سبق وأن تحدثت عن مآسي بعض الزواجات المعاصرة واستشهدت بقصة توضح انقلاب مفاهيم المسؤولية والرجولة لدى بعض الأزواج ممن يظلمون زوجاتهم ويتملصون من مسؤولياتهم ويتهربون من الإنفاق ويعنفون المرأة سواء نفسياً أو لفظياً أو جسدياً وغير ذلك من المآسي التي نراها يومياً الآن والتي لم نعرفها قديماً.
ولكن إحقاقاً للحق فنحن أيضاً نرى الوجه الآخر للمعادلة، فبعض الشباب المحترمين أيضا يقعون فريسة للتعنيف من زوجاتهم وليس ذلك بالضرورة بالمعنى المجرد بل مجازياً.
فلو كان لدينا إحصائيات ديموجرافية لرأينا أيضا أن من أسباب الطلاق المعاصرة التغير الجذري في مفاهيم المرأة عن الزواج ودورها فيه كزوجة أو أم أو راعية لمنزل يعتبر الواحة التي ترتاح فيها هي وأفراد أسرتها. فبعض الشابات يركزن على حقوقهن متناسيات مقطع الواجبات. ومن أهم الحقوق بالنسبة لهن الماديات. فبعض الشابات يرين أن الزوج عبارة عن «صرافة» أو «أي تي إم ماشين»! فهي لا تكف عن الطلبات لها ولأهلها وصديقاتها وتبذخ وتتمنظر على حساب الشاب الغلبان الى أن تصل أحياناً لأن توقعه في ديون لا طاقة له بها.
أعرف شخصاً غاية في الاحترام ومن عائلة فاضلة، تزوج شابة وهي غير موظفة ولكنها ترفض الطبخ أو الاهتمام بالمنزل إطلاقاً وتقول له إن ذلك ليس دورها فهو أخذها من بيت به ثلاث خادمات. طيب جميل، قبل الشاب بذلك، وماذا عن الأطفال؟ فهم يتركون جائعين متسخين والماما نائمة للعصر تقريباً، تستيقظ لتضرب «وتلطش» فيهم لأنهم أزعجوها، وتنهر في الخادمة لإهمالها، ثم تحمل حالها وأطفالها وخادمتها وتذهب لأم زوجها وهي بنفس الحي لتأكل معها يومياً! فهي لا تطبخ، وتقرف من طبخ الخادمات! والزوج يعود من العمل متعباً جائعاً فيذهب لمنزل والدته يومياً، والمفارقة المضحكة أنه هو ووالدته ينتظران يومياً قدوم «صاحبة المعالي» الزوجة، فتأتي متأخرة متجهمة متأففة. وأحياناً تتصل لتسأل عن «المنيو» اليومي وإن لم يعجبها تقرر أن تجلس ببيتها وتطلب دليفري ولكنها ترسل الأطفال والخادمة. وحتى إن كان زوجها مسافراً للعمل فهي ترسلهم ليأكلوا ببيت أم زوجها التي تجد نفسها مجبرة أن تطبخ للأبناء والخادمة! وحينما لام الناس أم الزوج تنهدت قائلة: «يعني أترك أحفادي جيعانين أو عايشين على الدليفري وأنا أعرف أنهم يحبون طعامي، والله أنني أغص إن أكلت وحدي حينما أتذكرهم». علما بأن الأطفال يعانون من سمنة مفرطة وقال لهم الأطباء بأنهم معرضون لخطر مرض السكر ولديهم الكوليسترول مرتفع وهم أطفال صغار وذلك من كثرة أكل الحلويات والشبس ليسدوا جوعهم الدائم في ظل انعدام توفر الوجبات الغذائية الطبيعية بالمنزل!
وبعد سنوات من صبر الشاب على هذه الزوجة المتعجرفة، خيرته إما أن يشتري لها بيتا جديدا في حي راق حددته أو يطلقها، وألقت الأطفال بمنزل حماتها، ولم تنفع معها أي محاولات بالصلح فتركها أخيرا وأقسم على عدم الزواج مرة أخرى تحت أي ظروف.
وفي النهاية كل هذه القصص المحزنة «أبطالها» زوجات أو أزواج تخلوا عن مسؤولياتهم وإنسانيتهم، «وضحاياها» هم: أطفال أبرياء، وجدات وأجداد يجدون أنفسهم مسؤولين فجأة عن أحفادهم بعدما وصلوا لسن يفترض أن يرتاحوا فيه فقد أتموا دورهم الطويل المضني في تربية أبنائهم إلى أن كبروا وتزوجوا.
والآن حينما يقول لي أحد الأهل بأن لديهم «فوبيا» من تزويج أبنائهم وبناتهم، أفهم ذلك جيداً. فالزواج أصبح ليس بطيخة كما كانوا يقولون زمان، بل بعبع في الظلام، بعيد عنكم.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303زين تبدأ بالرمز 100 مسافة ثم الرسالة