-A +A
لا تزال مدن تاريخية عريقة كالموصل وقبلها حلب تشكلان جرحا غائرا لأبناء المنطقة، إذ أعلنت ليز غراند منسقة المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة في العراق أن الأوضاع المعيشية في الموصل، خصوصا في الجانب الغربي الذي تسيطر عليه «داعش» تتدهور بسرعة وتشكل مصدر قلق كبير.

فعندما تكون المدينة الكبيرة في المنطقة أسيرة الخيار بين إرهابيين فتلك مأساة، بل فاجعة لم يكن لها أن تخطر على البال في زمن سابق، فكما أن حلب أُجبرت على خيارين هما جبهة النصرة من جانب وجيش بشار المجرم والميليشيات الطائفية الدموية من جانب آخر، فالوضع نفسه ينطبق على الموصل، التي أصبحت بين خيارين يتوزعانها، وهما تنظيم داعش الإرهابي في الجانب الغربي، والحشد الشعبي الطائفي في الجانب الشرقي.


ويظل أبناء تلك المدن المتجذرة في الحضارة بلا رأي ولا من يسألهم عن موقفهم وخيارهم، وإنما يعتبرهم المجتمع الدولي مجرد تجمع بشري يعنى فقط بإقامة خيام لاستقبالهم حين نزوحهم، دون حل لجذر المسألة المتمثلة في وجود تغول وتدخل من دول إقليمية لإنشاء هلال طائفي، يتم الشغل عليه عبر تغيير ديموغرافية المدن الرئيسية للمنطقة، الأمر الذي يؤجج ردود الفعل المتطرفة المقابلة، التي تتخذ من مقاومة هذا التدخل طريقها لتجييش المناصرين لتحقيق مآرب خفية.

إن نزوح قرابة 200 ألف شخص من ثاني أكبر مدن العراق وفقا للأمم المتحدة، وقبلها ما جرى في حلب، يؤكد بشكل قاطع أهمية إنهاء أصل المشكلة لا الاكتفاء بخيام للاجئين.