-A +A
طاهر الحصري (جدة) taher_ibrahim0@
«إذا كان النجاح لا يحتاج إلى أقدام بل إلى إقدام، فإن التفوق والاجتهاد صنوان لا يفترقان، فالاجتهاد سبب التفوق، وبالتفوق يتميز الاجتهاد». بهذه الحكمة الراسخة على قدمين ثابتتين تبنت وزارة التعليم بقيادة الوزير الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، إستراتيجيتها التي تعكس حجم ما قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ؛ لخدمة التعليم ورعايته.

ولأن التعليم السعودي وكل ما يصدر عنه من مخرجات، محل رصد ومتابعة في دول العالم كافة، باعتبار الثقل الاستراتيجي والمحوري الذي تضطلع به السعودية في جميع المحافل العالمية، أكدت التقارير الدولية الصادرة حدوث نقلة كبيرة في تحسين المناهج السعودية وتنقية محتواها، ومن أبرز هذه التقارير، تقرير المركز الدولي للدين والدبلوماسية، وتقرير معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي، إضافة إلى وسائل الإعلام العالمية، ومن بينها مجلة تايم الأمريكية، وصحف الواشنطن بوست، والنيويورك تايمز وغيرها.


وفي الحلقة الثالثة، ترصد عكاظ «جهد الأعوام الثلاثة الأخيرة (36 شهراً) لوزارة التعليم، وكيف تحولت الانتقادات والطروحات السلبية حول المناهج لتسلك مساراً إيجابياً، ويتناولها العالم بلغة متفائلة ومحفزة تعترف بحجم التطوير والتحديث المتواصل.

معالجة قضايا المناهح وإجراء التحديثات

تُتابع وزارة التعليم كافة التقارير المتاحة مما أصدرته المنظمات الدولية البارزة حول العالم، ولا تزال تتابعها، واتخذت الإجراءات اللازمة للاستفادة من تلك التقارير لمعالجة قضايا المناهج المثارة وإجراء التحديثات الممكنة التي تصدر بشأنها.

وقد أثمر ذلك عن العثور على تقارب لافت بين مستهدفات رؤية المملكة 2030، ونسبة مما جاءت به التقارير الدولية؛ ما يسّر معالجة العديد من الجوانب التي لوحظت على المناهج، كما استمرت الجهود ببناء وتطوير المناهج الدراسية وفق محكات ومعايير لتحسين المناهج وتطويرها وبما يحقق مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية ويعزز الإسهام في تحقيق رؤية 2030 ويستجيب إلى المقترحات العادلة والمنطقية والمقبولة من التربويين والمهتمين لتحسين المناهج. وتتناول هذه الحلقة ما آلت إليه عمليات تطوير المناهج وما توصلت إليه.

المركز الدولي للدين والدبلوماسية

في فبراير من 2021، أعد المركز الدولي للدين والدبلوماسية الأمريكي تقريراً عاجلاً وموجزاً على إثر اطلاعه على نسخة كاملة من المقررات الدراسية السعودية الجديدة لعام 2020.

وبحسب إفادة الرئيس التنفيذي للمركز الدولي للدين والدبلوماسية، فقد عمد المركز إلى تزويد شركاء المركز ورعاة أنشطته وداعميه بنسخة من ذلك التقرير رغبة في الحصول على المزيد من الدعم لجهود المركز وبرامجه مع السعودية، وهو ما تحقق بالفعل بدعم برنامج إعداد المدربين -عن بُعد- لصالح وزارة التعليم السعودية وبمبلغ مليون دولار.

وقد حرص فريق المنظمات الدولية على توثيق نسخة من التقرير منذ صدوره لما يمثّله من نقلة محورية وتحوّل كبير في موقف هذه المنظمة من جهود المملكة لتطوير المناهج والاعتراف بحجم النقلة النوعية في محتوى هذه المناهج.

مكافأة عقد من الجهود

قال مؤسس المركز الدولي للدين والدبلوماسية الدكتور دوغلاس جونستون: «بعد ثلاث سنوات، يسر المركز الدولي للدين والدبلوماسية أن يفيد بأن التقارير الجوهرية التي قدّمت إلى وزارة التعليم السعودية لتطوير المناهج يبدو أنها قد أدرجت في منهج 2020».

لجنة الحريات في الكونجرس الأمريكي

جاء التقرير السنوي التحديثي الصادر عن لجنة الحريات الدينية الدولية في الكونجرس الأمريكي لأواخر عام 2021، ليسجل نقلة نوعية في موقفه من المناهج المدرسية السعودية.

