وجود هذه العلامات ويتضاعف الخطر في الليل حيث تساعد هذه العلامات المرورية البيضاء او «عيون القطط» على ايضاح معالم الطريق، وفي حال عدم وجودها كما هو الحال على هذه الطريق تصبح رؤية المنحنيات القادمة صعبة جداً، وتقل مدى الرؤية للأمام، مما قد يعرض السائق على الطريق الى خطر الانقلاب.ومما ضاعف من خطورة الطريق ايضاً عدم وجود اي لوحات مرورية ارشادية على جانبي الطريق الاسفلتي الضيق مجهول المعالم. هذا اضافة الى زحف الرمال على جانبي الطريق داخل حدود الاسفلت مما يجعل السيارات عرضة للانقلاب والحوادث.
الامل الوحيد
المسافة من شرورة الى الخرخير 500 كيلو متر بدأت اعمال سفلتة هذا الطريق قبل ما يزيد على خمس سنوات انجز منها 220 كيلو مترا، مما سهل الامر كثيرا على ابناء الصحراء الذين لطالما شكل هذا الطريق هاجسا لهم بعد انتهاء ترسيم الحدود اليمنية السعودية، وذهاب المطار الذي كان يسهل لهم الوصول الى الخرخير عن طريق طائرة السلاح «c130» ولم يعد امامهم الان سوى هذا الطريق، الذي بات انجازه حلماً يراودهم جميعاً، على امل ان يذلل الطريق كل عقبات التنمية العاجزة عن بلوغ الصحراء حتى الآن.
استمررنا بالسير على هذا الطريق الاسفلتي الذي يبدو انه سيكون طويلاً جداً، ومملاً اكثر مما نتوقع، واكثر من مجرد 220 كيلو متراً قد يستغرق قطعها ساعتين او اقل.ننظر الى الامام فلا نرى سوى ما يقع في حدود الرؤية من الطريق وكثبان رملية هائلة لها أول ويخيل إلينا الا نهاية لها، فإن اتجهنا سواء إلى اليمين أو الشمال لا نرى سوى كثبانا رملية هائلة تشبه بعضها بعضا. بدايتها قريبة منا، ونهاياتها ربما أبعد من تخيلنا.
وننظر إلى الوراء فلا نرى شيئاً غير ما رأيناه ونحن ننظر إلى الأمام، غير أن الاسفلت الذي نشاهده، نعلم أنه جزء مما قطعناه من الطريق. حتى يشعر المسافر على طريق الخرخير، أنه قد رمى به القدر إلى قلب مرآة أبدية كبيرة، شرق الطريق وغربه يعكس أحدهما الآخر، وكذلك شماله وجنوبه، كل شيء لا يعدو كونه انعكاسا لما يقابله. حتى صرنا نتخيل أننا واقفون مكاننا لا نتحرك أبداً، وكأن كل شيء لا يتغير. وان المسافة بدأت لكي لا تنتهي أبداً.
ولكي نقطع وحشة الطريق طلبت من صادق المنهالي دليلنا وسائقنا ان يحدثنا عن نشأته في الخرخير منذ أن كان طفلاً، وبدأ يحدثنا عن الخرخير أولاً وكيف ان الشيخ عيضة الحريز طناف المنهالي هو أول من نزل في الخرخير عام 1404هـ، وهو شيخ طائلة قبيلة المناهيل. ولم يكن في الخرخير آنذاك أي أثر للحياة، مجرد صحراء وكثبان رملية، وبدأ بجمع أبناء القبيلة وأسرهم حوله، وانشأ مركز الخرخير ووظف «أخوياه» من المناهيل.ويضيف صادق: كان ذلك قبل ما يقارب 40 عاماً مضت. بدأت الخرخير بخيمة الشيخ عيضة ومازالت مرزعته في الموقع الذي نزل فيه موجودة حتى اليوم شمال المحافظة. ومن ثم توسعت وازداد عدد الخيام وبعد ذلك تحولت إلى أكواخ خشب وصنادق، ثم صارت كما ترونها اليوم فيها مبان مسلحة ولكن الصنادق والبيوت الخشب المتواضعة مازالت موجودة أيضا.
ويتذكر صادق لحظات طفولته في الخرخير ويقول: كنا نعيش حياة صعبة، وكل شيء صعب علينا، حتى الماء كنا نجيبه من شرورة عام 1991م.
ويضيف: عندما بدأ الشيخ عيضة في جمع المناهيل في الخرخير وظف 300 شخص منهم، وأجبرهم على أن يحضروا أسرهم وأولادهم ويسكنوا في الخرخير.
