-A +A
حمود أبو طالب
لم يكن قرارا سهلا آنذاك أن نترك المركز بعد تخرجنا وبداية عملنا كأطباء في مرافق كبرى لنعود إلى مناطقنا لكنه كان قرارا حتميا من وجهة نظري الشخصية، لأنها كانت بحاجة ماسة إلى أبنائها الذين يعرفون طبيعتها واحتياجاتها، ولو بقي الكل في المراكز لما استفادت بقية مناطق الوطن. كان ذلك قبل أكثر من ربع قرن، وكان عددنا قليلا جدا الذين عادوا إلى منطقة جازان وكنت من أولهم، وبعد اشتراكي في الإدارة الصحية للمنطقة كان الهم الأكبر هو كيفية استقطاب وإقناع الأطباء الجدد بالعودة إلى المنطقة دون وجود برامج تدريب معترف بها في التخصصات التي يرغبونها إضافة إلى وضع المنطقة التنموي آنذاك وغير ذلك من الأسباب والاعتبارات.

كانت المفاجأة أن كثيرا من الشباب تحمسوا للرجوع والمجازفة بالعمل حتى تبدأ برامج التدريب ولم تكن بدايتها سهلة لكن الله يسر الأمور لتصبح مشافي المنطقة مليئة بالأطباء الذين انخرطوا بحماس منقطع النظير في برامج التدريب وأصبحوا استشاريين في مختلف التخصصات.


تذكرت هذه الحكاية بعد أن ودعت العمل وودعت زملائي بمختلف أجيالهم قبل فترة قريبة، وبعد أن فاجأني أحد الزملاء في صحة جازان قبل أيام بصورة لرسالة من رئيس المجلس العلمي للطب الباطني بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية موجهة لمدير مستشفى الملك فهد المركزي بجازان تتضمن تهنئة وتحيات وشكر وتقدير المجلس للقائمين على مركز التدريب وكل الكوادر المشاركة في البرنامج بقسم الباطنة لتميزه على مستوى المراكز التدريبية في المملكة ودول الخليج العربي في امتحان الجزء الأول لبرنامج شهادة الاختصاص السعودية في الطب الباطني الذي عقد في 7 يوليو 2018.

لقد شعرت بفرح لا يوصف لهذا الخبر الذي أكد لي أننا كنا نراهن على جيل يعشق التفوق والتميز ويحمل الأمانة على أفضل وأكمل وجه. هذه هي جازان التي تقف صامدة على جبهة الوطن وتنثر الفل والعلم والتميز في كل أرجائه. مبروك يا شباب جازان، يا شباب الوطن الذي يفخر بكم.