‫  محمد  الثبيتي
‫ محمد الثبيتي
 عبدالرشيد  حافظ
عبدالرشيد حافظ
-A +A
عباس الفقيه (الوجه) abbasalfakeeh@
ما إن بدأ العام الدراسي الجديد إلا وقد أُمطرنا بوابل من الإعلانات عن معلمين ومعلمات للدروس الخصوصية، واحتشدت الجدران وأعمدة الإنارة وأبواب المحلات ومراكز التسوق بملصقات الترويج للدروس الخصوصية ودخلت المواقع الإلكترونية في الخط.. وعن الدروس الخصوصية وآثارها.. ومع نهاية الجائحة وفايروسها، تكاثر فايروس الدروس الخصوصية، واستطلعت «عكاظ» آراء عدد من التربويين والأكاديميين. ويأسف أستاذ علم المعلومات بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرشيد عبدالعزيز حافظ، على «تفشي» إعلانات الدروس الخصوصية بشكل علني بالرغم من أنها ممنوعة نظاماً ما يعكس وجود طلب عليها، وبالنظر إلى أصل المشكلة يتبين أن ذلك ينبع من الرغبة في سد نقص وعلاج ضعف في التعليم النظامي ما يضطر أولياء الأمور إلى البحث عن مدرسين خصوصيين لا سيما في نهاية الفصل الدراسي، ووزارة التعليم معنية بدراسة المشكلة المتفاقمة منذ أمد بعيد؛ لأن التساهل يُخشى معه اختلاط الحابل بالنابل نتيجة دخول غير المؤهلين علمياً وتربوياً أو من ليس لهم علاقة أصلاً بالتعليم إلى السوق، وهو ما يكتشفه الطلاب أو أولياء أمورهم في وقت متأخر بعد أن يخسروا أموالهم ويضيعوا أوقاتهم سُدى لأن أقصى ما يحصل عليه الطلاب عادة هو قيام هؤلاء بحل الواجبات نيابة عن الطلاب وتقديمها جاهزة، أما بالنسبة للجامعات فالأمر يأخذ منحى آخر ويتمثل في بيع البحوث والتقارير جاهزة، أو حل التمارين نيابة عن الطلاب ما يخل بالأمانة العلمية ويدخل في دائرة السرقة التي تكون عقوبتها في الجامعات العالمية طي قيد الطالب وحرمانه من الالتحاق بأي برنامج أكاديمي. ويرى الدكتور حافظ، أن هناك حاجة لدراسة المشكلة دراسة متعمقة وجادة مع تقييم الحلول البديلة كتنظيم دروس ومجاميع تقوية تحت إشراف إدارة المدرسة، وفي الجامعة تفعيل مراكز الخدمات البحثية للطلاب من خلال أساتذة مختصين في البحث العلمي.

اضربوا الظاهرة في مقتل


من جانبه، تحدث أستاذ الإدارة التربوية والتخطيط بجامعة أم القرى الدكتور محمد عثمان الثبيتي، وقال إن خطورة الدروس الخصوصية تكمن في ركون طرفي المعادلة (الطالب والمعلم) إلى الأداء في أدنى درجاته على اعتبار أن الحل الأمثل يأتي في زيارات منزلية لمعلمي المواد للطالب في منزله أو الذهاب للمعلم في منزله؛ الأمر الذي يُعزز الكسل العلمي ويُعظِّم من الهدر التربوي الذي تتكبده الوزارة جرّاء الممارسات غير الأخلاقية، ناهيك عن إثقال ميزانية الأسر بمبالغ مادية كان من الأولى توجيهها إلى أوجه تنعكس إيجاباً على الأسرة بكاملها، وهذه السلوكيات التي دأب البعض من المعلمين على اتخاذها وسيلة لزيادة دخله المادي، يجب التصدي لها من عدة طُرق يأتي في مقدمتها الأسرة التي تُساهم في شيوعها بسبب التقاعس في القيام بدورها الأساسي المتمثل في المتابعة اليومية لأبنائها، ومعرفة نقاط القوة وتعزيزها ومواطن الضعف وتلافيها، ويأتي دور المدرسة في تكثيف المتابعة المستمرة لأداء المعلمين داخل حصصهم المدرسية وضمان أداء المعلم لواجباته بشكل يُحقق الغاية من وجوده في الميدان التربوي، ويأتي الدور المحاسبي من الإدارات التعليمية التي يجب أن تضرب بيد من حديد على كل مَن يقوم بضرب العملية التعليمية في مقتل نتيجة انتهاج بعض المعلمين الدروس الخصوصية ومعاقبتهم والتشهير بهم في مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية لكي يكونوا عظة وعبرة لغيرهم ممن يتجرّأ على جعل الكسب المادي مقدماً على القيم التربوية الايجابية التي يجب أنْ تُغرَس في نفوس طلبتنا ويكبرون وتكبر معهم، بحيث تكون حاجزاً لصد ضعاف النفوس على اختراقهم والإساءة لأشرف المهن والقدح في معاقل صُنع الرجال.

استنزاف واستغلال

المشرف التربوي بمكتب تعليم الجموم بمكة المكرمة أحمد عبود باجابر، اتفق مع الآراء السابقة، ويرى أن انتشار الدروس الخصوصية و إعلاناتها في وسائل التواصل الاجتماعي ومثيلاتها له أثره السلبي في الاستنزاف المالي للأسر، إضافة إلى تعطيل مدارك الطالب في التفكير و الاستنتاج وذلك باعتماده على المعلم الخاص دون بذل الجهد حتى في حل الواجبات، كما أن المعلم الخاص غير مؤهل للمناهج الحديثة ولم يتدرب على الإستراتيجيات المناسبة لتدريسها مقارنة بالمعلم التربوي الذي نال كل مقومات التدريس الحديثة من تدريب وتطوير مهني.

كسب وتجارة

مديرة المدرسة الابتدائية الثانية بمحافظة الوجه هندية محمد الصائغ، تقول إن الدروس الخصوصية والإعلان عنها أصبحت تجارة كون أغلب الممارسين يعملون على حل الواجبات للطالب فقط دون تقديم مهارات أو معارف أو معلومات تذكر للطالب.