المنطقة بلغت أوج تمدنها من خلال البناء والطفرات الاقتصادية.
المنطقة بلغت أوج تمدنها من خلال البناء والطفرات الاقتصادية.
-A +A
علي الرباعي (الباحة) okaz_online@
تكشف المسوحات الأثرية لمنطقة نجران عن نقوش ورسوم يعود تاريخها لأكثر من 9 آلاف عام قبل الميلاد، وترتبط بعصور الصيد، والزراعة، بدلالة توثيق الرماح والعصي والأقواس والسهام المنحوتة على الصخور، وفي أخدودها بقايا رسومات تعطي انطباعاً عن التحولات المتعاقبة للحضارات نحو التمدن ومن شواهدها رسومات الحصان، والجمل والأفاعي، والرحى العملاقة ما يؤكد أن المنطقة ملتقى حضارات بشرية، بلغت أوج تمدنها، من خلال البناء والطفرات الاقتصادية.

وترتبط نجران بتاريخ حافل بالأحداث على مر العصور، ويرد اسمها في الكثير من الروايات التاريخية وكتب الرحالة العرب والأجانب دون تعليل راجح للتسمية، فبعض الروايات ترى أن النجران خشبة يدور عليهـا رتاج الباب، وفي الأشعار «وصدت الباب في النجران حتى، تركـت الباب ليس له صريـر». وفي رواية نُسبت إلى أول من نزلها وعمرها (نجران بن زيدان بن سبأ بن يعرب بن قحطان). الذي رأى رؤيا فهالته فخرج باحثاً عن تحصين فانتهى إلى واد فنزل به فسمي نجران.


وفي تاج العروس للزبيدي، النجران بالفتح الخشبة التي تدور فيها رجل الباب، وهكذا قول ابن دريد، وقال ابن الأعرابي: يقال لأنف الباب الرتاج، ولدرونده: النجران، ولمترسه: النجاف. ونجران موقع في جنوب جزيرة العرب سمي بنجران بن زيدان بن سبأ، وهو عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان وأولاده (حمير وكهلان) باتفاق النسابة. وفي نجران يقول الأخطل: «مثل القوافل هداجون قد بلغت، نجران أو بلغت سوآتهم هجر»، ويقول الأعشى «وقبلة نجران حتم عليك، حتى تناخي بأبوابها، نزور يزيد وعبد المسيح، وقييسا هم خير أربابها».

وتحتفظ قرية الأخدود، وآبار حمى، والعديد من القرى التراثية المنتشرة على ضفاف وادي نجران، بمعالم تتناغم مع ما ورد توثيقه في القرآن الكريم. عن «ذو نواس» آخر ملوك التبابعة وإصراره على الانتقام من مسيحيي نجران لرفضهم اعتناق الديانة اليهودية.

وتم اختيار موقع نجران بعناية، من خبرات بيئية وهندسية، فإلى جانبها التشكلات الجبلية التي تنحدر منها الأودية والشعاب، وكثبان الربع الخالي الساحرة، ما أكسبها ثراءً ثقافياً وسياحياً وأهمية تاريخية خصوصاً موقع الأخدود الأثري بما قام عليه من بناء متقاطع مع المدن المميزة في جنوب الجزيرة العربية، وتضم أكثر من 100 موقع أثري.