ويتضح من خلال مراجعة هذا التقرير أن التحول الجذري والحقيقي في الموقف الرسمي بالكونجرس الأمريكي، فيما يتعلق بالمناهج الدراسية السعودية، قد بدأ بتقريره لعام 2021 عن كتب طبعة عام 2020، التي عملت على تطويرها وزارة التعليم السعودية لتصحيح أوضاع كتب طبعة 2019.

تحسينات كبيرة وتسامح أكبر

توصلت دراسة صدرت في سبتمبر 2021، إلى تحقيق تحسينات كبيرة في محتوى الكتب المدرسية السعودية، مشيرة إلى أن التعديلات جاءت في سياق موجة أكبر نحو تسامح أكبر، والكثير من النصوص غير المتسامحة تجاه الأقليات والطوائف الدينية تمت تلطيفها، ولم تعد الكتب تطلق الأحكام العامة على المجتمعات غير المسلمة.

وأشارت إلى إجراء السعودية تغييرات حديثة يمكن معها معالجة الجوانب القائمة حول الحريات الدينية منذ فترة طويلة، بما في ذلك معالجة محتويات ذات إشكالية كبيرة من الكتب والمناهج الدراسية.

الصورة الذهنية لتطوير المناهج السعودية

جاء تأثير الدراسات الصادرة حديثاً حول مناهج 2020 من مختلف المنظمات الدولية، كبيراً على المهتمين بالمناهج السعودية في الإعلام الدولي، فقد أتت المقالات الصحفية التي نشرت في مختلف وسائل الإعلام العالمية بصورة مختلفة عما كانت عليه قبل الشروع الفعلي من وزارة التعليم السعودية في تطوير مناهجها بصورة مؤثرة ولافتة للأنظار.

وتراجعت حدة طرح العديد من وسائل الإعلام وتناولها للمناهج السعودية، وتصدّرت التايم، والواشنطن بوست، وول ستريت جورنال وسائل الإعلام في الثناء على التقدم الذي تحقق في المناهج السعودية، وتناقلت وسائل الإعلام الأوروبية استشهادات من التقارير التي تناولت المناهج السعودية.

الإصلاح التربوي والتقويم المستمر

صدرت العديد من المقالات والتقارير والتحقيقات الإعلامية لإلقاء الضوء على التطور الذي شهدته المناهج السعودية ابتداءً بطبعة مناهج 2020، حيث صدرت هذه المقالات الإيجابية بصورة أساسية في عامي 2020 و2021.

وهناك اهتمام واضح من وزارة التعليم حالياً بجودة عناصر العملية التعليمية لتجويد مدخلاتها بالعناية بالإصلاح التربوي، والتقويم المستمر، ومراقبة مؤشرات الأداء لتحقيق أفضل مخرجات تعليمية ممكنة، إضافة لذلك هناك عناية بالمعلم، وبرامج إعداده وضوابط عمله وصلته بمؤسسته التعليمية وبيئته وجميع أنواع الأنشطة الإثرائية والتعزيزية والعلاجية.

معايير «اليونسكو» ومنهجية التقارير

اتبعت التقارير منهجية متشابهة من ناحية المسح والشمول، بحيث وزعت صفحات التقارير وبوّبتها حسب المرحلة الدراسية.

وتباينت التقارير من ناحية إطار التغطية للمفاهيم، وتفردت تقارير معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي بربط الملاحظات بمرجعية متفق عليها عالمياً وهي معايير «اليونيسكو»، ولكن هذه التقارير بصورة عامة توصلت لنفس المواضع الدقيقة في غالب ملاحظاتها.

وقد لمس فريق المنظمات الدولية والمراجعة، سمة غالبة على كل تقرير تتأثر بطبيعة المنظمة، وجاءت تقارير مركز الدين والدبلوماسية لتركز أكثر على القيم التي دعت إليها الكتب السماوية.

وجاءت تقارير لجنة الحريات الدينية الدولية لتعكس ملامح من مختلف التقارير فيما يتصل بالقيم التي ترعاها اللجنة وتطالب دول العالم باحترامها.

وقد أظهرت دراسة التقارير الصادرة تشابهاً واضحاً بينها، والتقاءً على المسائل المشار إليها بشكل كبير. واعتمدت جلسات الاستماع في لجنة الحرية الدينية الدولية في الكونجرس على تقارير منظمات ADL وICRD بصورة أساس حتى عام 2019، ليظهر بعد ذلك تأثير معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي، أما التقارير الأخرى لمنظمات مثل معهد هدسون ومرصد حقوق الإنسان HRW وغيرها فقد استهدفت الإعلام بصورة أساسية.