-A +A
مها الشهري
بصرف النظر عن التبعات التي طالت هذه القضايا أو الاستخدامات السياسية التي تتصيد في المواقف وتتعامل باستغلالها كثغرات، إلا أن الموقف يتطلب التركيز على موضوع الهرب الذي يتكرر باستمرار باعتبار «رهف» كغيرها من الفتيات اللاتي وجدن حلا بالخروج من البيت والوطن بحثا عن الحرية.

إن كنا من باب المنطق ندعم حق الفرد في خياراته وقراراته الشخصية مع التحذير من الأثر التدميري لهذه الخيارات، فالهاربات من الفتيات كما يبدو لسن على درجة كبيرة من الوعي الناتج عن خوض التجارب والخبرات في الحياة، والبحث عن الحرية في شكلها الوردي الذي يرسم في الأذهان من قبل مؤثرات عديدة؛ يتطلب من صاحب القرار أن يضع أقدامه على الأرض ويعيش الواقع ويتوقع ما قد يواجهه فيه، يقيم المكاسب والخسائر بناء على أولويات القيم التي يتوجب عليه اكتشافها بداخل نفسه، ثم يسأل نفسه عن استعداده بخوض التجربة برغم ما تتضمنه من المصاعب، حتى لا يظن أنه سيكسب في غلبة الشعور بالخسارة.


من الأعذار التي قدمتها الفتيات الهاربات، تعرضهن للعنف أو عدم مقدرتهن على العمل أو الزواج إلا بموافقة العائلة، حتى وإن كانت كل هذه الإشكالات من الأمور التي يمكن حلها، لكن الصعوبة في الأمر تكمن في عدم إقرار الحق أو تلقائيته، لا يأتي لصاحبه إلا عندما يطالب به، هذا يعني أن علينا الاعتراف بوجود فجوة غائرة بين الطبع الاجتماعي الذي لا يتماهى مع إقرار الحقوق الإنسانية التي يقر بها النظام ويمنحها لمن يطالبها، فلا زالت مرهونة بالتعقيدات الاجتماعية التي تعامل في إطار «الشأن العائلي»، ولعل ما حدث يعيد النظر إلى الطرق القائمة في حل مشكلات العنف والتعسف الأسري، إضافة إلى إقرار حقوق المرأة من خلال التثقيف.

من يهرب من مشكلة ولو طاف العالم، هو يعلم أنه يحملها معه، فحل المشكلات في كل أحوالها يأتي من مواجهتها، ليس بالهروب منها على الإطلاق.

* كاتبة سعودية