كان يا مكان في قديم الزمان فتاة جميلة اسمها (سندريلا) من السيندر وهو (الرماد) وكانت محبوبة والدها، ولكن زوجة أبيها الشريرة كانت تكرهها، وبعد موته تيتمت سندريلا وأصبحت تنام على الأرض وتعذب من قبل زوجة أبيها التي تفرق بينها وبين بناتها الشريرات مثل أمهن. ولكن في يوم ما حضرت مخلوقة سحرية قلبت حال سندريلا فألبستها أجمل الثياب وأرسلتها لحفل الأمير فوقع في حبها، وبعد أحداث متشابكة استطاع الوصول إليها وتزوجها وكانت النهاية السعيدة وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات.
كان هذا في الزمان السحيق وفي مكان مجهول خيالي غير حقيقي.
أما اليوم أحبائي الأطفال، فقد أتيت لكم بقصة جديدة تعتبر مُلهمة من قصة سندريلا -adaptation-
وعملا بمبادئ الفيمينزم والمساواة، فبطلنا اليوم ليس فتاة بل فتى. كان هذا الفتى يدعى عمران، ولكنه أصبح في لحظات يدعى سندريلو، والسبب هو نفس سبب تسمية سندريلا؛ أي أنه أصبح مغطى بالرماد. وسندريلو بطلنا لم يغطه رماد المدخنة مثل سندريلا، وإنما رماد بيته الذي تحطم على رأسه في مفاجأة من العيار الثقيل، ثقل القنابل التي قذفت على بيته. واختلط الرماد بالدم الذي أخذ الصبي يمسحه عن وجهه بذهول وفزع وانفصال مؤلم عن الواقع. ومثل سندريلا أصدقائي الصغار -التي اجتمعت ضدها زوجة أبيها وأخواتها الشريرات- فبطلنا الصغير عمران تكالبت عليه القوى ولكن الفرق في القوى كبير. فسندريلا تواجه أفرادا، أما عمران فيواجه سياسات رؤساء ودول ومنظمات وميليشيات وجماعات. وسندريلا رغم كل شيء بقيت في دار أبيها وظل سقف البيت يحميها. أما عمران فقد انهدم البيت على رأسه، وفقد السقف الذي كان يظله وقعد بلا حراك مشدوها، ليراقبه المجتمع العالمي الفضولي واللامبالي أو المتأثر للحظات، في اختراق سافر لخصوصية الإنسان والطفل في حالة كارثة إنسانية لم تشهد لها البشرية مثيلا إلا في الحروب العالمية. وعمران كسندريلا اليتيمة، فاليتم ليس فقط فقدان الأب أو الأم وإنما فقدان الأمن والطمأنينة والقوة والكرامة والإنسانية. فقد قيل إن عائلته تم إنقاذها، ولكن ماذا تنتظر عائلة مثلها بعد الذي حدث لها؟ وهل سيجد عمران مخلوقا سحريا (مثلما وجدت سندريلا) ليعطف عليه ويغسل وجهه الطفولي وجسده الصغير ويلفه بمنشفة ناعمة ويعطيه ملابس نظيفة وحضنا دافئا وكلمات حنونة ووجبة مشبعة؟ ويطمئنه ويأخذ بيده لمنزل آمن وربما لطبيب نفسي ليستطيع مواجهة الحياة بعد انهيار -ليس فقط سقف منزله- وإنما عالمه وحياته بأسرها على رأسه حرفيا ومعنويا ومجازيا. ربما يا أصدقائي الصغار سيجد وربما لن يجد؟ ربما سيشفى وربما لن يندمل جرحه. ربما يجد (فيري جود مذر) أو مخلوقا سحريا يحول حياته لأحسن حال وربما لن يجد؟ والأفضل والأنسب أن نترك هذه القصة بنهاية مفتوحة لتحذروا وتتخيلوا مصير بطلنا الصغير عمران أو سندريلو.
وبنهاية القصة، أصدقائي الصغار، حان الآن وقت النوم وأتمنى لكم أحلاما سعيدة.