-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@
لم تعد الأمور تحتمل في لبنان الذي يحتضر، الوجود في منطقة رمادية بمواجهة الخطر الوجودي الذي يتهدد هذا الكيان برمته.

لقد حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، من خطر اختفاء لبنان. هو ليس تهديداً أو ابتزازاً بل هو قراءة واضحة، لوزير يمثل دولة أوروبية كبرى حريصة على لبنان ووجوده واستمراره.


لقد كان وزير الداخلية السابق ونائب بيروت نهاد المشنوق واضحاً عندما وصف الواقع اللبناني، بعد لقائه المفتي الشيخ عبداللطيف دريان بقوله: «لبنان محتل سياسياً من قبل إيران»، وهو توصيف جاء بعد تصريح سابق له دعا فيه إلى مقاومة سياسية لرفع الهيمنة عن لبنان.

كل المفردات التي تتحدث، بعيداً عن مفردة الاحتلال السياسي للبنان من قبل إيران، هي مفردات تتواطؤ عن قصد أو غير قصد مع استمرار هذا الاحتلال، لا بل تمكينه من كل مفاصل الدولة اللبنانية ومؤسساتها السياسية والأمنية والاقتصادية.

لا حكومات تشكل من دون موافقة إيران وحزبها، مجلس النواب تقبض إيران على الأكثرية فيه، بشهادة المقتول عند أبواب مطار بغداد قاسم سليماني. ولا موظف صغير أو كبير إلا ويمر من بوابة حزب إيران ومفاصله. وجاء انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس ليسقط القناع عن هذه الدولة الهشة التي تحتلها إيران، وليشير بالإصبع الذي يختلف عن إصبع حسن نصرالله وبشكل واضح إلى هذا الاحتلال الذي حول لبنان إلى معسكرات لتدريب الحوثيين والمليشيات متعددة الجنسيات الموالية لطهران أو إلى مخازن نيترات الأمونيوم لبراميل نظام بشار الأسد الذي قتل بها الشعب السوري.

الاحتلال الإيراني للبنان، لا يمكن إسقاطه بدعوة حزبه للتضحية كما حصل بعد قرار المحكمة الدولية في لاهاي من قبل البعض، فالقاتل لا يمكنك أن تطلب منه التضحية لأن القاعدة تقول: «فاقد الشيء لا يعطيه». كما لا يمكنك أن تساعد القاتل على تشكيل حكومة كي يختبئ خلفها.

الاحتلال السياسي الإيراني للبنان لا يسقط إلا بمقاومة سياسية تعيد لدستور الطائف اعتباره فتُحل المليشيات ويُسحب سلاحها، وحماية الحدود اللبنانية تكون باستراتيجية دفاعية يتفق عليها اللبنانيون ويسهر الجيش على تطبيقها.

حسناً فعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما ألغى احتفالية مئوية لبنان الكبير، فبعد مئة سنة على ولادة لبنان، لا وقت للاحتفال بل هي ساعة إطلاق المقاومة السياسية لإسقاط الاحتلال السياسي الإيراني كي يبقى لبنان، وكي يعيش شعبه بكرامة.