-A +A
عبده خال
نحن نعيش في دولة شابة، إذ تصل نسبة الشباب من التعداد السكاني ما يفوق 60%، ومع هذا لايزال الشباب يعانون من مشاكل جمة ظلت متأرجحة، وخلال السنوات الماضية كانت كل إستراتيجية في التخطيط تقفز الفئة الشابة من غير أن تكون هناك رؤية مستقبلية لهذه الفئة، وقد كانت وزارة التخطيط تكتفي بوضع الرئاسة العامة للرعاية الشباب كبوابة وحيدة لأن تجمع أطياف الشباب بجميع توجهاتهم وفشلت فشلا ذريعا كون الرئاسة آنذاك لم تعترف ذات يوم بتطبيق الرعاية واحتواء جميع الشباب وخلق قنوات بتعدد التوجهات.

وقد كتبت -منذ زمن- عن مسمى الرئاسة وعلاقتها بالشباب، وهل هي حقا الحاضنة لهذه الثروة الوطنية والمتبنية لأحلامهم والمساندة لطموحهم؛ لأن جزءا من مسماها (رعاية الشباب)، ويبدو أنها في غمرة الركض خلف الكرة نسيت ذلك المسمى، وبسبب إهمالها المريع للشباب بت أحمل سؤالا دائما ما أردده: هل رعاية الشباب يقتصر دورها فقط على كرة القدم؟


في تلك الفترة، طالبت بإيجاد وزارة مستقلة تعنى بالشباب لتكون الحضانة الحقيقة للثروة البشرية التي سينهض على أكتافهم المستقبل إلا أن المخطط قفز مرة أخرى على هذه الفكرة وظل الحال على ما هو عليه.

ولا يخفى على أحد المشاكل والتأزمات التي تمر على الشباب، وهي أزمات بحاجة ماسة لجهة تتبنى قضاياهم وهمومهم وتقف إلى جانبهم رافعة شعار (حماية رجال المستقبل) إلا أن الرئاسة ومنذ نشأتها لم تتبنَ أي قضية شبابية ولم تدافع عن أي مطلب شبابي حتى عندما تم اختطاف الشباب منذ الثمانينات الميلادية لمعارك الجهاد لم تقم الرئاسة بشيء يذكر من أجل استرداد هؤلاء الشباب فكريا بتبني مشروع ثقافي تنويري أو تسهم في جذب الشباب إلى الجهة الأخرى من الحياة.. فالرئاسة تفرغت لضخ الهواء في الرؤوس كما يضخ في كرة القدم.. هواء في هواء.

والآن وهي مدانة ماليا وتعاني من ضمور حتى في منجزاتها الكروية لا يمكن لنا أن نركن عليها في تحليل مسماها الذي لم تعد تحمله (رعاية الشباب) فقد تنافر الشباب بمشاكلهم وانكساراتهم من غير فعل إيجابي قامت به أو دعت إليه أو تبنته حتى بيوت الشباب التي كانوا يفاخرون بها غدت هواء في هواء.

وعندما نسمع يوميا أن شبابنا تم اختطافهم للذهاب إلى مواقع الحروب لم أسمع بالمقابل أن الجهاز المسؤول عن الشباب فعل شيئا يذكر من أجل تخفيف نسبة الذاهبين أو سأل نفسه: ماذا فعلت من أجل هؤلاء الشباب؟

وبعد القفزات المتتالية لوزارة التخطيط في عدم اهتمامها بالشباب ها هي تفاجئنا أن هناك مشروعا ضخما سيتم إطلاقه تحت مسمى «البرنامج الوطني للشباب»، وأوضح تقرير رسمي لوزارة التخطيط أن البرنامج تم الشروع في تنفيذه إذ تم تخصيص 13 تحديا تواجه الشباب ومن ثم الإعداد لإستراتيجية لتذليل العقبات.

ولأن البرنامج لم يحدث أو يحقق أي شيء على أرض الواقع، لاتزال تهمة عدم الاهتمام بالشباب موجهة لكثير من الوزارات والمرافق، وما زلت عند رأيي القديم بضرورة استحداث وزارة تعنى بالشباب في جميع احتياجاتهم.