شطرنج بدو
ويستمر صادق في سرد ذكرياته: زمان.. كانت الحياة متعبة.. ولم تكن هناك مدارس بالمعنى الحقيقي للمدرسة كان عدد الطلاب قليلاً، والمدارس حالتها تعبانة، والرعاية الصحية غير متوفرة. ونمط الحياة كانت نفسها نمط حياة البادية، كنا نعيش في الخيام، ولم يكن هناك بيوت كثيرة، لا يزيد عدد البيوت عن عشرة بيوت أو ربما أقل من ذلك.كنا قليلين. وكانت الخيام عبارة عن مجمعات متفرقة كبيرة، عبارة عن مجلس كبير يجتمع فيه كل أبناء القبيلة وكانت علاقتنا ببعضنا طيبة ونعرف بعضنا بعضاً. وكنا أطفالاً نلعب مع بعضنا البعض الصبيان والبنات سوياً، ولم تكن هناك ألعاب كما هو الآن، ولكن كانت لعبة شعبية اسمها (الطبب)، وهي عبارة عن خطوط في الارض وحجارة، يمكنك أن تسميها «شطرنج بدو).(يضحك طويلا).. ويستمر دون أن يقاطعه أي منا: كنا بدواً لا نعرف شيئاً عن المدن الأخرى أو ماذا لدى العالم خارج الخرخير، حتى جاءت المدارس فأصبحنا نعرف هذه الأشياء من خلال ما يعلمونه لنا فقط دون أن نشاهدها (يعني مجرد تخيلات).
ويضيف وعندما جاءت المدارس كانوا يعطون الطالب 300 ريال وأقبلنا على المدارس والدراسة، من أجل الفلوس ماهو من أجل الدراسة. ومازالت هذه المكافأة تعطى حتى اليوم، وبعض الطلاب يسقطون في الاختبارات لكي يستمروا في أخذ المكافأة، لأنه إذا خلص الدراسة قعد في البيت ولا حصل له عمل. فما هي الفائدة من أن ينجح ويخلص المدرسة وينحرم من الفلوس. وإن كانت المكافأة تنقص 100 ريال في السنة المعادة، فأصبح الطلاب يرسبون سنة وينجحون سنة، فيأخذون المكافأة كاملة في السنة التالية للنجاح وناقصة في السنة المعادة.ويضيف: الحمد لله الأحوال تغيرت في الخرخير، ولكن كثيراً من الخدمات ناقصة، التعليم ناقص، والصحة ناقصة، والموية شحيحة، ولا فنادق ولا شقق مفروشة، لو جاء إليك ضيوف ما تدري وين تسكنهم، فتجد معظمهم يسكنون في سكن البلدية أو سكن المحافظة.
مضت ساعتان تقريباً وقد غربت الشمس، لم نمر خلال الطريق بأي أثر للحياة، عدا بعض الشاحنات المتوجهة إلى شرورة لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة، وبعض دوريات حرس الحدود.
ولم نلمح أي أثر للعمران عدا مجمع واحد مبني على طراز حديث في منطقة لا تبعد كثيراً عن الطريق الاسفلتي.وفجأة.. هانحن أمام مجمع آخر لحرس الحدود.. وقال سائقنا صادق: «هاهاه».. الآن انتهى الاسفلت.. واستعدوا للردمية التي حدثتكم عنها. والآن سنتوقف للتزود بالوقود وننتعش.
المحطة الغريبة
سألت صادق: هل توجد محطة بنزين هنا؟
قال: لا.. لا توجد محطة.. مجرد كم برميل بنزين لدى شخص هنا كلما احتجنا للتزود بالوقود توقفنا عنده ونعطيه 50 ريالاً كل مرة.
وفجأة صرخ صادق: «ياالله».. لقد نسينا أن نأخذ عشاءنا من شرورة.
أخذنا ننظر إلى بعضنا البعض، دون أن يملك أي منا اجابة عن السؤال: لماذا نسينا العشاء؟! قلت لصادق: توقف في المحطة.. نصلي ونتزود بالوقود ويكتب الله خيراً إن شاء الله، وسننظر بعدها في أمر العشاء، ومواصلة الطريق.
وكان لابد لنا من السفر على سيارة جيب دفع رباعي لاجتياز الطريق، فالسيارات الاخرى لا يمكن لها ان تسير عليه، وفهمنا سلفا انه بسبب الرمال التي يستلزم عبورها سيارة دفع رباعي في حال «غرّزت» عجلاتها في الرمال او تهنا في الصحراء لا سمح الله.
