قبل أيام كتب الأستاذ خلف الحربي يناشد الناس مساعدته في البحث عن بعض المفقودات العامة باعتبار أن ذلك من أعمال الخير التي يؤجر عليها المسلم، وأجدني اليوم أنضم إليه في مناشدة الناس البحث عن فاعل مجهول مد يده الطويلة وخطف معظم برامج التواصل الدولية المجانية عبر الإنترنت ووضعها في صندوق خشبي محكما عليها الغطاء بقفل كبير لا مفتاح له، تاركا الناس يتابعون اختفاء برامجهم مذهولين، مفغورة أفواههم من الدهشة، لا يدرون يد من تلك التي امتدت وخطفتها منهم ؟ ولا لم فعلت ذلك ؟
ظل الناس زمنا ينعمون بالتواصل الدولي الميسور عبر الإنترنت، مستفيدين من البرامج المجانية مثل فيس تايم وسكايب ولاين وغيرها، ثم فجأة حجبت عنهم وصار عليهم متى أرادوا التواصل مع بعضهم أن يدفعوا ثمنا باهظا محسوبا عليهم بالدقيقة!
لقد أسقط في أيدي الناس، ماذا يفعلون؟ كانت برامج التواصل المجانية تقربهم من أبنائهم المبتعثين في شتى دول العالم، فتساعدهم على متابعة أحوالهم بما يريح كثيرا من الآباء القلقين أوالمكتئبين لمفارقة فلذات أكبادهم. كما كانت معينا إيجابيا لبعض أصحاب الأعمال والأكاديميين والعاملين في المجال الصحي الذين كانوا ينجزون مهمات لهم مع أطراف دولية عبر اجتماعات علمية وعملية يعقدونها مع بعض المختصين في شتى بقاع الأرض عبر الإنترنت مستفيدين من برنامج سكايب الشهير أو غيره من البرامج المماثلة. فماذا يفعلون الآن؟
صحيح إن هناك بعض البرامج الأخرى البديلة ما زالت تعمل، لكنها ليست بمثل جودة ما حجب، ومن المتعذر أن يجرى عبرها اجتماع عمل أو مناقشة موضوع علمي أو محاورة طلاب أو غير ذلك من اللقاءات المهمة.
تقول صديقة لي إنها شعرت بالحرج والارتباك، لما اقترحت عليها زميلة لها تعمل في إحدى الجامعات العالمية، أن تحضر (عبر برنامج سكايب) اجتماعا سيعقده القسم المختص في الجامعة لمناقشة موضوع علمي له علاقة بالدراسة البحثية التي تعدها، لكنها عز عليها أن تخبر زميلتها أن برامج التواصل المجانية محظورة في بلادها، وأن عليها أن تدفع ثمنا باهظا مقابل الاتصال، وأن ذلك يرهق ميزانيتها المحدودة أصلا.
مع الأسف أن هذا الحجب تسبب في إعادة الناس إلى نقطة الصفر، وجعلهم يحيون مكرهين حياة متخلفة حضاريا لا تماثل حضارة العالم الحديث، ومع ذلك بالرغم من هذا، ما زال الناس إلى الآن غير قادرين على التوصل إلى معرفة الفاعل؟ فطاقية الإخفاء ألقت عليه بظلها فإذا هو أثر بعد عين!