بدر عبدالعزيز
بدر عبدالعزيز
-A +A
بدر عبدالعزيز
يعتبر التخلف الثقافي بمثابة قضية أخلاقية شائكة، إذ إن الفشل في الوصول إلى توافق مجتمعي قد يسبب نشوء صراعات داخل المجتمع، وفي دول العالم الثالث عموما والوطن العربي خصوصا، ويؤدي ضمور الوعي الاجتماعي إلى ميل الثقافة للجمود لفترة طويلة. وذلك بسبب الربط غير الموضوعي بين التاريخ المميز للعرب، الذي كان الجزء الأهم من خصائصه يكمن في تطوير العرب لثقافتهم وحفظ ثقافات حضارات أخرى من الضياع، وعدم الاعتراف بأن جزءا من هذا الموروث لم يعد نافعاً لوقتنا الحاضر، ما أدى إلى تعطيل عملية التطور والتنمية. فعملية التنمية عملية مركبة تلتقي فيها عوامل عدة، وإجراءات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأخلاقية، ويمكن أن يؤدي غياب واحدة منها إلى إضعافها وتشويهها جميعاً. لا شك أن انتصار البرجوازية ونظامها الرأسمالي في الدول المتطورة منذ القرن الماضي قد جعل عملية التطور فيها تتم على حساب مجتمعات العالم الثالث، الأمر الذي منعها من الاعتماد على الذات أو الاستفادة من التطور التكنولوجي سنين طويلة وأوقعها في حالة من الركود النسبي، وحول ظاهرة التخلف من حالة مؤقتة إلى حالة بنيوية دائمة. ولا شك أن بعض المثقفين أسهموا في تنمية وعي مشوه بانصرافهم عن دراسة أسباب التخلف إلى كتابات سياسية حول الإرهاب والديموقراطية وحقوق الإنسان، إضافة لاستيراد القوالب الغربية الجاهزة، ونسوا أن عليهم مسؤولية محاولة الإصلاح الاجتماعي والتوجيه السياسي والنصح الأخلاقي، ما أدى لانقطاع المجتمع العربي عن روح العصر، حتى أصبحت الإشكالية مزدوجة بين مظاهر التخلف وأسبابه.

وإذا كان المثقف هو عقل الأمة فهو يحتاج لا شك لآلة المؤسسات لتفعيل دوره النهضوي، ويكون ذلك بتحويل السكان إلى مجتمعات مؤسساتية تتبنى إعادة تكوين هذا المثقف لتجعل له دورا في نهضة شاملة كما حدث في القرن التاسع الميلادي، وبعد إتمام هذا التحول تصبح المسؤولية على عاتق المثقف بإخراج المجتمع من العزلة الفكرية عن الثقافات الأخرى وبناء علاقة متكافئة بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها. إن الدور المزدوج بين المجتمع والمثقف بالتربية والتأهيل النظري والعملي يجعل المجتمع فعالاً باستطاعته إيصالنا لحلم توطين الثقافة.


Badr.alghamdi.kfsh@hotmail.com