-A +A
رشيد بن حويل البيضاني
الإدمان هو التعود على فعل عمل أو سلوك معين، بحيث يسيطر هذا العمل أو السلوك على الفرد، مما يجعله عاجزا عن الخروج من دائرة تأثيره، ومن ثم يصبح أسيرا له، بعد أن تمكن من مشاعره وأحاسيسه وأفعاله، وعلى هذا النحو، فإن الإدمان يمكن أن يكون لسلوكيات سلبية وأعمال مشينة، ويمكن أن يكون عكس ذلك تماما، إلا أن الكلمة في عصرنا قد ضاقت دلالتها – حسبما يقول علماء اللغة – وأصبح مقصورا على الجانب السلبي، كالمسكرات والمخدرات، وأضم إليها إدمان الهواتف الجوالة الذكية. نعم إدمان الجوال الذي لا يقل ضرره عن إدمان «الممنوعات»، بما له من تأثير سلبي على الإنسان، صحيا، وماديا، ومعنويا.

ويؤكد زعمي هذا تجربة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث وجدوا أن الذين يعتمدون على الهواتف الذكية بدرجة كبيرة، يشبهون المدمنين على المواد المخدرة، وقد أكدوا على أن هؤلاء الأشخاص يشعرون دائما بالقلق والعزلة والاكتئاب أكثر من غيرهم، وذلك لأنهم يقومون بشكل مستمر بمهام متعددة، الأمر الذي يمنح العقل قليلا من الراحة والاسترخاء، ويخصص جهدا أقل لكل مهمة من مهامهم الفردية، وقد نصح الباحثون هؤلاء المدمنين بالقيام بإغلاق الإشعارات، والاكتفاء بفحص البريد الإلكتروني فقط، واستخدام مواقع التواصل لفترات محددة دون المقاطعة للتركيز على المهام الأكبر والأكثر أهمية.


كثيرون منا يعلمون بعض هذه الحقائق، وربما يعانون من أعراض هذه الظاهرة الخطيرة صحيا واجتماعيا، ومع هذا يصرون على ممارساتهم مع تلك الهواتف، تماما كالمدمنين على المسكرات والمخدرات.

ونحن في هذه الأيام المباركات، عشر ذي الحجة، نلجأ إلى الله تعالى راجين منه أن يلطف بنا وبشبابنا، بل وبأطفالنا، وأن يشفينا من إدمان الجوال، بل وإدمان كل ما يضر ولا ينفع، إنه نعم المولى ونعم النصير.

وكل عام وأنتم غير مدمنين.