كانت درجة الحرارة تقترب من الـ 50 درجة مئوية مع اننا بدأنا السير بعد الرابعة عصراً.
كان الطريق مسفلتاً يتسع لسيارتين تسيران باتجاهين متعاكسين لا يفصل بينهما رصيف او حاجز اسمنتي، ولا توجد على الاسفلت اية علامات ارشادية من اي نوع، اي مجرد اسفلت اسود فقط مما يجعل السفر على الطريق خطراً لعدم وجود هذه العلامات ويتضاعف الخطر في الليل حيث تساعد هذه العلامات المرورية البيضاء او «عيون القطط» على ايضاح معالم الطريق، وفي حال عدم وجودها كما هو الحال على هذه الطريق تصبح رؤية المنحنيات القادمة صعبة جداً، وتقل مدى الرؤية للأمام، مما قد يعرض السائق على الطريق الى خطر الانقلاب.ومما ضاعف من خطورة الطريق ايضاً عدم وجود اي لوحات مرورية ارشادية على جانبي الطريق الاسفلتي الضيق مجهول المعالم. هذا اضافة الى زحف الرمال على جانبي الطريق داخل حدود الاسفلت مما يجعل السيارات عرضة للانقلاب والحوادث.
الامل الوحيد
المسافة من شرورة الى الخرخير 500 كيلو متر بدأت اعمال سفلتة هذا الطريق قبل ما يزيد على خمس سنوات انجز منها 220 كيلو مترا، مما سهل الامر كثيرا على ابناء الصحراء الذين لطالما شكل هذا الطريق هاجسا لهم بعد انتهاء ترسيم الحدود اليمنية السعودية، وذهاب المطار الذي كان يسهل لهم الوصول الى الخرخير عن طريق طائرة السلاح «c130» ولم يعد امامهم الان سوى هذا الطريق، الذي بات انجازه حلماً يراودهم جميعاً، على امل ان يذلل الطريق كل عقبات التنمية العاجزة عن بلوغ الصحراء حتى الآن.
استمررنا بالسير على هذا الطريق الاسفلتي الذي يبدو انه سيكون طويلاً جداً، ومملاً اكثر مما نتوقع، واكثر من مجرد 220 كيلو متراً قد يستغرق قطعها ساعتين او اقل.ننظر الى الامام فلا نرى سوى ما يقع في حدود الرؤية من الطريق وكثبان رملية هائلة لها أول ويخيل إلينا الا نهاية لها، فإن اتجهنا سواء إلى اليمين أو الشمال لا نرى سوى كثبانا رملية هائلة تشبه بعضها بعضا. بدايتها قريبة منا، ونهاياتها ربما أبعد من تخيلنا.
وننظر إلى الوراء فلا نرى شيئاً غير ما رأيناه ونحن ننظر إلى الأمام، غير أن الاسفلت الذي نشاهده، نعلم أنه جزء مما قطعناه من الطريق. حتى يشعر المسافر على طريق الخرخير، أنه قد رمى به القدر إلى قلب مرآة أبدية كبيرة، شرق الطريق وغربه يعكس أحدهما الآخر، وكذلك شماله وجنوبه، كل شيء لا يعدو كونه انعكاسا لما يقابله. حتى صرنا نتخيل أننا واقفون مكاننا لا نتحرك أبداً، وكأن كل شيء لا يتغير. وان المسافة بدأت لكي لا تنتهي أبداً.
ولكي نقطع وحشة الطريق طلبت من صادق المنهالي دليلنا وسائقنا ان يحدثنا عن نشأته في الخرخير منذ أن كان طفلاً، وبدأ يحدثنا عن الخرخير أولاً وكيف ان الشيخ عيضة الحريز طناف المنهالي هو أول من نزل في الخرخير عام 1404هـ، وهو شيخ طائلة قبيلة المناهيل. ولم يكن في الخرخير آنذاك أي أثر للحياة، مجرد صحراء وكثبان رملية، وبدأ بجمع أبناء القبيلة وأسرهم حوله، وانشأ مركز الخرخير ووظف «أخوياه» من المناهيل.ويضيف صادق: كان ذلك قبل ما يقارب 40 عاماً مضت. بدأت الخرخير بخيمة الشيخ عيضة ومازالت مرزعته في الموقع الذي نزل فيه موجودة حتى اليوم شمال المحافظة. ومن ثم توسعت وازداد عدد الخيام وبعد ذلك تحولت إلى أكواخ خشب وصنادق، ثم صارت كما ترونها اليوم فيها مبان مسلحة ولكن الصنادق والبيوت الخشب المتواضعة مازالت موجودة أيضا.
