-A +A
منى المالكي
التحديث والتطوير قانون الطبيعة الثابت والوحيد في زمن التحولات الكونية، ولك في جسدك البشري المثال والبرهان الواضح، هذا الجسد الذي تمتلكه يتغير في مراحل مختلفة ولا تملك أن تقف في وجه هذه التغييرات مهما كانت قوتك أو شغفك بهذا الجسد، فهو يتحول ويتغير وفي كل مرحلة يبهرك بهذا التغيير !

إذن التغيير هو الثابت الوحيد، وهذه التحولات تنسحب أيضا على تأريخ الأمم والمجتمعات، فالأمة التي تقاوم تنتهي وينساها التأريخ ولا تترك أثرا يُذكر لها، ونحن نعيش زمن التحولات العظيمة، زمن نحن شهوده ومؤرخوه، لا بد علينا أن نغير مفاهيمنا وأفكارنا وطريقة عملنا لنصبح مهيئين للتعامل مع هذه التغييرات، فالمقاومة أو العمل بالأفكار القديمة لا يسهم في التطوير أو التحديث لأنظمة العمل الجامعي مثلا، فالنظام الجامعي الجديد يحمل سمات لم تعتدها القيادات الأكاديمية، وأقصد بذلك الأستاذ والأستاذة الجامعية، حتى الطلاب والطالبات وهم وهن المعنيون والمعنيات بهذا التغيير لا بد أن يكونوا في الصف الأول لشرح المهام والواجبات في هذا النظام، ولكن ما يهمنا في هذا النظام وما دفعني لكتابة المقال هي كلمة معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ عندما قال «كل جامعة بحاجة أن تسأل عن مستقبلها بعد ثلاث أو خمس سنوات كيف سيكون؟ وإلى أين تتجه مع النظام الجديد للجامعات؟ وكيف ستكون مخرجاتها مع سوق متغير بشكل سريع في متطلباته وشاغلي وظائفه»؟ ولكن تنبه معاليه إلى حقيقة مهمة يجب أن يعيها القائمون على التحديث والتطوير لنظام الجامعات الجديد وهي «الجامعات ليست جسرا فقط لسوق العمل، بل جسر للحياة بأكملها، لذا من المهم العناية بجودة المخرجات في الجوانب التعليمية والمهنية»، هذا التصريح المهم يضع الأمور واضحة وفي نصابها من أن القائمين والقائمات على الجودة والتطوير في جامعاتنا هم وهن الحلقة الأقوى في هذا التغيير، والعناية في اختيار من يتسنم ويتولى هذه المهمة في هذه الأماكن هو حجر الزاوية، فالجودة والاعتماد الأكاديمي لم تعد موضة نتباهى بالحصول عليها كما كان سابقا ! إنَّما هي عمل مستمر وبرامج متنوعة متعددة تجعل رؤية المملكة نصب عينيها، وعقلية متفتحة واعية لهذه التغييرات المهمة، فمثلا نحن نعلم جيدا أن التخصصات النظرية والأدبية الآن في مهب الريح أمام هذا الزخم الجميل من التغييرات في نظام الجامعات الجديد، والأسئلة المشروعة المطروحة أمام هذه الكليات هي: ماذا ستقدمون لمواكبة هذه التغييرات ؟ ما هي البرامج والخطط الدراسية التي ستخرج طالبا أو طالبة «منتجا» تتلقفه «نيوم، مثلا أو مشاريعنا الثقافية الكبرى» ومدننا الإعلامية الواعدة ؟ ماذا سيكون مصير خريج أو خريجة أقسام العلوم الاجتماعية والتربوية في مجتمع يعيش هذه التحولات العظيمة ؟ وأعلم أيضا أن الجامعات بدأت بالفعل تعمل على هذه الأفكار، ولكن ما يعنينا أن تتحول إلى واقع سريع لأن ما يحكما هنا الإنجاز والسرعة في تنفيذه.


أزعم أن هذه الأسئلة والمحاور تحتاج إلى ورش عمل فاعلة ومستوعبة لنظام الجامعات الجديد، ونركز على الأفكار التي تتحول إلى برامج فاعلة تستوعب هذا التغيير وتحوله إلى واقع ملموس يظهر أثره على الطالب والطالبة المعنيين والمعنيات بقيادة سوق العمل والمجتمع مستقبلا.

* كاتبة سعودية

monaalmaliki@