طابور منتظري اللقاح في إحدى ضواحي العاصمة التونسية. (وكالات)
طابور منتظري اللقاح في إحدى ضواحي العاصمة التونسية. (وكالات)
-A +A
«عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
نسبت بلومبيرغ أمس إلى مصدرين مطلعين قولهما إن إدارة الرئيس جو بايدن تضع اللمسات النهائية لخطة سيدعو بموجبها بايدن جميع المواطنين الأمريكيين اعتباراً من الشهر القادم إلى الحصول على جرعة تعزيزية ثالثة من لقاحات كوفيد-19، بعد مرور ثمانية أشهر على حصولهم على الجرعة الثانية، فيما تواجه الولايات المتحدة هجمة شرسة من فايروس كورونا الجديد. وأكد المصدران أن الخطة لم تكتمل بعد. لكن الرئيس الأمريكي قد يعلن شيئاً بهذا الخصوص خلال الأسبوع الحالي. ويتوقف التنفيذ على صدور موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على هذه الترتيبات. ومن شأن الخطة أن تؤدي الى إبطاء التبرعات الأمريكية بلقاحات كوفيد-19 إلى الدول الأخرى. ونجحت أمريكا حتى الآن في تطعيم نحو 170 مليوناً من سكانها. ويعني ذلك أن هؤلاء سيكون من حقهم الحصول على الجرعة الثالثة.

وفي سياق ذي صلة، أعلنت شركتا فايزر الدوائية الأمريكية وبيونتك الألمانية، أنهما قدمتا إلى الجهات الرقابية الأمريكية بيانات تجارب أولية تشير إلى أن منح جرعة تعزيزية ثالثة أدى إلى توليد مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة، إذا أعطيت هذه الجرعة في غضون ثمانية إلى تسعة شهور من الحصول على الجرعة الثانية من لقاح فايزر. وقال بيان (الإثنين) إن الشركتين تتوقعان نتائج تجربة أخيرة موسعة لتقويم الجرعة التعزيزية الثالثة قريباً. وسيتم تقديم هذه النتائج إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، ووكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي، وهيئات ووكالات مماثلة في دول أخرى. وكانت شركة فايزر أعلنت الشهر الماضي أنها ستلتمس من جهات الرقابة الأمريكية تخويل جرعة تعزيزية ثالثة على أساس الحاجة الطارئة إليها. لكن الشركتين قررتا أخيراً الطلب إلى الرقابة الأمريكية إقرار الجرعة الثالثة بشكل كامل، وليس طارئاً. وأوردت فايزر في أوراقها لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية بيانات تشير إلى أن فعالية جرعتي لقاحها المضاد لكوفيد-19 لمنع الإصابة بمضاعفات في حال الإصابة المتوسطة قد تبدأ بالتلاشي بعد نحو ستة أشهر؛ وإن كانت قدرة اللقاح على منع تدهور المصاب إلى وضع صحي خطير باقية على وقتها.


وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، أن تباشير الجرعة التعزيزية الثالثة أججت الجدل في الأوساط الصحية العالمية في شأن هذا التطور المحتمل. وأوضحت أن شقاً من مسؤولي الصحة في العالم يرون أن من الأفضل استخدام فائض اللقاحات لتطعيم الأشخاص الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة وتبعاتها في البلدان الفقيرة، التي لا قبل لها باللقاحات الباهظة الثمن. وعلى الشق الآخر علماء ومسؤولون في الدول الغنية يرون أنه يجب الاحتفاظ بملايين الجرعات في المستودعات لتعزيز مناعة كبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة ضد الفايروس. وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن مسؤولي إدارة بايدن شرعوا أصلاً في تطوير خطة لنشر الجرعة الثالثة من لقاحي فايزر-بيونتك وموديرنا بحلول الخريف؛ بدعوى أن الأمور اللوجستية أشد تعقيداً من انتظار التأكيدات العلمية بالحاجة الفعلية للجرعة الإضافية. ويذكر أن السلطات الأمريكية أقرت الأسبوع الماضي منح جرعة تعزيزية ثالثة للأشخاص الذين يتعاطون أدوية لتثبيط جهاز المناعة، ومنهم الخاضعون لزراعة الأعضاء، ومن يتلقون علاجاً بالأدوية الكيماوية، والحالات الطبية الأخرى. وقال مسؤولو هيئة الغذاء والدواء الأمريكية والمراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها إن تخويل الجرعة الثالثة للمرضى الذين يعانون من مشكلات مناعية لا علاقة له بما إذا كان يتعين منح جرعة ثالثة لبقية سكان البلاد.

وكانت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قالت في يوليو الماضي إنها بحاجة إلى رؤية مزيد من البيانات التي تبرر الموافقة على إعطاء جرعة تعزيزية ثالثة. ويعني ذلك أن الأمر قد يتطلب أشهراً من الانتظار للحصول على الموافقة. لكن شركتي فايزر وبيونتك قالتا (الإثنين)، إنهما قدمتا إلى الهيئة بيانات المرحلة الأولى من تجارب سريرية أكدت مأمونية الجرعة الثالثة من لقاح فايزر-بيونتك، وقدرتها المؤكدة على تقوية مناعة من يحصل عليها لصد الفايروس، بما في ذلك قدرتها على صد سلالة دلتا المتحورة وراثياً التي تقف وراء تفاقم الأزمة الصحية في الولايات المتحدة وأرجاء العالم في الوقت الراهن.

وكانت فرنسا وألمانيا وإسرائيل أقرت إعطاء الجرعة الثالثة. غير أن مسؤولي منظمة الصحة العالمية هاجموا التوجه إلى الجرعة الثالثة. وقالوا إن من شأنها أن تحرم الدول متدنية المداخيل من الحصول على اللقاحات المضادة للوباء. وأضافوا أن ترك أرجاء واسعة من العالم بلا لقاحات سيعطي الفايروس فرصة كبيرة للتحور وراثياً، بحيث يصبح أقدر على التفشي السريع، وبالتالي القدرة على تهديد الإنجازات الصحية التي حققتها الدول الغنية.

«الصحة العالمية» تعارض «التعزيزية»

طبقاً لموقع «عالمنا في بيانات»، الذي تديره جامعة أكسفورد البريطانية، فإن معظم دول أمريكا الشمالية وأوروبا قامت بتطعيم أكثر من نصف عدد سكانها؛ في حين أن أفريقيا التي يعمرها 1.3 مليار نسمة لم تطعِّم حتى الآن أكثر من 4% من سكانها. وناشد مدير المنظمة العالمية الدكتور تادروس غبريسيوس، الدول الغنية الشهر الماضي، أن توقف منح الجرعة الثالثة حتى نهاية سبتمبر القادم على الأقل. وقال: يجب ألا نقبل أن تقوم الدول التي استخدمت معظم إمدادات العالم من اللقاحات باستخدام مزيد منها، بينما لا يزال معظم الأشخاص المعرضين للخطر بلا حماية. وقال مدير مجموعة اللقاحات بجامعة أكسفورد البروفسور أندرو بولارد والرئيس التنفيذي لتحالف اللقاح العالمي (غافي) سيث بيركلي، في مقال نشرته صحيفة «ذا غارديان» البريطانية الجمعة الماضي، إنه لا توجد حتى الآن أدلة علمية كافية تبرر إقرار نظام جرعة تعزيزية للمحصنين أصلاً.