ويتذكر صادق لحظات طفولته في الخرخير ويقول: كنا نعيش حياة صعبة، وكل شيء صعب علينا، حتى الماء كنا نجيبه من شرورة عام 1991م.
ويضيف: عندما بدأ الشيخ عيضة في جمع المناهيل في الخرخير وظف 300 شخص منهم، وأجبرهم على أن يحضروا أسرهم وأولادهم ويسكنوا في الخرخير.
شطرنج بدو
ويستمر صادق في سرد ذكرياته: زمان.. كانت الحياة متعبة.. ولم تكن هناك مدارس بالمعنى الحقيقي للمدرسة كان عدد الطلاب قليلاً، والمدارس حالتها تعبانة، والرعاية الصحية غير متوفرة. ونمط الحياة كانت نفسها نمط حياة البادية، كنا نعيش في الخيام، ولم يكن هناك بيوت كثيرة، لا يزيد عدد البيوت عن عشرة بيوت أو ربما أقل من ذلك.كنا قليلين. وكانت الخيام عبارة عن مجمعات متفرقة كبيرة، عبارة عن مجلس كبير يجتمع فيه كل أبناء القبيلة وكانت علاقتنا ببعضنا طيبة ونعرف بعضنا بعضاً. وكنا أطفالاً نلعب مع بعضنا البعض الصبيان والبنات سوياً، ولم تكن هناك ألعاب كما هو الآن، ولكن كانت لعبة شعبية اسمها (الطبب)، وهي عبارة عن خطوط في الارض وحجارة، يمكنك أن تسميها «شطرنج بدو).(يضحك طويلا).. ويستمر دون أن يقاطعه أي منا: كنا بدواً لا نعرف شيئاً عن المدن الأخرى أو ماذا لدى العالم خارج الخرخير، حتى جاءت المدارس فأصبحنا نعرف هذه الأشياء من خلال ما يعلمونه لنا فقط دون أن نشاهدها (يعني مجرد تخيلات).
ويضيف وعندما جاءت المدارس كانوا يعطون الطالب 300 ريال وأقبلنا على المدارس والدراسة، من أجل الفلوس ماهو من أجل الدراسة. ومازالت هذه المكافأة تعطى حتى اليوم، وبعض الطلاب يسقطون في الاختبارات لكي يستمروا في أخذ المكافأة، لأنه إذا خلص الدراسة قعد في البيت ولا حصل له عمل. فما هي الفائدة من أن ينجح ويخلص المدرسة وينحرم من الفلوس. وإن كانت المكافأة تنقص 100 ريال في السنة المعادة، فأصبح الطلاب يرسبون سنة وينجحون سنة، فيأخذون المكافأة كاملة في السنة التالية للنجاح وناقصة في السنة المعادة.ويضيف: الحمد لله الأحوال تغيرت في الخرخير، ولكن كثيراً من الخدمات ناقصة، التعليم ناقص، والصحة ناقصة، والموية شحيحة، ولا فنادق ولا شقق مفروشة، لو جاء إليك ضيوف ما تدري وين تسكنهم، فتجد معظمهم يسكنون في سكن البلدية أو سكن المحافظة.
مضت ساعتان تقريباً وقد غربت الشمس، لم نمر خلال الطريق بأي أثر للحياة، عدا بعض الشاحنات المتوجهة إلى شرورة لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة، وبعض دوريات حرس الحدود.
ولم نلمح أي أثر للعمران عدا مجمع واحد مبني على طراز حديث في منطقة لا تبعد كثيراً عن الطريق الاسفلتي.وفجأة.. هانحن أمام مجمع آخر لحرس الحدود.. وقال سائقنا صادق: «هاهاه».. الآن انتهى الاسفلت.. واستعدوا للردمية التي حدثتكم عنها. والآن سنتوقف للتزود بالوقود وننتعش.
المحطة الغريبة
سألت صادق: هل توجد محطة بنزين هنا؟
قال: لا.. لا توجد محطة.. مجرد كم برميل بنزين لدى شخص هنا كلما احتجنا للتزود بالوقود توقفنا عنده ونعطيه 50 ريالاً كل مرة.
وفجأة صرخ صادق: «ياالله».. لقد نسينا أن نأخذ عشاءنا من شرورة.
أخذنا ننظر إلى بعضنا البعض، دون أن يملك أي منا اجابة عن السؤال: لماذا نسينا العشاء؟! قلت لصادق: توقف في المحطة.. نصلي ونتزود بالوقود ويكتب الله خيراً إن شاء الله، وسننظر بعدها في أمر العشاء، ومواصلة الطريق.