.. لا يكاد يمر يوم وآخر إلا وتفجعنا صحيفة أو أخرى بما يلقاه الوالد أو الوالدة أو كلاهما، من عقوق البنين والبنات من قتل، أو ضرب، أو جفاء، أو حتى تنكر للحقوق التي أوجبها الله على الأبناء لوالديها، إذ يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة «الإسراء»: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً»، وفي سورة «لقمان» يقول عز من قائل: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير». وتتكرر الآيات بهذا المعنى في كتاب الله بما يوجب طاعة الوالدين والإحسان إليهما وعدم الخروج على ما يرونه حتى «وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً»، هكذا يأمر الحق سبحانه وتعالى كما جاء في سورة «لقمان». وفي ما روى الإمامان البخاري ومسلم -رحمهما الله- عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، وبر الوالدين».
ونعلم جميعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حتى في آخر خطبة له قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى يحرص بل ويحرض على الجهاد في سبيل الله، ومع ذلك فعندما جاء الرجل يستأذنه في الجهاد فضل له أن يبقى مع أبويه، ويؤكد ذلك ما رواه الإمام البخاري عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: «أقبل رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد وأبتغي الأجر من الله. فقال صلى الله عليه وسلم: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم. بل كلاهما حي. فقال نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما». وفي حديث ثالث وليس هو بالأخير ولكني أكتفي من الأحاديث الوفيرة في هذا الشأن به: إذ روى الطبراني عن جاهمة قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألك والدان؟ قلت: نعم. قال: الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما».
والواقع أنه ما من مخلوق أغضب والديه إلا وأدركه الذل والهوان في الدنيا، فإن حقهما يعجل به فيها، أما في الاخرة فبئس المصير وما ذلك إلا لأن رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالد. فقد جاء عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد». رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، والطبراني إلا أنه قال: «في رضا الوالدين». والأخطر من كل ذلك أن ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين بالشرك بالله الذي قال عنه الحق سبحانه وتعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به» إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عنهم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ -ثلاثاً- قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين». وكان متكئاً فجلس فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور». فمازال يكررها حتى قلنا: «ليته سكت» متفق عليه.
وأختم الأحاديث الواردة عن نبي الرحمة ومعلم البشرية الذي بعثه الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بما أجاب به عليه الصلاة والسلام الرجل الذي سأله بقوله: «يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هما جنتك ونارك».
قال علماء الحديث: أي برضاهما تدخل الجنة وبعقوقهما أو حتى إغضابهما أو مخالفتهما تساق إلى النار.
لكن إذا كنا نطالب الأبناء بعدم العقوق تبعاً لما أمر الله ورسوله فإن على الوالدين في الوقت نفسه العناية بتربية أبنائهم وبناتهم، والحنو عليهم بالعطف وما تصلح به حياتهم مع التوجيه الرشيد، ولنتذكر جميعاً أنه من بر والديه بره أبناؤه ومن عق أبويه أو أحدهما فلا يلومن إلا نفسه، وأترك للشاعر الكبير معالي الدكتور غازي القصيبي فرصة اتحافنا برائعة شعرية في المعنى الذي قال عنه الشاعر:
شكا إلي أخ محب
عقوق البنات مع البنينا
فقلت له تمهل يا عزيزي
فإنا بالذي تشكو بُلينا
ونعلم جميعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حتى في آخر خطبة له قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى يحرص بل ويحرض على الجهاد في سبيل الله، ومع ذلك فعندما جاء الرجل يستأذنه في الجهاد فضل له أن يبقى مع أبويه، ويؤكد ذلك ما رواه الإمام البخاري عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: «أقبل رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد وأبتغي الأجر من الله. فقال صلى الله عليه وسلم: فهل من والديك أحد حي؟ قال: نعم. بل كلاهما حي. فقال نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام: فتبتغي الأجر من الله؟ قال: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما». وفي حديث ثالث وليس هو بالأخير ولكني أكتفي من الأحاديث الوفيرة في هذا الشأن به: إذ روى الطبراني عن جاهمة قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستشيره في الجهاد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألك والدان؟ قلت: نعم. قال: الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما».
والواقع أنه ما من مخلوق أغضب والديه إلا وأدركه الذل والهوان في الدنيا، فإن حقهما يعجل به فيها، أما في الاخرة فبئس المصير وما ذلك إلا لأن رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالد. فقد جاء عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد». رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، والطبراني إلا أنه قال: «في رضا الوالدين». والأخطر من كل ذلك أن ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين بالشرك بالله الذي قال عنه الحق سبحانه وتعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به» إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضوان الله عنهم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ -ثلاثاً- قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين». وكان متكئاً فجلس فقال: «ألا وقول الزور وشهادة الزور». فمازال يكررها حتى قلنا: «ليته سكت» متفق عليه.
وأختم الأحاديث الواردة عن نبي الرحمة ومعلم البشرية الذي بعثه الله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بما أجاب به عليه الصلاة والسلام الرجل الذي سأله بقوله: «يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هما جنتك ونارك».
قال علماء الحديث: أي برضاهما تدخل الجنة وبعقوقهما أو حتى إغضابهما أو مخالفتهما تساق إلى النار.
لكن إذا كنا نطالب الأبناء بعدم العقوق تبعاً لما أمر الله ورسوله فإن على الوالدين في الوقت نفسه العناية بتربية أبنائهم وبناتهم، والحنو عليهم بالعطف وما تصلح به حياتهم مع التوجيه الرشيد، ولنتذكر جميعاً أنه من بر والديه بره أبناؤه ومن عق أبويه أو أحدهما فلا يلومن إلا نفسه، وأترك للشاعر الكبير معالي الدكتور غازي القصيبي فرصة اتحافنا برائعة شعرية في المعنى الذي قال عنه الشاعر:
شكا إلي أخ محب
عقوق البنات مع البنينا
فقلت له تمهل يا عزيزي
فإنا بالذي تشكو بُلينا